توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب!

  مصر اليوم -

معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب

بقلم : هدى الحسيني

إنها أيام حرجة يمر بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ فهو يواصل توسيع سيطرته على سوريا بعد نجاح قواته في استعادة السيطرة على الجنوب. وخاتمة استيلاء قواته على إدلب، أي المرحلة الأخيرة في عملية الإطاحة بالمتمردين في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية في قلب سوريا وإخراجهم من دمشق وحلب وحمص نحو الضواحي لها أهمية رمزية؛ ذلك إن استعادة السيطرة على منطقة دمشق ستمكّن النظام السوري من تسريع جهوده للتعامل مع القضايا الداخلية حتى قبل أن تستقر سوريا بأسرها.

واحدة من القضايا الداخلية العاجلة التي يتعين على الأسد التعامل معها هي انتشار التشيع في سوريا؛ فهذه تشكل تهديداً مباشراً لمؤسسات الحكومة السورية العلمانية، وبالتالي يجب أن تكون مصدر قلق كبير للقيادة السورية. وعلى الرغم من حقيقة استمرار الأسد في رؤية إيران شريكاً استراتيجياً، ويعتمد عليها في الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي، فمما لا شك فيه أنه يودّ الحد من الوجود الإيراني في بلاده، وبخاصة بالنظر إلى التقارير المقلقة، التي لا تتردد وسائل الإعلام السورية المحلية في الحديث عنها، والمتعلقة بترسيخ الثقافة الشيعية الدينية في سوريا.

بدأت الرئاسة السورية تدرك مدى هذه الظاهرة، ويعتقد البعض أن نطاقها أوسع مما تم الكشف عنه صراحة حتى الآن. أصبحت الطريقة واضحة: الحصول على الدعم الشعبي من أجل تجنيد المواطنين وتحويلهم إلى شيعة. تكشف وسائل الإعلام السورية أن إيران تبني المدارس الدينية، والحسينيات، فضلاً عن العيادات الصحية والمستشفيات الميدانية، ومكاتب منظمات الإغاثة في مناطق مختلفة من سوريا. ويؤكد إعلان صادر عن المجلس الأعلى للقبائل في سوريا (المجلس العالي للعشائر والقبائل السورية)، أن إيران تركز على السكان الفقراء وغير المتعلمين، وتكسبهم من خلال تقديم المساعدة ودفع مرتبات ما بين 300 و800 دولار لأولئك الذين ينضمون إلى الميليشيات الشيعية.

ووصف أحد التقارير ست قواعد عسكرية في سوريا بناها الحرس الثوري الإيراني لتجنيد الصغار في دير الزور وفي شمال غربي دمشق. وقال أحد المجندين، إن رجل دين شيعياً تجول في أنحاء المنطقة ووعد بدفع راتب 300 دولار، بالإضافة إلى الطعام لأولئك الصغار الذين ينضمون إلى معسكرات التدريب. في المخيمات خضع الصغار لدورة مكثفة لمدة 40 يوماً شملت التدريب على الأسلحة الخفيفة، والآيديولوجيا، والدين والتحريض ضد السنة وضد دول الخليج. وتشير التقديرات إلى أنه تم تجنيد ألف منهم، لكن البيانات قد تكون غير صحيحة، والرقم أعلى بكثير.

ووفقاً لشهادات محلية، فقد قام 250 منهم، من بلدات الميادين والبوكمال بالتسجيل في المدارس الإيرانية لتعلم اللغة الفارسية والفقه الشيعي، وكذلك أنشأت قوات «فيلق القدس» مركز تجنيد في الميادين، حيث انضم العشرات من الشباب بسبب ظروف معيشية متدهورة.
وبغض النظر عن القطاعات الفقيرة وغير المتعلمة والشبابية، بدأت إيران بالتركيز على قطاع مهم آخر: النساء العزَبات والأرامل؛ إذ تحاول إيران الحصول على تعاطف عسكر النظام، والمرتزقة من بلدان أخرى، عن طريق ترتيب زيجات. يتم سَن الزواج من خلال اتفاق بين رجل وامرأة وهو ملزم قانوناً. ووفقاً لتقارير مختلفة، هناك في سوريا 20 مكتباً سرياً يعطي الإذن بهذه الاتفاقات، وتدير المكاتب ميليشيات شيعية تهدف إلى توسيع نطاق هذا النمط. وحسب تلك التقارير، تحاول إيران إغراء العائلات بإرسال بناتها إلى مكاتب الزواج من هذا النوع بوعود بأنهن سيتزوجن وفقاً للشريعة الإسلامية الصحيحة. ولاحقاً يتم إرسال الفتيات إلى مناطق بعيدة عن عائلاتهن ومعارفهن.

من أجل تعزيز التشيع في سوريا، تستخدم قوات «فيلق القدس» كل مواردها في المعركة الدينية التي تتزايد زخماً وتوسعاً.

من جهته، يستخدم «حزب الله» سيطرته على جنوب سوريا، وهي منطقة يسكنها الدروز، لنشر الفكر الشيعي بين الناس. منذ اندلاع الحرب في سوريا يعاني السكان الدروز من ظروف مالية قاسية، وتزعم مصادر محلية أن «حزب الله» يستغل هذه الصعوبات. وكقاعدة عامة، هناك علاقة مباشرة بين الوجود الفعلي للميليشيات الشيعية الأجنبية وتسريع التحول إلى الشيعة. وحيثما توجد القوات الشيعية سيتم تشجيع السكان السوريين على التشيع.

كل هذه الأمور ليست بريئة. فالإيرانيون يخططون كل شيء، ويقومون بالحسابات تفصيلياً. إنهم يستخدمون الخداع للاستفادة من أضعف الجماعات السكانية في سوريا، كما يستغلون غض طرف النظام السوري عن الأمر.

قبل فترة نشر المجلس الوطني للمعارضة الإيرانية تقريراً حول مراكز في سوريا تعمل كمؤسسات دينية وتعليمية يشرف عليها مباشرة مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي. وهذا يعني أن تشييع سوريا هو هدف كبار المسؤولين المخططين في إيران، الذين يعتقدون أن الاحتلال الثقافي هو عامل مهم في الترسيخ في سوريا. إن الترسيخ الديني إضافة إلى ترسيخ البنية التحتية العسكرية والاقتصادية ينقل رسالة واضحة للأسد: نحن هنا لنبقى.

لدى خامنئي واللواء قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» خطط جادة لمواصلة وجودهما في سوريا على المدى الطويل، وتواصل إيران تعزيز وضعها كقوة إقليمية بكل الطرق الممكنة.

وعودة إلى القصر الرئاسي، إنه وقت حاسم للأسد. لأنه بعد أن استقر نظامه وأصبح أقوى، لم يعد بإمكانه تجاهل الأشياء التي كان يتجاهلها خلال السنوات القليلة الماضية. إن النشاط الديني الإيراني في مواجهة السكان المحليين هو بمثابة جريمة كبرى غير مشروعة تقوض السيادة السورية، وبالتالي على الرئيس السوري أن يقدم استجابة لا لبس فيها؛ فدمشق، عاصمة الأمويين، لن تتسامح مع محاولات التشيع في سوريا. وتشير تقارير مختلفة إلى أن الأسد أصدر تعليماته للمسؤولين بإغلاق مدرسة «البصيرة» في حلب، حيث درس عشرات الآلاف من الناس مبادئ الشريعة الدينية الشيعية الفارسية. وكما علق مراقبون، فإن هذه خطوة مهمة في التوازن الدقيق للمصالح بين دمشق وطهران، لكنها ليست بكافية. إن جرأة سليماني لنشر الآيديولوجيا الشيعية الفارسية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الأسد هي دعوة استيقاظ لكبار مسؤولي النظام السوري.

لقد تعب المواطنون السوريون من حروب دموية مدمرة، ويبحثون عن الأوضاع الطبيعية بغض النظر عمن يقدمها. طوال سنوات الحرب المستمرة كان الشعب السوري هو الذي دفع الثمن الأعلى. وظل هذا الشعب نفسه اعتباراً ثانوياً في صراعات السلطة الداخلية في البلاد عبر معارك ما بين الأسد والثوار في جميع أنحاء سوريا، وبين إيران وتنظيم «داعش» على الحدود السورية - العراقية، وما بين الأكراد وتركيا على الحدود السورية - التركية. ويجب ألا ننسى الدور الروسي في الداخل، والإيراني بميليشياته المتنوعة، إضافة إلى قوات «الحرس الثوري»، حتى لو أصرت إيران على تسمية كل هذه القوافل «مستشارين» طلبتهم القيادة السورية.

لقد عانى الشعب السوري كثيراً من الجميع، لكن اليوم صارت له أهمية في المعركة الأهم، إنها المعركة من أجل هوية سوريا التي لا تزال تعرف بقلب العروبة!

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب معركة التشيع الإيراني في سوريا بدأت من حلب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon