توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معركة سوريا الأخيرة

  مصر اليوم -

معركة سوريا الأخيرة

بقلم - نيفين مسعد

بعد ثلاث سنوات من التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، هاهو أحد أعقد صراعات الربيع العربى يوشك أن يضع أوزاره الميدانية. يعود الفضل فى ذلك إلى الإستراتيچية الذكية التى اعتمدها فلاديمير بوتين فى التعامل مع الصراع السورى والقائمة على مجموعة من المرتكزات، أولها تجزئة هذا الصراع إلى عدة ساحات للعمليات والبدء بتحقيق تقدم عسكرى فى كل منها، يتبع ذلك خفض التوتر بإبرام هدنة مع الفصائل التى تقبل بها مع توفير ممر آمن لنزوح المدنيين والمسلحين الراغبين فى المغادرة. وثانيها تكوين تحالف مع القوى الإقليمية ذات التأثير المباشر على الأرض واستحداث مسار مواز لمسار چنيڤ. وثالثها تحقيق توازن مرن بين المصالح المتضاربة لكل الأطراف بما فى ذلك الطرف الإسرائيلي. وهكذا فبعد أن فقد بشار الأسد سيطرته على مساحة واسعة من الأرض واضطر للحديث عن سوريا المفيدة، هاهى المعارضة المسلحة تتحول إلى جيب كبير فى محافظة إدلب مع بعض البؤر المحدودة المتاخمة لها.

تعد معركة إدلب هى ثانى أكبر معارك الصراع السورى بعد معركة حلب، فإدلب إذا جاز التعبير تحولت إلى مكّب لآلاف العناصر المسلحة النازحة من مختلف أنحاء سوريا. لكن معركة إدلب التى يجرى الإعداد لها تدور فى سياق يختلف عن السياقين الدولى والإقليمى اللذين أحاطا بمعركة حلب. فعلى الرغم من قوة التحذيرات الدولية من الكارثة الإنسانية المُحتملة فى الحالتين، إلا أنه يمكن التقاط بعض المؤشرات التى تنم عن تفهم مبررات الهجوم على إدلب على نحو لم يشهده التحضير لمعركة حلب، فهاهو ستيفان دى ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا يتحدث عن وجود عدد كبير من المسلحين الأجانب فى إدلب بينهم ما يقدر بنحو عشرة آلاف إرهابى ينتمون لجبهة النصرة وتنظيم القاعدة، وهاهو دونالد ترامب الرئيس الأمريكى يسجل فى واحدة من أحدث تغريداته أنه لا يجب على الرئيس بشار الأسد مهاجمة إدلب بتهور. يتضح إذن أنه فى ظل وجود هذا العدد الضخم من الإرهابيين فى إدلب، ومع تمسك جبهة النصرة بعدم إلقاء سلاحها، تصبح القوة العسكرية هى الخيار الوحيد للتعامل معها بشرط تجنب الأسلحة الكيماوية وتقليل الخسائر الإنسانية. وعلى المستوى الإقليمى هناك تغير مهم فى موقف تركيا بتصنيف النصرة جماعة إرهابية بعد السكوت الطويل عنها نتيجة المصالح المتبادلة بين الطرفين. هذا التغير اضطرت إليه تركيا تحت تأثير عاملين: الضغط الدولى على النصرة وبالتالى حاجة تركيا لترك مسافة معها من جهة ، والخلاف مع الولايات المتحدة مما يُعَظِّم من قيمة التعاون التركى مع روسيا من جهة أخري. بطبيعة الحال تعارض تركيا الهجوم العسكرى على إدلب كما سبق أن عارضت الهجوم العسكرى على حلب، فالوضع الراهن فى إدلب يحقق لها نفوذا كبيرا على الأرض ويُوفر عمقا أمنيا لوجودها فى عفرين، لكن فى مواجهة الإصرار الروسى والإيرانى أيضا على مكافحة الإرهاب تكون خيارات تركيا محدودة.

لن تكون معركة إدلب قصيرة الأجل، ليس فقط بسبب الكثافة السكانية للمحافظة وتداخل مناطق نفوذ الجماعات المسلحة فيها ووجود امتدادات لتلك الجماعات خارج حدود المحافظة (كما فى الريف الشمالى لحلب)، لكن أيضا لأن هذه المعركة يُفتَرَض أن تكون هى المعركة الأخيرة ، وفى هذا النوع من المعارك تحشد كل الأطراف أوراقها لتعظيم مكاسبها. ستستخدم تركيا ورقة المعابر الحدودية للمدى الأبعد، إذ يعنى تسليمها السهل للنظام أن يتم تجريد تركيا من أحد مصادر قوتها، وهذه النقطة بالذات هى التى تبقى على شعرة معاوية بين تركيا وبين النصرة. وستستثمر إيران علاقتها بالنظام, هذه العلاقة التى تَعمَق بُعدُها العسكرى قبل أيام بالاتفاق المُوَقّع ببن البلدين، ولا ننسى أن المشاكل التى تواجهها إيران فى العراق تجعلها أحرص ما تكون على تأمين وضعها فى سوريا. وستوظف الولايات المتحدة الورقة الكردية، فهذه الورقة هى المبرر المعلن للوجود الأمريكى فى سوريا، لكنها أيضا الورقة التى تعقد علاقة تركيا بالولايات المتحدة أكثر مما هى معقدة، فإذا كانت الولايات المتحدة قد دخلت سوريا لحماية الأكراد فإن تركيا دخلت لتقليم أظافرهم. أضف لهذا التبارز بأوراق الضغط بين القوى المؤثرة فى المشهد السوري، أن حسم معركة إدلب يعنى إثارة قضية مستقبل المسلحين الأجانب ، وهناك دول مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا طوّرت آلية للعدالة الانتقالية للتعامل مع هذه القضية، لكن دولا أخرى كثيرة ليست لها تلك الآلية بعد، فماذا يكون مصير هؤلاء؟ .ثم إنه لامفر من أن تفضى المعركة لنزوح الآلاف من إدلب ، وهذا عبء يتحاشاه الجميع خصوصا تركيا الأقرب لمسرح العمليات، وقد سبق أن أضر هذا الملف بمصداقيتها بعد إطلاقها النار على النازحين السوريين من عفرين وهى ليست فى وارد تكرار التجربة. وهناك مل ف إعادة الإعمار: من يعمر ماذا وقبل انطلاق المسار السياسى أم بعده؟..

هكذا فحين بدأ المقال بأن الصراع السورى على وشك أن يضع أوزاره الميدانية فإنه يقصد أن الصراع وصل إلى ساحته الأخيرة لكنه سيمكث فيها اسابيع وربما شهورا، فكل من شارك فى هذا الصراع حاضر فى حلبة إدلب لتحديد موقعه فى سوريا الجديدة، والأهم من ذلك هو جعلها سوريا المفيدة لمصالحه.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة سوريا الأخيرة معركة سوريا الأخيرة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon