توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاستثمار الأجنبى والتحكيم الدولى سلاحان ذوا حدين

  مصر اليوم -

الاستثمار الأجنبى والتحكيم الدولى سلاحان ذوا حدين

بقلم - زياد بهاء الدين

الأصل فى الاستثمار الأجنبى أنه يجلب للبلد الذى يستضيفه منافع كثيرة، على رأسها العملة الأجنبية، والتكنولوجيا الجديدة، والخبرات الفنية والإدارية غير المتوفرة محليا، والفرصة لزيادة معدلات الانتاج والتشغيل والتصدير والنمو الاقتصادى. والأصل أيضا أن اتفاقات الاستثمار الثنائية وما تتضمنه من التزام بآليات وأحكام التحكيم الدولى من اهم محفزات الاستثمار الأجنبى لأنها تمنح المستثمرين الطمأنينة بان البلد المستضيف لن يتعسف فى استخدام سلطاته السيادية فى المسائل التجارية.

ولكن من وقت لآخر يحدث ما يذكرنا بأن الاستثمار الأجنبى، إن لم تحسن ادارته وتقدير عواقبه، يمكن أن يتحول إلى سلاح ذى حدين، يضر البلد أكثر مما يفيده، ويلقى على عاتق الدولة بالتزامات وتعويضات فادحة لا يتحمل عواقبها المسئولون بل الشعب الذى يسدد الثمن من مدخراته ومن موارده التى كان يجدر أن تتجه لتحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة.

من هذه اللحظات الفارقة حكم التحكيم الدولى الذى صدر ضد مصر منذ أسبوعين لصالح شركة أسبانية بقيمة مليارى دولار أمريكى استنادا لعدم تنفيذ مصر لالتزامها بتوريد الغاز الطبيعى لمصنع الشركة فى دمياط. وبغض النظر عما اذا كانت مصر ستدفع التعويض كاملا أم ستنجح فى التفاوض على تخفيضه أم استبداله بالتزاماتاخرى، فإن النتيجة تظل مؤسفة وذات عواقب وخيمة. ولهذا فليس غريبا أن ترتفعالأصوات المطالبة بإعادة النظر فى سياسة الدولة لجذب الاستثمار بل والانسحاب من الاتفاقات الدولية التى تلزم مصر باحترام احكام التحكيم الدولية.

ولكن هذا رد فعل مبالغ فيه وبالتأكيد يؤدى لنتائج عكسية على الاقتصاد القومى.

فالواقع أن الاستثمار الأجنبى، وما يرتبط به من قبول للتحكيم الدولى، ليس شرا ولا خيرا فى حد ذاته، بل يأتى بعوائد سلبية أو إيجابية على أى بلد فى العالم بمقدار قدرة هذا البلد على إدارة ملف الاستثمار بحكمة وكفاءة، وتحديد أولوياته بوضوح، وتقديم الحوافز اللازمة لاستقطابه دون تعارض مع مصلحة البلد، ووضع الضوابط التى يلزم على المستثمرين احترامها بوضوح وشفافية، والدخول مع الشركات والمؤسسات العالمية فى شراكات واتفاقات متوازنة.

ولكن حينما تسعى الدول لجذب الاستثمار الأجنبى بأى شكل وأى ثمن ودون تقدير لميزان التكلفة والعائد، وحينما يكون معيار النجاح الوحيد لدى متخذى القرار والاعلام والجهات الرقابية والبرلمانية هو حجم الاستثمار الوافد إلى البلد دون تقدير للاثر الذى يحدثه، فإن هذا يهدد باستنزاف الموارد الطبيعية بأثمان بخسة، أو تصدير المعادن والثروات دون تحقيق قيمة مضافة، أو تلويث البيئة وتدمير الشواطئ والأنهار، أو استغلال العمالة المحلية دون مقابل عادل، أو التضحية بعوائد جمركية وضريبية بلا مبرر، أو التعاقد مع المستثمرين بشروط مجحفة وغير مدروسة تكون نهايتها التحكيم والتعويض.

لهذا فإن الحوار العالمى عن الاستثمار لم يعد معنيا بمجرد مقارنة الدول من حيث حجم الاستثمار الأجنبى الذى تستقطبه، وإنما بنوعية هذا الاستثمار واستدامته وما يضيفه لاقتصاد البلد من أجل تقدير إن كان فى نهاية المطاف مفيدا أم ضارا.

وهذا ليس خطابا متطرفا أو خياليا، بل تتصدره مؤسسات ومعاهد رصينة وجادة، أذكر منها على سبيل المثال مركز القانون الدولى بروما (IDLO) ومركز كولومبيا للاستثمار المستدام بجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك (CCSD) ومنظمة الامم المتحدة للتجارة والتنمية بمدينة جنيف (UNCTAD) ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بمدينة باريس (OECD)، وكلها تنصح البلدان النامية بتبنى سياسات استثمارية متوازنة ومستدامة.

الحكم على مصر بتعويض قدره خمسة وثلاثين مليار جنيه مصرى لا ينبغى أن يمر مرور الكرام، ولا ان يتوقف عند حد ابداء الغضب والحسرة، وبالتأكيد لا يكون مناسبة للتراجع عن الاهتمام بجذب وتشجيع الاستثمار الأجنبى والمحلى.

ولكنه يجب أن يكون مناسبة للتفكير والحوار حول مستقبل الاستثمار الأجنبى فى مصر وضرورة بلورة سياسة اكثر اتساعا وعمقا من مجرد السعى لجذب الاستثمار بأى شروط وأية تكلفة، سياسة تضع الصالح العام الاقتصادى فى الصدارة وتدرك ان معادلة الاستثمار لا تنجح الا اذا حققت مصلحة المستثمر والبلد معا.

نقلا عن الشروق

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستثمار الأجنبى والتحكيم الدولى سلاحان ذوا حدين الاستثمار الأجنبى والتحكيم الدولى سلاحان ذوا حدين



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon