توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا مواجهة إيران الآن؟

  مصر اليوم -

لماذا مواجهة إيران الآن

بقلم : د. هالة مصطفى

 بعد طول انتقاد للاتفاق النووى مع إيران، الذى وصفه بأنه الأسوأ فى التاريخ، والتهديد المستمر بإلغائه، اتخذ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قراره فعليا بالانسحاب المنفرد منه، دون تنسيق مع حلفائه الأوروبيين شركائه فى الاتفاق المعروف بـ5+1، أى الأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، ليستعيد مرة أخرى سياسة العقوبات التى رُفعت بموجب هذا الاتفاق، ولينقلب بذلك على سياسة الاحتواء التى اتبعها سلفه باراك أوباما، التى أنهت الحصار والعزلة الدولية التى عاشتها طهران لعقود.

تحتل إيران موقعا محوريا فى إستراتيجية الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط والخليج، كانت من أقرب الحلفاء فى زمن الشاه وتحولت إلى ألد الأعداء بعد ثورة الخومينى 1979 وأصبحت رقما صعبا لرسم سياستها فى المنطقة بحكم إصرارها على تصدير ثورتها خارج حدودها من ناحية، وقيادتها لما سمى بمعسكر المقاومة أو الممانعة ضد عملية السلام العربية الإسرائيلية من ناحية أخري. فى الثمانينيات، ولأن عراق صدام حسين (على ما كان بينه وبين النظام الإيرانى من تناقضات) صُنف فى نفس خانة الممانعة وأُعتبر عقبة فى سبيل تحقيق السلام الإقليمي، فقد اتبعت واشنطن معهما سياسة الاحتواء المزدوج، التى تقوم على إضعاف الطرفين معا باستغلال المنافسة والصراع بينهما إلى الحد الأقصي، ولذلك دعمت سرا كلا منهما فى الحرب العراقية الإيرانية التى استمرت ثمانى سنوات وانفجرت بعدها فضيحة إيران ــ كونترا، التى كشفت عن تورط الإدارة الأمريكية وقتئذ فى إمداد الجانب الإيرانى بالسلاح مثلما حدث الشيء نفسه مع الجانب الآخر من خلال طرف ثالث، لكن بسقوط النظام فى العراق خرج من المعادلة وبقيت إيران المعضلة الكبري، التى تراوحت السياسة حيالها بين المواجهة والمهادنة دون استقرار على صيغة واحدة، ولاشك أن أوباما فضل الخيار الأخير، عندما سعى لتغيير قواعد السياسة الخارجية لبلاده فى التعامل مع الحلفاء والأعداء، فوقع مع إيران الاتفاق النووى وطالب السعودية، بإيجاد صيغة للتعايش واقتسام النفوذ بينهما فى المنطقة.

باختصار، حققت فترة أوباما انتصارا كبيرا لإيران، أما الإدارة الحالية لترامب فتقف على الضفة الأخرى من النهر، إذ تعود إلى الانحياز لحلفائها التقليديين، وترى أن مهادنة إيران لم تؤد إلى احتواء حقيقى لها سواء من ناحية التسلح، حيث طورت صواريخها الباليستية بعيدة المدي، الذى أغفله الاتفاق واستهدفت به الرياض فى اعتداءات متكررة، أو من الناحية السياسية، أى أدت إلى نتيجة عكسية، فأطلقت يدها فى المنطقة، لتستمر فى سياستها الداعمة والمصدرة للإرهاب، وفرض هيمنتها على كثير من دول المنطقة من العراق إلى لبنان وسوريا واليمن وفى غزة أيضا من خلال حركة حماس، ولم تحقق استقرارا فى الخليج بل وضعته على حافة حرب واسعة، وأن الأموال المُفرج عنها لم يستفد منها الشعب الإيراني، وإنما أنفقت على مغامرات النظام الخارجية خاصة الحرس الثوري، ذراعها الطويلة فى المنطقة، وازداد النظام استبدادا وتمكن من قمع حركة الاحتجاج الكبرى التى اندلعت منذ شهور، لكن الأهم من وجهة نظرها، أنه لم يجعلها أكثر اعتدالا فيما يتعلق بعملية السلام، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجزء الأول من صفقة القرن، يعتمد على إخضاع النظام الإيرانى والحد من مشروعه العدوانى التوسعى فى المنطقة لتمهيد الطريق لتسوية الصراع العربى الإسرائيلي، وهو ما جعل إسرائيل فى قلب المواجهة مع إيران، ومن هنا جاء هجومها المباشر على البنية الأساسية لقواعدها الصاروخية المتمركزة فى سوريا، لكن هذه الحرب الخاطفة التى شنتها إسرائيل جاءت أيضا قبل أيام من تنفيذ قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهى خطوة أخرى ضمن نفس الصفقة، والتوقيت لا يمكن أن يكون محض مصادفة.

وبغض النظر عن مزيد من التفاصيل، فالخلاصة أن الضغوط على إيران ستستمر ولن تقف عند حد العقوبات الاقتصادية وإنما ستشمل الأعمال العسكرية أيضا، والأغلب أنها ستدور على الأراضى السورية فى هذه المرحلة.

يبقى الموقف الأوروبي، الذى يبدو ملتبسا ومتأرجحا، ففرنسا وبريطانيا وألمانيا، أعلنت فى البداية رفضها للقرارالأمريكى بالانسحاب من جانب واحد من الاتفاق، ولكن السؤال هل يمكن أن تعول طهران على هذا الموقف وحده ليكون طوق النجاة؟ وهل تصل الأمور بين الجانبين (الأوروبى والأمريكي) إلى حد الصدام.

الواقع يشير إلى أنه ليست هناك خلافات جوهرية أو مبدئية فى النظرة إلى نظام الملالي، ولكنها فقط المصالح التجارية للشركات العملاقة لهذه الدول التى استثمرت فى إيران بعد رفع العقوبات عنها، والتى ستتأثر حتما بإعادة فرضها، وتلك مهما تعاظمت لن تُحل إلا بالتوافق والتسويات، فلم تُعرف أمثلة لصدام أوروبى أمريكى حقيقى لهذا السبب أو لغيره، بل قد ينتهى الأمر بتوزيع الأدوار لدفع إيران إلى تقديم المزيد من التنازلات، وهذا هو جوهر الوساطة التى يقوم بها الرئيس الفرنسى الآن، والتى لم يعارضها نظيره الأمريكى لأن الهدف كما قال هو إدخال تعديل جوهرى على الاتفاق وليس إلغاءه، والأكثر من ذلك أن قيادات الدول الثلاث سارعت بالإعلان عن موقفها الداعم لإسرائيل وحقها فى الدفاع عن نفسها فى مواجهة إيران.

نفس الشيء ينطبق على روسيا التى أكد رئيس الوزراء الإسرائيلى أثناء زيارته لها الأسبوع الماضي، أن العملية العسكرية الأخيرة تمت بإخطار مسبق معها، ومعروف أن ما يهم موسكو هو تثبيت أقدامها ووجودها العسكرى فى سوريا وشواطئ المتوسط وليس حماية حليفها الإيرانى أو التضحية بمصالحها من أجله.

لقد انطلقت الشرارة الأولى فى المواجهة مع إيران ولن ترجع إلى المربع رقم واحد، حتى وإن انتهى الأمر بتعديل الاتفاق، لأنه هذه المرة سيضمن التحجيم الفعلى لسياساتها، وربما اتسع نطاق العمليات العسكرية للغرض ذاته، لكن فى كل الأحوال لن تعود الأمور كما كانت.

نقلا عن الأهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا مواجهة إيران الآن لماذا مواجهة إيران الآن



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon