توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عاش الضعف... تسقط القوّة

  مصر اليوم -

عاش الضعف تسقط القوّة

بقلم: حازم صاغية

دفع وزير خارجيّة لبنان وطنيّتَه إلى سويّة «جينيّة». أوضح بعد ذلك أنّه جيني لأنّه وطنيّ، مساوياً بين المعنيين.
إذاً نحن مصنوعون صناعة جينيّة خالصة لا يعدّلها قرار إنسانيّ. هذا قضاء وقدر نحن محكومون بهما.
والسويّة الجينيّة سبق أن نشأ عنها «عِلم» زائف سهر عليه النازيّون وعُرف بـ«علم تحسين النسل (Eugenics)» هذا «العلم» سمح، بين ما سمح، بالتعقيم الإجباري لمُنتمين إلى «أعراق منحطّة» ينبغي أن لا تُنجب وتتكاثر. فالفأر يجب ألاّ يحتكّ بالسوبرمان: الأوّل لن يصير سوبرماناً، لكنّ الثاني قد ينحطّ إلى الفأريّة.
لا بأس باستعادة بضع وقائع. فلبنان يشهد حيال اللاجئين السوريين والفلسطينيين أعمالاً يهجس بعضها بما يقارب «تحسين النسل». كذلك ترتفع شعارات، بل «سياسات»، تطالب بإعادة السوريين فوراً إلى بلادهم التي صارت «آمنة للعودة». إنّ نشرة أخبار واحدة عن حماة وإدلب كفيلة باعتبار تلك «السياسات» دعوة صريحة إلى قتل السوريين «غير المفيدين». يترافق هذا مع كلام تبثّه أمكنة قريبة من البيئة السياسيّة للوزير، كلامٍ يمجّد العنصريّة بتباهٍ معلن: «نعم، نحن عنصريّون» يقولون.
في الحدّ الأدنى، ثمّة سعي مَرَضي إلى إظهار القوّة. في الانتخابات النيابيّة الأخيرة كان واضحاً مدى الحاجة إلى تعبيري «قوّة» و«قويّ» في وصف اللوائح والمرشّحين، وأيضاً في وصف المناطق التي يريدون تمثيلها: الجبل قوي والسهل لا يقلّ قوّة. التناطُح بالقوّة بين شمال وجنوب وبقاع جرى على قدم وساق. أمّا حين لا تُذكَر «القوّة» فيُذكَر ما يُفترض أنّه مرادفاتها: الرجولة، الأصالة، العنفوان، طحن الصخر... لا عجب إذاً ألاّ يُعطى لكائن «ضعيف» كالأمّ حقّ منح الجنسيّة إلى ابنها أو ابنتها.
والقوّة، أخيراً، هي موضة يومنا: هكذا هُم زعماء العالم. وإذا قرّرتْ كتل عريضة في تلك البلدان، وبعضها متقدّم، أن ترتدّ عن الحداثة والتنوير، فلماذا تعزف كتل مماثلة في لبنان عمّا اختاره السيّد ترمب أو السيّدة لوبين؟
والحال أنّ هذا البلد، الذي شارك أحد أبرز أحزابه في الحرب على سوريّا، مصاب فعلاً بإغراء «القوّة» على نحو لا يبعث إلاّ على التساؤل عن سرّ الضعف الذي يراد التستّر عليه.
نحن أقوياء، يقول «حزب الله» ملوّحاً بالصواريخ. «العهد» بدوره قويّ، وفقاً لحكمة تردّدها البيئة العونيّة بإيقاع ببغاويّ. شريكا «تفاهم مار مخايل» هذان وجدا طريقهما إلى نادي الأقوياء.
لكنّ الفوارق لا تخطئها العين. «التيّار» يتحدّث عن «القوّة» بقدر ما يمارسها «الحزب»، لا بل إنّ قوّة الثاني وجيشه هما ما يحول دون حمل «قوّة العهد» على محمل الجدّ. مع ذلك، هناك قاسم مشترك هو أنّ الطرفين ليسا قويين بالمعنى الذي يريدانه. لن يستطيعا، مثلاً، أن يفرضا علينا «تحسين النسل» أو أي مهمّة أخرى مشابهة كأنْ نصير «لبنانيين أقحاحاً» أو «مجاهدين ضدّ الصهاينة والتكفيريين». هكذا يمضي «الحزب» في تصريف معظم قوّته في الخارج، مكتفياً بأن ينتزع من الداخل شروط أدائه للمهمّة الخارجيّة.
التفاوت هذا مردّه إلى أنّنا أمام حالات طائفيّة مسعورة ولسنا أمام حالة قوميّة مسعورة. والطوائف قد تنتج ردّات فعل وزفرات فاشيّة لكنّها لا تنتج الفاشيّة التامّة التي ترتبط، بين أمور أخرى، بهيجان القوميّة الجامعة. هنا يمسرح الطائفيّون القوميّة متوهّمين التعويض عن افتقارهم للقوميّ. يحاولون، مثلاً، إقناعنا بأنّ «الأمّة» كلّها تقف وراء مطلبهم في الحرب خارج الحدود أو في طرد الغرباء.
هذا الفارق بين الطائفيّة والقوميّة هو ما يحاول ردمَه الإنشاءُ اللبناني المألوف بتعبير «عملقة». والمتعملقون إذ يخدعوننا بوجود وحدة مزعومة تكبّر الصغير، يبتزّوننا بالأبطال الذين يُضحّون بالنيابة عنّا، وطبعاً لمصلحتنا، من أجل إنجاز الأهداف تلك.
لكنْ «الويل لأمّة بحاجة إلى أبطال»، كما قال غاليليو على لسان بريخت. ومن لا يصدّق فلينظر إلى أحوال لبنان المتنازع على كلّ شيء، والفاقد كلّ قوّة ما عدا النّزر اليسير الذي يمنّ به طرف خارجي ما على طرف داخلي ما.
أزمة اللبنانيين هذه يزيدها تأزّماً انعقادها على مشكلات الأقليّات في لبنان وعموم المشرق. والمُغرض والمتعصّب وحدهما مَن ينكران هذه المشكلات التي تتفاقم يوماً بيوم. لكنّ المغرض والمتعصّب وحدهما من يتوهّمان أنّ القوّة والتجبر سبيل العلاج. ووراءنا ما يكفي من القرائن على أنّ «القوّة» في لبنان أداة تفعيل لكراهية ضخمة بين اللبنانيين يُنفَق بعضها القليل في الكراهية لسواهم. ما يتوافر منها يحملهم على قتل بعضهم، أو اشتهاء ذلك في انتظار الوقت الملائم، وهم يفعلون هذا باسم أمّة غير قائمة أو تحرير غير ممكن أو تفوّق غير موجود، فلا يبقى لنا إلاّ التمعّن العاجز في عبارة شهيرة قالها سياسي حكيم واستحقّ عليها الكثير من الرجم: «إن قوّة لبنان في ضعفه».

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاش الضعف تسقط القوّة عاش الضعف تسقط القوّة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon