توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جبران باسيل: خصوصيّات ومقارنات

  مصر اليوم -

جبران باسيل خصوصيّات ومقارنات

بقلم: حازم صاغية

لا بدّ من الاعتراف بأنّ وزير خارجيّة لبنان هو اليوم نجم السياسة اللبنانيّة. بالتصريح. بالخطابة. بالحيويّة التي تدبّ فيه. باصطناع مناخ من هستيريا جماعيّة. بالتحريض على اللاجئين... إنّه في الدولة وزير أعلى، وهو في المجتمع الصوت. سواه الصدى.
التواصل الاجتماعي أعطاه منبراً فعّالاً للكشف عن تواضعه. غرّد مؤخّراً: «لتكن سوريا أول الحلول، ولنبدأ بعلاج الجرح السوري وختمه نهائياً لأن لائحة مشاكلنا طويلة وصعبة، فليبيا واليمن تنتظراننا وعلينا المبادرة، وفلسطين على شفير الضياع وعلينا المبادرة، والسودان والجزائر ليسا بأفضل الأحوال». هموم العالم إذن تجلس في غرفة انتظاره.
بقليل من المبالغة بات يمكن القول: ما تحدّث لبنانيّان إلاّ كان ذكر جبران باسيل ثالثهما. ضجيجه يذكّر بزعماء شعبويين في العالم. هؤلاء من شروط زعامتهم إثارة الصخب، وإبقاء الأعصاب مشدودة، وإرفاق السياسة بالتعبئة. العاديّة خطر على زعامتهم. الاستثناء هو البحيرة التي يسبحون فيها.
مراقبون ومعلّقون، من مُريديه ومن نقّاده، لاحظوا أوجه شبه بين باسيل وكلّ من الرئيس الراحل كميل شمعون، الذي حكم بين 1952 و1958 واختُتم عهده على حرب أهليّة محدودة، والرئيس المنتخب بشير الجميّل الذي اغتيل بُعيد انتخابه للرئاسة في 1982: الثلاثة مثّلوا مسيحيّة قصوى في السياسة وخاطبوا قاع الوجدان المسيحي من موقعهم في الدولة ومن خارجه. هكذا منحتهم طائفتهم زعامة غير قابلة للمنافسة.
الشَبه، إذا صحّ، لا يغني عن تحفّظين:
- كميل شمعون انتقل إلى التطرّف الطائفي بعد 1956. أي بعد الهجمة التي قادتها الناصريّة مُستعينة بانتصارها السياسي (رغم هزيمتها العسكريّة) في «حرب السويس» أو «العدوان الثلاثيّ». الناصريّة يومذاك هدّدت عموم الوضع القائم في المشرق العربي وفي عداده لبنان الذي خاف مسيحيّوه وتصلّبوا.
ما قد يعادل الهجمة الناصريّة حينذاك هو الهجمة الإيرانيّة الحاليّة لإطاحة الوضع القائم في المنطقة، لكنّ باسيل يتحالف معها ولا يرى فيها سبباً موجباً للقلق.
- أمّا بشير الجميّل فنَمَتْ ظاهرته في مواجهة الكفاح الفلسطيني في لبنان، والذي بدأ سلاحه يتمدّد في عهد شارل حلو، وفي موازاته تعاظم خوفٌ أصاب المسيحيين بصورة خاصّة فتشدّدوا وتعسكروا.
ما يعادل سلاح المقاومة الفلسطينيّة، بل يفوقه كثيراً في الفعاليّة والتأثير، هو اليوم سلاح «حزب الله». باسيل حليف لهذا السلاح، يجمعه به «تفاهم مار مخايل»، وبالتالي هو لا يرى فيه سبباً للقلق.
بلغة أخرى، شمعون وبشير الجميّل توهّما طرد الخوف المسيحي المبرّر بالإخافة غير المبرّرة لغير المسيحيين. باسيل، في المقابل، يتبع «استراتيجيّة» أقلّ ما يقال فيها أنّها غريبة. إنّه يقرع طبول الحرب في زمن يُفتَرض أنّه واحد من اثنين:
- إمّا غير حربيّ، يمسك بمفاصله «عهد قويّ» يصفه محازبوه بأنّه أنهى النزاعات وجعلها من الماضي. وفي هذه الحال يجوز التساؤل: إذن لماذا تُقرع الطبول صباحاً ومساء مُعكّرة صفو الجنّة على أرضنا؟
- وإمّا أنّه زمن حرب، أو على الأقلّ توتّر، سببه الهجمة الإيرانيّة وسلاح «حزب الله». وهذا ما يحمل على التساؤل: إذن لماذا يقرع باسيل طبوله في اتّجاهات أخرى؟
كائناً ما كان الأمر يبقى أنّ الوزير اختار الطرف الأضعف كي يكون عدوّه، أي المهاجرين واللاجئين العزّل، فيما سبق لشمعون والجميّل أن اختارا التصدّي لأقوياء رأت بيئتهما أنّ قوّتهم خطَر، وأنّ ذاك الخطر هاجم عليهم. جمال عبد الناصر لم يكن لاجئاً والمقاومة الفلسطينيّة لم تكن عزلاء.
اختيار اللاجئين العزّل عدوّاً مسألة أخلاقيّة قبل أن تكون سياسيّة. صحيح أنّ حجم النزوح السوري غير عاديّ، لكنّه ليس تلك الكارثة المصيريّة كما يرسمها قارع طبول الحرب، هذا فضلاً عن الاختلاف في تأويل الأسباب، والصمت عن الشقّ الإيجابي من النتائج الاقتصاديّة.
بيد أنّ الفارق بين الاختيارين يصدر عن أسباب عدّة:
فالحرب، ما بين 1975 و1990. طعّمت الحياة السياسيّة بنخبة أردأ من نخبة ما قبل الحرب: حسّ المسؤوليّة العامّة تراجع وسلوك القنص الذئبي تعاظم. كذلك فالمسيحيّون رضَّهم شعور عميق بالمظلوميّة بعد الهزيمة، لا سيّما في حرب الجبل، ثمّ بسبب تهميش الوصاية السورية واضطهادها لهم، قبل أن يُشعرهم «التحالف الرباعيّ» بأنّهم محكومون باستبعاد مؤبّد. والمظلوميّة تُغري صاحبها دوماً بطلب الامتياز وبمحو الخطأ بالخطأ.
وهناك أخيراً الفارق بين تكوين الثلاثة وتجاربهم.
فكائناً ما كان الموقف من شمعون والجميّل، يبقى أنّ أوّلهما صنع بيده زعامته الجبليّة ثمّ اللبنانيّة، وهو صنعها يوماً بيوم، فحالف وخالف وزاول العمل الدبلوماسي وانخرط في السياسات الإقليميّة صديقاً وخصماً. أمّا بشير الجميّل فلم يَحلْ صدوره عن بيت سياسي دون جهد ميداني مارسه بالسياسة كما بالدم، وبالصداقة كما بالعداوة. هذا ناهيك عن إحداثه انقلاباً في حزب أبيه، وهو بدوره حزب بُني بالانشقاق عن عائلات التقليد السياسي يومذاك.
خلفيّات كهذه لا تعصم الزعامة السياسيّة عن العيوب والنواقص، لكنّها تثقّلها، فلا تعود مجرّد معطى طارئ أو عابر. الأمر مختلف حين تقتصر الخلفيّة على مصاهرة، فيما يتشابه البحث عن الكاريزما والبحث عن الذهب في الغرب الأميركيّ.

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جبران باسيل خصوصيّات ومقارنات جبران باسيل خصوصيّات ومقارنات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon