توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«صفقة القرن».. تغيرت الأشخاص والأدوار و«اللعبة واحدة»

  مصر اليوم -

«صفقة القرن» تغيرت الأشخاص والأدوار و«اللعبة واحدة»

بقلم - محمد صابرين

الشوارع العربية تبدو هادئة تترقب، ولا يقطع هذا الهدوء سوى احتجاجات قصيرة، وسرعان ما تصمت إلى حين. وهنا المشهد يجبر المرء على التساؤل: هل هذا هدوء حقيقى أم الهدوء الذى يسبق العاصفة؟ والسؤال الآخر الأهم: ومن قال إن اضطراب الشارع لا يحقق «فائدة قصوي» للقوى المتربصة؟. بل ربما «آلية لانتزاع» تنازلات والأخطر تقويض شرعية وإضعاف النظم العربية. وهنا فإن توقيت «صفقة القرن» المسمومة يحقق ذلك كله وربما أكثر، خاصة أنها قد تكون المفجر للغضب المكتوم بالشارع العربي. وأحسب أن علينا أن نحاول قياس «درجة حرارة» ما يعتمل فى النفوس ويهيج الضمائر، وينذر بأمور لانتمنى أن نراها. وبالتحديد موجة ثانية من الفوضي؟!

ولعل النقطة الأولى تتعلق بالوضع الاقتصادي، وهنا علينا أن نعترف باستمرار «اقتصاد الريع» و«الولاءات»، وتنامى الفساد، وذلك وسط مديونيات مرتفعة، وتعليم فاشل، وخدمات صحية عاجزة، وجهاز بيروقراطى مترهل، وجيوش من العاطلين. وإذا اقتربنا أكثر فإن تونس النموذج الأبرز لإفرازات «الربيع العربى» هى «تجربة اقتصادية» لم يكتب لها النجاح. ولم يعد سرا أن الوضع الاقتصادى صعب للغاية، والدولة معرضة للإفلاس فى غضون شهور قليلة، والأخطر أن دولة صغيرة بحجم تونس لم تتمكن من تقديم «قصة نجاح»، كما أن الغرب الذى احتفى بها كثيرا لم يقدم «الدعم المطلوب» حتى الآن. وإذا ابتعدنا قليلا سوف نرى أن المغرب هو أيضا يواجه ذات الأزمة الاقتصادية، وأن «الحراك الدينى» قد جرت مواجهته بأحكام قاسية وصلت إلى السجن 20 عاما. ولم تقدم الحكومة ـ ذات التوجهات الاسلامية ـ لجماعة بن كيران ورفاقه «الحلول الشافية» التى طالما بشروا بها. وأحوال الأردن ليست أحسن حالا، فالبلاد تعانى أزمة طاحنة.

وترى الخبيرة جاين كيننمونت» ـ نائبة كبير الباحثين ببرنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمركز شاثام هاوس البريطانى أن الأزمة الاقتصادية الحالية فى الأردن وليدة تراكمات من فشل اقتصادى مستمر منذ عقود، وأن الأردن لم يجر محاولات حقيقية لحل هذه المشكلات؟! وآخر الأمثلة الآن البحرين التى تعانى تراجع ثقة المستثمرين، وعجزا بالموازنة العامة بلغ 3.1 مليار دولار. وذكرت السلطات البحرينية أن السعودية والإمارات والكويت بصدد إعلان برنامج لتعزيز استقرار الأوضاع المالية بالبحرين. وأحسب أن الأزمة موجودة بمعظم البلدان العربية، ناهيك عن أوضاع سوريا وليبيا واليمن المأساوية والتى تلقى بظلالها على بقية دول الجوار ومنها مصر بالطبع. وتأتى النقطة الثانية من رحم الأزمة الاقتصادية عربيا التى كانت تخفف من وطأتها الدول النفطية خاصة دول الخليج والعراق وليبيا. ووفقا للمشهد الحالى فإن دول الخليج خاصة السعودية، والإمارات ـ تعانى تدنى أسعار النفط، وعجز الموازنة، وارتفاع انفاقها على التسلح لمواجهة التهديدات الأمنية، فضلا عن مصاريف «حرب اليمن». وفى اللحظة الراهنة تبرز السعودية، ودور ولى عهدها الأمير محمد بن سلمان. وتثير مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية بعض التساؤلات من خلال تقرير أخير لها ترى أن وضع بن سلمان الداخلى «ضعيف»، وتقول «إن ولى العهد السعودى يسعى إلى تغيير العديد من المظاهر المجتمعية فى بلاده، إلا أن الكثير من الخبراء يتساءلون عما إذا كان بإمكانه المضى قدما بقطار الإصلاح الهش داخل المجتمع المحافظ، وأهم ما حذر منه التقرير يتعلق بالاقتصاد السعودي، وتذهب المجلة إلى أن الاقتصاد هو الخطر الأكبر على مسيرة بن سلمان حيث تواجه السعودية وفرة فى الشباب الذين لا يمتلكون فرص عمل، ورافق ذلك انخفاض أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة مما أضر بميزانية الدولة». وهنا لابد من الانتباه إلى «التأثيرات الكبيرة» لعدم قدرة اقتصاديات دول الخليج على امتصاص المزيد من العمالة الوافدة بل ترحيل أعداد كبيرة منها، وأحسب أن واضعى السياسات فى شمال افريقيا عليهم أن يتحسبوا «لضغوط اقتصادية» اضافية.

وهنا نأتى إلى النقطة الثالثة فى المشهد وتتعلق بأن دول الجوار مثل تركيا وايران وإثيوبيا تعانى أزمة اقتصادية، واذا ركزنا على الحالة الايرانية فانها شهدت مظاهرات صاخبة تطالب مرشد الثورة الايرانية خامنئى بالتوقف عن المغامرات الخارجية. والانتباه إلى المشكلات الداخلية، ومعاناة المواطنين وتجار البازار ـ الذين يمثلون الطبقة الوسطى ، وصاحب ذلك انهيار قيمة الريال العملة الايرانية أمام الدولار الامريكى (من 42 ألفا ديال إلى 90 ألفا مقابل الدولار). حيث ان ايران تعانى حاليا من حالة حصار اقتصادى، وتبحث عن مخرج، وربما تجد ضالتها فى استغلال «صفقة القرن». وأحسب أن الأمر المؤكد أن طهران سوف تركب الموجة، وتشعل الشوارع العربية باتهامات «بالخيانة» و «بيع الأرض» و«تصفية القضية الفلسطينية»، وستحاول حماس وجماعة الاخوان وقطر وقناة الجزيرة استغلال الأمر أشد الاستغلال. ومثلما تجرى «حرب نفسية» من واشنطن ضد طهران، فإن إيران وحلفاءها سوف يختارون «حصار وتشويه» الدول العربية، وإلصاق أبشع التهم بها. والآن فإن المشهد يأخذنا إلى «النقطة الرابعة» إلى أصحاب القضية، وهى السلطة الفلسطينية التى ترفض، وحماس التى سوف تزايد، والأردن أصبح فى «حالة هلع». وليس أدل على ذلك من تحذيرات رئيس وزراء الاردن الأسبق طاهر المصرى من «تداعيات صفقة أمريكية منحازة تماما لاسرائيل»، متوقعا أن تكون على حساب مصالح أردنية حيوية، وفى الوقت ذاته أصدر تيار المتقاعدين العسكريين بالأردن بيانا يحذر فيه من تداعيات «صفقة القرن». ويبقى أن ما حاولنا التوقف أمامه هو شرح «خطورة اللعبة» التى يحاول الرئيس الامريكى دونالد ترامب واسرائيل أن تجرنا اليها من خلال «صفقة القرن»، فلا أحد سيقبل بالتنازل عن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، ولا أحد يجرؤ على التفريط فى حبة رمل من سيناء لصالح «غزة الكبري» والأردن لن يقبل بأن يكون «الوطن البديل» أو بصراحة «الدولة الفلسطينية» البديلة، والآن الساحة الدولية والاقليمية مليئة بالانتهازيين والمغامرين، والذين أدمنوا الخطأ فى اختيار «الحلفاء السياسيين»، وهؤلاء جميعا يذهبون إلى التقليل من الشارع العربي، ولايعتبرون «الرأى العام» رقما مهما فى المشهد السياسى العربي.. هؤلاء ربما بعيدون عن معاناة الشعوب العربية، ولايفهمون سيكولوجية هذه الجماهير، إلا أن الأمانة تقتضى التحذير من الاستخفاف أو إساءة قراءة حالة السكون الخادعة لأنها ربما تكون «السكون الذى يسبق العاصفة»، وربما يحاول البعض أن يدفعنا بأنفسنا لنفجر أوضاعنا بأيدينا، وللأسف تغيرت الأشخاص والأدوار واللعبة واحدة؟!

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«صفقة القرن» تغيرت الأشخاص والأدوار و«اللعبة واحدة» «صفقة القرن» تغيرت الأشخاص والأدوار و«اللعبة واحدة»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon