بقلم : عطيــة عيســوى
عندما يرتفع ثمن وجبة واحدة من الفاصوليا إلى ما يعادل 320 دولارا فى دولة إفريقية بينما لا يتعدى ثمنها دولارا واحدا و20 سنتا فى نيويورك يتضح مدى عمق أزمة الغذاء فى إفريقيا أغنى قارات العالم بالموارد الطبيعية، لكن عدم استغلالها الاستغلال الجيد وانعدام العدالة فى توزيع عائدها وتفشى الفساد والنهب والسلب وغياب المحاسبة وإنفاق بعض الحكام جزءا كبيرا من العائد على تعزيز قبضتهم على الحكم وحماية أنفسهم يزيد المسئولين والأثرياء ثراءً وعامة الناس والفقراء فقرا ويُبقى على القارة السمراء أفقر القارات. وفى حين يعانى نحو 224 مليون إنسان من سوء التغذية ومات مئات الآلاف جوعاً فى مناطق الصراع المسلح والجفاف رغم ما بذلته وكالات الإغاثة من جهود لإنقاذ حياتهم كشفت إحصائيات دولية أن حجم الثروات العائلية فى إفريقيا ارتفع من 105 مليارات دولار عام 2009 إلى 1500 مليار عام 2016.
«إحصائية الفاصوليا المثيرة للدهشة والأسف ذكرها برنامج الغذاء التابع للأمم المتحدة فى يوم الغذاء العالمى بعد مقارنة سعر الوجبة بدخل الفرد فى كل من جنوب السودان والولايات المتحدة موضحا أن وجبة الفاصوليا مع الأرز فى نيويورك تتكلف ستة من عشرة فى المائة من دخل الفرد اليومى بينما يزيد ثمنها إلى ما يعادل 155 مرة دخل الفرد اليومى فى جنوب السودان وكأنه بذلك يدفع 321 دولارا ثمنا للوجبة الواحدة فى بلد مثل كندا مما يؤكد وجود تفاوت صارخ فى تكلفة الطعام بين الدول النامية والمتقدمة. وحذر من أن تزايد انعدام الأمن الغذائى يؤدى إلى نزوح مزيد من السكان فى مناطق الصراع وتعرضهم للموت جوعا ما لم يتم الإسراع بإغاثتهم.
كما توقعت منظمة (أكابس) للأبحاث فى جنيف قبل خمسة شهور أن تتفاقم الأزمات الإنسانية فى إفريقيا خلال هذا العام مع استمرار الحروب الأهلية وبلوغ مناطق تُمزقها الصراعات حافة المجاعة وتصاعد العنف على أساس دينى خاصةً فى الكونغو- كينشاسا وإفريقيا الوسطى ومالى والصومال وإثيوبيا وجنوب السودان وشمال شرق نيجيريا.أما منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) فأعربت عن قلقها لتزايد عدد الذين يعانون من سوء التغذية فى إفريقيا من 200 مليون إلى 224 مليونا بين عامى 2015 و2016 ومن تفاقم مشكلة انعدام الأمن الغذائى وقالت إنه حتى لو توافر الغذاء سيكون بأسعار تفوق إمكانات السكان ولا يصل إلى الذين هم فى مناطق النزاعات.
بحلول عام 2050 من المتوقع أن يرتفع عدد سكان إفريقيا إلى 2.5 مليار نسمة أى أكثر من ضعف عددهم حاليا وأن يمثلوا نحو 40% من سكان العالم وقتها، مما ينذر بتزايد أعداد الجوعى وسوء التغذية والصراع من أجل البقاء إذا استمرت الأحوال على وتيرتها ولم تنجح الحكومات فى كبح الصراعات المسلحة والتركيز على وسائل زيادة انتاج الغذاء والاستغلال الأفضل لموارد المياه والتربة الخصبة غير المستغلة جيداً أو غير المستغلة أصلا وتحسين حالة الطرق التى تتسبب فى تلف 30% من المحاصيل والفواكه والخضراوات قبل وصولها إلى الأسواق فى كثير من الدول الإفريقية. فقد حذرت منظمة الصليب الأحمر الدولى من أن نصف سكان إفريقيا الوسطى يحتاجون إلى مساعدات إنسانية حيث اضطر 20% منهم إلى الفرار من مساكنهم وأصبح كثيرون منهم غير قادرين على الحصول على الغذاء أو المأوى بسبب أحداث العنف الدائرة منذ سنوات.
أما فى جنوب السودان فأوضحت تقديرات المجلس النرويجى للاجئين أن 6 ملايين يواجهون الموت جوعا وسينضم إليهم مليون آخرون بنهاية يوليو المقبل بسبب الحرب الأهلية. وفى نيجيريا يحتاج نحو 8.5 مليون إلى مساعدات إنسانية نتيجة هجمات جماعة بوكو حرام الإرهابية فى الشمال الشرقى مع وجود مشكلة كبيرة هى أن نصف المساعدات لا تصل إلى المحتاجين إما بسبب العنف أو النهب.وفى الكونغو- كينشاسا يواجه نحو 400 ألف طفل خطر الموت جوعا فى إقليم كاساى وحده بعد أن هربوا من العنف الطائفى إلى الأحراش ومات بعضهم فعلا وفقا لمنظمة اليونيسيف التى أعلنت أيضا أن 4 ملايين كونجولى يحتاجون لمساعدات عاجلة. ونظمت الأمم المتحدة مؤتمرا فى جنيف خلال إبريل الماضى لجمع مساعدات لنحو 13 مليون كونجولى من بينهم مليونا طفل يعانون من سوء التغذية وأربعة ملايين ونصف مليون مشرد ولكن للأسف قاطعته الحكومة واصفةً تقديراتها لعدد المحتاجين بالمبالغ فيها.
الفاو واليونيسف وبرنامج الغذاء وجهوا نداءً مشتركا لجمع 600 مليون دولار لمواجهة أزمة الغذاء التى تؤثر على 5 ملايين إنسان فى دول الساحل الإفريقي(بوركينا فاسو ومالى والنيجر وتشاد وموريتانيا) منهم مليونان فى بوركينا فاسو وحدها بسبب الجفاف والصراعات المسلحة. أما فى إثيوبيا فأعلنت الأمم المتحدة قبل عشرة شهور أن 7.8 مليون إثيوبى سينفد مخزون مساعدات الطوارئ الخاصة بهم خلال شهر لكن الحكومة وصفت الرقم بأنه مبالغ فيه وقالت إن المساعدات ستنفد عن 1.7 مليون فقط وكأنه عدد لا يستحق. وفى كينيا تضاعف عدد المحتاجين إلى مساعدات بسبب الجفاف إلى 3 ملايين فى العام الماضى وفقا للصليب الأحمر الدولي.
نقلًا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع