توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عقد «عمرو أديب» ونهاية التاريخ

  مصر اليوم -

عقد «عمرو أديب» ونهاية التاريخ

بقلم - وفاء محمود

 «وما الدنيا إلا مسرح كبير» هذا ما تكشفه الوقائع والأحداث اليومية والتاريخة على حد سواء، فكل منا يلعب دورا فى الحياة، ويحاول أن يرسم لنفسه صورة متخيلة فى أذهان الناس، عن طبيعة شخصيته وصفاته الإنسانية، ويحاول أن يجود هذه الصورة فى أحسن ما تكون، ليحظى باحترام الناس فى جميع أدواره الحياتية، فى المنزل والعمل والسكن والشارع، فالإنسان السوى يحرص على أن يظهر فى أفضل صورة، كالممثل على المسرح، الذى يحاول التقمص بكل طاقته لينال إعجاب الجمهور، ويتأثر بالجمهور الصامت، ويعمل له ألف حساب، والإنسان العاقل حياته سلسلة من الدخول على خشبات مسرح الحياة، فى اجتهاد مستمر ليحافظ على صورته التى يتمنى أن يراه الناس عليها.

مع عصر الفضائيات توارت النخب السياسية والثقافية العاقلة، وبرزت نوعية جديدة من القادة الاجتماعيين المؤثرين، بوسائل الاتصالات الحديثة، فى أكبر عدد من الجمهور، ولم يعد يقتصر الجمهور على القراء المتنورين، بل أخذ معه أعدادا مهولة من البشر، على اختلاف درجات استيعابهم وأمزجتهم، فأصبح للمذيعين سلطة جماهيرية غير مسبوقة، أو محكومة، إلا بنسب المشاهدة وجلب الإعلانات، فاجتهدوا فى لفت الأنظار، والإتيان بالغرائب من التصرفات والوقائع والحوادث، ليس إلا لزيادة نسب المشاهدة، وبعد أن كان الجمهور يتفرج على الغرائب والطرائف فى برنامج لعرض ما هو نادر وغريب، انقلبت حياتنا رأسا على عقب، وأصبحت الغرائب السلوكية واللفظية هى لب الحياة وسيدة الشاشة الصغيرة، ومواقع التواصل، وتبعها فوضى اجتماعية أدت لفوضى أخلاقية مرتبطة باللا معيارية السلوكية، وتشكلت خريطة جديدة بالمجتمع تتسم بالتفكك والتباين، وتنوعت مصادر التأثير، ليس بما تملكه من فكر ومواقف وطنية أو إنجاز عملى على أرض الواقع، ولكن بقدرتها على التمثيل على خشبة المسرح ولفت نظر أكبر عدد من الجمهور الصامت.

وبعد تعاقده مع شبكة (إم . بى . سي) أصبح الإعلامى (عمرو أديب) نجم نجوم الفضائيات، فاستطاع بخفة ظله على مسرح الفضائيات أن يكتسح الملعب الفضائي، وينال أعلى أجر للإعلاميين، وربما لجميع العاملين! فهذه الأرقام لم نعهدها من قبل، فاشتعلت تعليقات الناس تستنكر هذا التعاقد وتفرط فى عرض حيثياتها، وأن الشبكة الفضائية ما اشترت إلا (الترماي)، ومع احترامى لكل وجهات النظر والآراء، إلا أن لا أحد ينكر موهبة الإعلامى وتلقائيته التى جذبت الناس إليه، وفى زمن العرض والطلب لا عجب فالجمهور عايز كده!، وعلى الحاسدين أن يتذكروا المثل القائل: لو زرعت شجرة «لو كان» وسقتها بميه «ياريت» لطرحت «ما يجيش منه»!.

لا شك أننا فى مرحلة مضطربة اجتماعيا، وتعانى من أزمة بناء وخلل فى النسق الاجتماعي، فتنتسب الأسرة الواحدة إلى مراكز اجتماعية مختلفة، وتتبنى قيما ومعايير متناقضة، وذلك من أهم الموضوعات التى اهتم بها علم الاجتماع لدراسة التغير الاجتماعي، فى القيم والمعايير الثقافية، حيث يتغير نموذج السلوك المنتظم فى المجتمع، بعد آلاف التغيرات على المستوى «الميكروبيولوجى»، تؤدى إلى تغيرات فى الجماعة الأكبر، التى ينتمى إليها الأفراد، وأحدثت وسائل الاتصال الاجتماعى والفضائيات سلسلة لا متناهية من المتغيرات، بتـأثيـــرها المتـلاحـق، فانتـشــرت الأيديـــولوجيـــات الدينيــــــة واللادينية والقومية والإثنية، انتشار النار فى كومة من القش، فى أنساق اجتماعية هشة، فأحدث تضارب الأيديولوجيات خللا وظيفيا فى الأنساق الاجتماعية، التى كانت تبدو مستقرة، بفعل قبضة السلطة الحاكمة، وعندما اهتزت تلك القبضة، واخترقتها سلطة المعلومات والتبادل العجل المتسرع، أحدثت الخلل الوظيفى لأداء النسق كله، واضطراب علاقات الاعتماد المتبادل بين مكونات هذا النسق، التى رفضت بعضها البعض وتفشت أزمة الثقة واللا معيارية الثقافية، ويعبر عنها عندما نفاجأ بحدث ما يعطى قيمة لنخب جديدة، لا تحظى بالمعايير المعتادة، فى التقييم للمواهب الفذة فى الأدب والفن أو التحصيل الأكاديمى المجتهد، أو العمل الوطنى المنزهة، أو الإنجاز العملى المؤسسى المشهود له بالكفاءة والتميز.. وأصبحت القدرة على لفت الأنظار قيمة تسويقية فى مجتمع جديد منفلت فى طور تشكيل لبناء جديد أكثر استقرارا.

هذه الواقعة لفتت انتباهى إلى أمرين، كليهما يمثل نهاية التاريخ فى المنطقة العربية، نحو مجتمع أكثر حداثة واستقرارا، فليست الحداثة إلا نسقا اجتماعيا متوازنا مستقرا، بلا قهر اجتماعى من فئة على أخري، بتطبيق المنتجات الفكرية والعلمية للمفكرين والعلماء ثروة أى مجتمع.

نهاية التاريخ بمعني: أولا: نهاية سيطرة الأيديولوجيات بكل أنواعها، فعندما يحقق مذيع أكثر مشاهدة تجلب له أعلى الأجور، فهو بذلك ينهى عهد الدعاة والدجالين باسم الدين، الذين أقحموه فى تفاصيل الحياة الصغيرة بغشامة لا يحسدون عليها، وكذلك أنصار الثورة الدائمة، فاتجه الناس بتلقائية نحو النماذج التى لا تحمل أى دلالات أيديولوجية صراعية، لم تجد نفعا إلا الخراب الاجتماعي، والتخلف الإنساني، الذى جلب علينا سخرية الشرق والغرب على السواء!

ثانيا: نهاية التاريخ للتعلق بالإثارة ولغة التمرد على قواعد الأدب والذوق والحكمة، فالانتقادات الواعية لتعاقد الشبكة هذا، تكشف نفور الناس من أدوات التسخين والتهييج الشعبوية، وتبحث عن نخبة جادة محبة للحكمة فالفلاسفة ليسوا حكماء، ولكنهم مجرد محبين للحكمة، فالناس تتطلع إلى القادرين على تفعيل المعلومات المتاحة مجانا فى كل مكان، ولكنها بلا فائدة، إلا بنخبة قادرة على تطبيقها لخلق مجتمع المعرفة.. فهناك اتجاه عام نحو الكبار علما وخلقا، واللى ملوش كبير.. يشترى له كبير.. فما قامت الهوجات العربية إلا لحرماننا من النخبة القليلة العاقلة، لإرضاء الأيديولوجيين الصغار فكتبت بأيديهم نهاية التاريخ.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقد «عمرو أديب» ونهاية التاريخ عقد «عمرو أديب» ونهاية التاريخ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon