توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
الأربعاء 30 تموز / يوليو 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

سوريّة سبارتاكوس ... سوريّة الأسد

  مصر اليوم -

سوريّة سبارتاكوس  سوريّة الأسد

بقلم : حازم صاغية

أطفال في خان شيخون أسكتهم الكيماويّ، أجساماً ونفوساً، إلى الأبد. ناشطون يروون كيف عُذّبوا واغتُصبوا لأنّهم تظاهروا، وهم عزّل، لا يطلبون سوى الحرّيّة والكرامة. كتب ياسين الحاج صالح وفرج بيرقدار ومصطفى خليفة وعلي أبو دهن وسواهم عن حال المساجين في أقبية الأسدين. رمي البراميل المتفجّرة على المدنيّين. حقيقة أنّ حاجزاً لـ «الجيش الباسل» قابل للرشوة بربطة خبز. مخاطبة الموظّف الأمنيّ للمواطن بـ «ولاه» وسلطته عليه ضرباً وتعذيباً... وهذا كلّه في كنف التوريث الرئاسيّ وتعديل الدستور لهذا الغرض. إنّها منظومة «سوريّة الأسد».

اللوحات السوداء هذه وسواها تحمل ألف برهان على أنّ نظام الأسدين حوّل المجتمع مجتمع عبيد، فردّ المجتمع بثورة تطلب الكرامة والحرّيّة. هذا إن لم يكن عبوديّة، فما هي العبوديّة؟

حتّى في مناسبات التفاوض التي قامت في هذه العاصمة أو تلك، تصرّف وفد النظام مثلما يتصرّف مالكو العبيد. أهان وفد المعارضة واحتقره، كما لو أنّ الثورة لم تحدث أصلاً. قبلذاك، رفض النظام تقديم أيّ تنازل جدّيّ عن أبسط سلطاته. السيّد لا يتنازل لعبده. المعادلة التي تحكم هذا السلوك: نملككم أو نقتلكم، فإن نجوتم من القتل احتقرناكم.

نفي هذه الحقيقة يأتي من ملّاكي العبيد وحدهم لأنّها تكشف طبيعة نظامهم القائم على ملكيّة العبيد. لأنّها تفضح سرّهم. حين يأتي النفي من مكان آخر، يغدو مثيراً للشبهات: كأنْ يكون النافي ملاك عبيد هو الآخر، ينافس أهل السلطة على موقعهم، أو يشاركهم موقعهم، أو يحسدهم عليه، أو كأنْ يكون متماهياً تمام التماهي مع ثقافتهم وتطلّعاتهم، يرى أنّه أجدر منهم بتمثيلها. مثل هؤلاء لا يمتّون بصلة إلى أطفال خان شيخون، ولا إلى آبائهم وأجدادهم ممّن درج النظام على «طردهم» أفواجاً بعد أفواج إلى بيروت كي يتدبّروا فيها لقمة خبزهم. لقد كانوا، من قبل أن تقوم الثورة بسنوات، يتكدّسون في غرف ضيّقة أو ينامون تحت الجسور. هؤلاء عبيد ضحايا، عبيد كبار، ثاروا أخيراً لكرامتهم.

وبالمناسبة، فسبارتاكوس ليس فضلة عشاء. لقد زلزل امبراطوريّة كونيّة. ثورةُ عبيده، بالفعليّ منها والمؤسطر، شكّلت تمهيداً مبكراً لأفضل قيمنا المعاصرة. بعض أبرز كتّاب أوروبا ومثقّفيها كتبوا عن سبارتاكوس. الماركسيّون الألمان، قبل أن يصيروا حزباً شيوعيّاً، سمّوا أنفسهم «عصبة سبارتاكوس»، متماهين مع هذا العبد العظيم.

الكارثة التي يقع فيها بعض السوريّين أنّ لفظيّات الكرامة الشخصيّة واعتداداتها تُعميهم. أن يثور العبيد فهذه هي الكرامة التي تبصر. الكرامة الفخورة بمعاناتها. الفخورة بتمرّدها على العبوديّة. الفخورة بصنعها لمستقبل بديل.

جماعة الكرامة الشخصيّة، التي هي مجرّد انتفاخ نرجسيّ ضحل، يجعلون استعباد النظام لشعبه أمراً يُستحسن إنكاره، لأنّه يجرح «كرامات» لا يشعر أصحابها أنّهم من «هذا الشعب». وإنقاذاً لصورة تلك «الكرامات»، يتمّ التواطؤ مع النظام في تجميله الحياة السوريّة وامتداحها. لقد كان التمرين المبكر على هذا التواطؤ وقوف البعض إلى جانب النظام حين أُجبرت قوّاته على الانسحاب من لبنان عام 2005. المهمّ ألا يدخل بيننا غريب. وما إن يظهر احتمال تدخّل خارجيّ حتّى تطلع أصوات لبعض هؤلاء الشركاء في تملّك العبيد وفي الحفاظ على «طريقة حياتنا» البديعة طبعاً!

وهذا تقليد عريق في تجربتنا الثقافيّة العربيّة. فحين توّجهت، مثلاً، هدى الشعراوي إلى باريس لحضور مؤتمر عن المرأة، نفت «النسويّة» المصريّة المبكرة أن تكون المرأة في العالم الإسلاميّ عرضة للاضطهاد والتمييز. ذاك أنّ الغرب هو المصدر الأوحد لاضطهادها والتمييز ضدّها! نحن بألف خير. منذ ذاك الحين ماضون في رفض «نشر غسيلنا الوسخ على السطوح». وهذا، في عمومه، مرض يجمع بين الابتذال القوميّ والابتذال الشخصيّ، مرضٌ على المصابين به المسارعة إلى علاجه.

لقد عرفت ألمانيا ما بعد النازيّة سيلاً من المراجعات النقديّة لأحوالها وثقافتها. لعبوديّتها ذات الشكل الحديث. أمّا روسيا ما بعد الشيوعيّة فلم تعرف شيئاً كهذا، واستمرّ تقديس الأمّة وعظمتها وكرامتها ورفض القول بانحطاطها. النتيجة اليوم: ديموقراطيّة مركل الليبراليّة في ألمانيا وسلطويّة بوتين التفرديّة في روسيا.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريّة سبارتاكوس  سوريّة الأسد سوريّة سبارتاكوس  سوريّة الأسد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon