توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حول قانون القومية العنصرى

  مصر اليوم -

حول قانون القومية العنصرى

بقلم - نيفين مسعد

فى التاسع عشر من يوليو الحالى أقر البرلمان الإسرائيلى قانون قومية الدولة ليزيد به فى تكريس الطابع العنصرى الذى لازم إسرائيل منذ نشأتها وحتى اليوم. وهكذا فبعد سياسة التوسع الاستيطانى الممنهج على حساب الأراضى الفلسطينية المحتلة، وبعد بناء الجدار العازل وتحويل البلدات الفلسطينية لمجموعة من الكانتونات المتناثرة، و بعد التمييز ضد العرب تمييزا فجًّا يطول كل مناحى الحياة، وبعد استهداف المسجد الأقصى بشتى وسائل التخريب، بالإضافة للتحكم فيمن يحق لهم الصلاة فيه ومن يُحرَمون من أداء الشعائر، ها هو قانون القومية يأتى ليجعل فلسطين العربية أرضا حصرية لليهود. انتقل نتانياهو من الترويج ليهودية الدولة واشتراط الاعتراف بها قبل أى تسوية مع الفلسطينيين إلى تمرير قانون القومية الذى أخرج مقولة أن اليهودية دين وقومية من حيّز الأساطير إلى نطاق الواقع.

لم يترك قانون القومية أيا من القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية إلا وضربها فى مقتل من أول قرار التقسيم الشهير الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نوفمبر 1947، وحتى قرار الجمعية العامة فى ديسمبر 2017 الذى أكد بطلان أى إجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس أو مركزها أو تركيبتها السكانية. ينص القانون على أن أرض إسرائيل هى الوطن التاريخى للأمة اليهودية أى ينفى ابتداء الحق العربى فى أرض فلسطين، ويعطى يهود إسرائيل وحدهم الحق فى تقرير المصير وهذا يخالف مبدأ راسخا من مبادئ ميثاق الأمم المتحدة عن حق الشعوب الخاضعة للاستعمار فى تقرير مصيرها، ويجعل القدس الكاملة والموحدة عاصمة لإسرائيل لا فارق فى ذلك بين القدس الغربية والقدس الشرقية، ويفتح باب الهجرة لإسرائيل أمام اليهود وحدهم ويُحمِّل الدولة مسئولية تجميع شتات اليهود فى الخارج وتعزيز المستوطنات الإسرائيلية فى أراضيها وتوفير الموارد لذلك مما يعنى قضم المزيد من الأراضى الفلسطينية وتبديد حلم العودة من الناحية العملية، ويشير إلى أن العبرية هى لغة الدولة وأن اللغة العربية لها مكانة خاصة وهذا تعبير فضفاض لا موضع له فى الدول الديمقراطية التى تعيش فيها أقليات قومية كبيرة العدد. ثم بعد كل ما تقدم يأتى القانون ليقرر أن أى نزاع قضائى تتم تسويته وفقا لمبادئ الحرية والمساواة والعدالة والسلام المستمدة من القانون المدنى اليهودي!.

نحن إذن أمام نقلة نوعية جديدة وخطيرة فى مسار الصراع العربى -الإسرائيلي، هذه حقيقة، لكن من الحقائق الأخرى أن القانون المذكور تم تمريره فى الكنيست بأغلبية ليست كبيرة ففى مقابل موافقة 62 عضوا على القانون عارضه 55 وامتنع اثنان عن التصويت. ودلالة هذا أن المزيد من عنصرية الليكود كفيلة بتفجير التناقضات الداخلية الإسرائيلية، ومن يقرأ أعمدة ومقالات عدد من الكتاب الإسرائيليين فى صحف مثل «هاآرتس» يلمس هذه الحقيقة بجلاء، فهذا حيمى شليف يعقب على قانون القومية بمقال عنوانه «إسرائيل البلطجية تنتقل إلى الجانب الظلامى» وفيه ينتقد لا ديمقراطية القانون ويوضح آثاره المدمرة على سمعة إسرائيل حتى فى أوساط اليهود الأمريكيين. وهذا «دانييل» برانبويم يكتب فى الصحيفة نفسها مقالا بعنوان لماذا أخجل من كونى إسرائيليا؟ يدين فيه تحويل العرب فى إسرائيل إلى مواطنين من الدرجة الثانية ويقر بأن ذلك شكل واضح وصريح جدا من الفصل العنصري. إن إسرائيل دولة التناقضات، التناقض بين أصول المهاجرين اليهود وأوضاعهم المعيشية، والتناقض بين العرب واليهود، والتناقض بين الأرثوذوكسية الصهيونية والتيارات المدنية، والتناقض بين الشعارات المرفوعة والممارسات الفعلية، وقد تنبأ عالم السياسة الكبير الدكتور حامد ربيع منذ سبعينيات القرن الماضى بأن هذه التناقضات هى مكمن الخطر الحقيقى على إسرائيل.

لكن المعركة هى معركة العرب قبل أن تكون معركة داخلية إسرائيلية، وهناك مجالات تحتاج إلى تحرك سريع عربى وفلسطينى لكشف عنصرية قانون القومية فى الجمعية العامة للأمم المتحدة وفى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصرى وأمام محكمة العدل الدولية. وعلى الرغم من أن الدعم الذى تلقته القضية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة سواء على مستوى الأمم المتحدة أو على مستوى عدد من برلمانات العالم أو عبر نشاط حركة مقاطعة منتجات المستوطنات لم يُغَيِّر الواقع على الأرض بسبب الخلل فى توازنات القوة، لكن هذا الدعم زاد فى العزلة الدولية لإسرائيل والولايات المتحدة وكان محرجا لكليهما إلى حد تهديد ترامب بقطع المساعدات والمعونات عن الدول التى ترفض موقفه من القدس، وإلى حد وصف «نيكى هيلى» تصويت 14 عضوا فى مجلس الأمن لصالح مشروع القرار المصرى عن القدس بأنه إهانة لن ننساها أبدا. على الجانب الآخر فإن تمسك الشعب الفلسطينى بحقه المشروع فى مقاومة الاحتلال يمثل ضغطا حقيقيا على إسرائيل، ولا ننسى أن بعضا من التحولات المهمة فى مسار الصراع جاء فى أعقاب انتفاضات فلسطينية.

يظن بنيامين نتانياهو أن قانون القومية كفيل بأن يضفى الشرعية على السياسات العنصرية، أما التاريخ فإنه يفيد بأن الواقع كفيل بإسقاط الشرعية عن كل القوانين المماثلة، ولنا فى تجربة جنوب إفريقيا دروس وعِبَر.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول قانون القومية العنصرى حول قانون القومية العنصرى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon