توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لمَ يلزم تقديم العدالة على الديمقراطية؟

  مصر اليوم -

لمَ يلزم تقديم العدالة على الديمقراطية

بقلم : زياد بهاء الدين

 اعترض بعض الأصدقاء والزملاء على مقالى المنشور الأسبوع الماضى بعنوان «العدالة قبل الديمقراطية»، انطلاقا من أن العدالة لن تتحقق فى غياب الديمقراطية، وأن قبول إرجاء الإصلاح السياسى يفتح بابا واسعا للسكوت على استمرار تقييد الحريات وغلق المجال العام. وقد أسعدنى للغاية هذا الحماس ووضوح الرؤية من قراء لم يتأثروا بالمناخ العام المعادى للحريات والديمقراطية فى مصر والعالم، ولا بالخطاب السائد إعلاميا والذى يسعى لترسيخ مفهوم التعارض بين الحرية والشراكة فى الحكم وبين الاستقرار والتنمية الاقتصادية كما لو كان من المسلمات.

والواقع أن ما دعوت اليه الأسبوع الماضى لم يكن إهمال الديمقراطية ولا إرجاء المطالبة بها إلى أن تتحقق العدالة فى المجتمع، بل كانت خاتمة المقال السابق «دعونا إذن لا نهمل الديمقراطية ولا ننسى الحقوق التى كفلها الدستور، ولكن الاولوية فى الوقت الراهن يجب أن تكون لاعلاء راية العدل واحترام القانون». وتقديرى أن هذا الترتيب مطلوب فى الوقت الحالى لأكثر من سبب.

من جهة أولى فإن تحديد أولويات العمل العام يجب أن يتعلق ليس فقط بما هو أصلح نظريا أو أهم من حيث المبدأ، ولكن أيضا بِما يمثل أولوية حقيقية وملحة لدى الجمهور الواسع غير المهتم بالضرورة بالشأن السياسى والمنشغل بالسعى وراء تلبية حاجاته الأساسية فى ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. ولكن حتى فى هذا السياق الذى تتصدر فيه الحالة الاقتصادية مشاغل الناس، فإن قضية العدالة تبرز وتتقدم على غيرها من القضايا العامة لأنها تمس كل منزل وكل فرد وكل أسرة مهما كانت ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية أو انتماءاتهم الثقافية والفكرية. لا يوجد من لا يعانى بشكل أو بآخر من تراجع قيمة العدالة فى المجتمع سواء فى مجال الحريات العامة والسياسية، أم فى اقتضاء حقوقه التجارية والاقتصادية، أم فى الحصول على نصيبه من الخدمات العامة، أم فى حماية ممتلكاته الخاصة، أم فى مجرد التنازع المعتاد بين الأفراد فى المجتمع. قضية العدالة مظلة جامعة وقادرة على اعادة الحراك والاهتمام بالشأن العام من مدخل لا خلاف عليه.

ومن جهة ثانية لتقديم قضية العدالة أن وعى المواطنين بحقوقهم بشكل عام، وبأهمية أن تكون القوانين عادلة ومنطقية، والقضاء مستقل، والحكومة وأجهزة الدولة التنفيذية خاضعة كلها لحكم القانون، هو المدخل الأهم والأكثر فاعلية لبناء الوعى السياسى والارتباط بقيم المواطنة والمساواة والحقوق، وهى الأسس التى تنبنى عليها الدولة الديمقراطية التى تحترم الدستور والحريات العامة. العدالة إذن ليست مطلبا فى حد ذاته فقط بل الأساس الذى ينبنى عليه الوعى بالمجتمع وبالشأن العام وبحقوق المواطنين فى كل المجالات.
وأخيرا فإن القضيتين ــ العدالة والديمقراطية ــ ليستا فى الواقع منفصلتين. ولذلك فإن المطالبة بتحقيق العدالة بما يتضمنه ذلك من تنقية القوانين من النصوص التى تخالف الدستور أو تحرم المواطنين من حقوقهم الاساسية فى التعبير والتنظيم والاحتجاج أو تحد من استقلال القضاء أو تسمح بتدخل السلطة التنفيذية فى سير العدالة، هى فى الواقع مطالبة بتحقيق جوهر الديمقراطية والحوكمة بغض النظر عن العنوان الذى يتصدرها.

العدالة هى القضية الأساسية والأهم التى ينبغى الالتفاف حولها فى الوقت الراهن والدعوة اليها والتبصير بأهميتها، ليس باعتبارها بديلا عن باقى القيم الانسانية والسياسية التى ينبغى لوطننا أن يعيش فى ظلها، ولكن لانها المدخل الأفضل لبلوغ هذه القيم ولبناء توافق شعبى نفتقده فى جميع جوانب العمل العام.

علمت بعد كتابة هذا المقال بوفاة المرحوم المناضل الكبير الاستاذ خالد محيى الدين، الذى قضى عمره مدافعا عن حرية الوطن والمواطنين وعن الديمقراطية والعدالة والمساواة للشعب المصرى، فله كل الدعاء بالرحمة ولأسرته وأصدقائه ورفاق دربه خالص العزاء.

 نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لمَ يلزم تقديم العدالة على الديمقراطية لمَ يلزم تقديم العدالة على الديمقراطية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon