توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى سنبنى نظاماً جديداً؟

  مصر اليوم -

متى سنبنى نظاماً جديداً

عمرو الشوبكي

مازال الطريق طويلاً أمام بناء نظام سياسى جديد، ومازالت المخاطر كبيرة أمام مسار ما بعد 30 يونيو، بعد أن أصبحت البلاد مهددة بأخطار الإرهاب، وغياب الرؤية السياسية القادرة على تحييد قطاعات من المجتمع ترفض المسار الحالى، وتقاطع العملية السياسية، ولا ترى أن هناك أى فرصة للتغيير السلمى والديمقراطى إلا عن طريق الاحتجاج الثورى.
خاصة بعد أن طالت الحملات الأمنية العديد من الشباب والمواطنين الأبرياء الذين لم يثبت تحريضهم أو ممارستهم العنف.
بناء نظام سياسى جديد فى مصر لا يكون بالعمل الثورى أو الاحتجاجى، وإلا كنا بنينا نظاماً جديداً، عقب سقوط مبارك أو مرسى، إنما هى رحلة طويلة من التعلم والتعثرات والخبرات المكتسبة والفرص الضائعة حتى يمكن لأى مجتمع أن يبنى نظاماً جديداً.
والحقيقة لا يمكن قبول ما يتصوره البعض أنه يمكن بالفعاليات الثورية والتحريض على العنف بناء نظام سياسى جديد، خاصة أن أهم ما ميز عهد مبارك أنه حكم من خلال «لا نظام» أو بالأحرى «نظام» اتسم بالضعف والهشاشة الداخلية، بعد حالة التجريف الشاملة التى عرفتها البلاد على مدار 30 عاما، وهو ما يستدعى طاقة بناء وليس طاقة هدم.
المؤكد أن خبرة «لا نظام» مثلت استثناء عما عرفته مصر منذ تأسيس محمد على الدولة الوطنية الحديثة، حين عرفت فى كل عهودها مؤسسات دولة تعمل بكفاءة ولو نسبية وقانونا يطبق نسبيا فى معظم المجالات إلا ربما المجال السياسى.
إن «اللا نظام» فى عهد مبارك كان أقل استبداداً من النظام التونسى أو الليبى أو السورى.
ولكن تجلت أزمته فى إضعاف الدولة وتدهور التعليم والصحة والإعلام والأمن والمواصلات والزراعة والصناعة، بحيث من المستحيل أن يحدث إصلاح حقيقى دون أن تنتقل مصر من حالة «اللا نظام» إلى النظام.
والحقيقة أن طاقة الهدم التى تفجرت، بعد نجاح ثورة 25 يناير فى إسقاط مبارك، أدت إلى تفريغ جزء من طاقة المجتمع فى العمل والبناء إلى طاقة لهدم أى سلطة أو مؤسسة لصالح الفوضى غير الخلاقة، فالجيش يجب خلخلته وتحميله كل أخطاء المرحلة الانتقالية، والنخب السياسية هى نخب الهزيمة والعار لأنها باعت الثورة والميدان، والمخالفون فى الرأى هم إما فلول أو ثورة مضادة، حتى تفنن هؤلاء فى خلق طريق أسقط مبارك وسلم السلطة للإخوان.
فى مصر تصور بعضنا عقب الثورة أنه يمكن بالشطارة والفهلوة أو الصراخ والصوت العالى أو الدهاء والكمون أن يحقق أهداف الثورة أو يقتنص السلطة التى كانت هدفه الوحيد، فبينما هناك من اعتبر الثورة هدفا والفعاليات الثورية هى وسيلته الوحيدة لتحقيق أهدافه، اعتبر البعض الآخر أن كل تحالفاته مبنية على هدف واحد هو كيف يصل للسلطة لتنفيذ مشروعه فى التمكين والبقاء الأبدى فى الحكم.
والحقيقة أن فقدان بوصلة الطريق الصحيح والتعثر فى بناء نظام سياسى جديد بدأ حين لم يجد المصريون الذين نزلوا ميادين التحرير فى 25 يناير قادة يعبرون عنهم، خاصة هؤلاء الشباب (الرائع والعظيم) الذين نظفوا الميادين، يوم 12 فبراير، عقب تنحى مبارك، معلنين مطالبتهم بضرورة بناء نظام جديد بغير طريق الاحتجاج، فلم يجدوا أحزابا إصلاحية أو قادة إصلاحيين يأخذونهم إلى مسار البناء والإصلاح والديمقراطية، فانصرفوا إلى بيوتهم، وتركوا الساحة لشباب الاحتجاجات الثورية.
النظام الجديد لا يبنى فقط ولا أساسا بالاحتجاج، إنما أيضا بامتلاك رؤية لإنجاز عملية التحول الديمقراطى، فمهما هتف البعض ضد النظام الأقدم والفلول، واستهدف آلاف الأشخاص لأنهم كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى، فإنه من المؤكد أن بناء نظام جديد لن يكون بالهتاف ضد هؤلاء وإقصائهم، إنما فقط بمحاسبة مرتكبى جرائم الفساد والإفساد وتغيير المنظومة القديمة وتفكيكها بشكل تدريجى وبناء منظومة جديدة.
لم تعرف الغالبية العظمى من تجارب التحول الديمقراطى تجربة عزل سياسى لرموز النظام القديم، إنما فقط محاسبة لمرتكبى الجرائم، بل إن أعضاء الأحزاب الحاكمة دخلوا فى صيغ حزبية جديدة فى أوروبا الشرقية، لأن الجميع عمل على بناء منظومة جديدة وليس الانتقام من البعض أو تصفية حسابات مع البعض الآخر.
واقع مصر بعد 30 يونيو يقول إننا احتفظنا بالدولة القديمة، وغيرنا رأس النظام القديم، لأن الأُولَى يجب ألا تسقط، إنما تتغير بالإصلاح التدريجى كما جرى فى كل تجارب النجاح، وأن النضال من أجل بناء نظام بدلا عن حالة لا نظام يثير حفيظة البعض من حيث المبدأ، لأنه لم يَعْتَدْ أن يعيش فى نظام أو دولة بها قانون، إنما هو امتداد لإرث مبارك فى الفوضى واللا نظام، فاعتبر الثورة مهنة، ورفض أى قانون ينظم أى شىء فى الحياة مثل قانون التظاهر، لأنه قانون وليس لأن به بعض المواد السيئة، أو أنه من الأصل لم يؤمن بالدولة ولا أى نظام إلا نظامه الإخوانى، فأعلن الحرب على الجميع: الدولة الوطنية والمجتمع مثلما فعل على مدار 85 عاما، وفى مواجهة كل النظم من الملك فاروق حتى الرئيس السيسى.
المؤكد أن الغالبية الساحقة من المصريين ترفض خيار سقوط الدولة وانهيارها، ولكن البعض أراد أن يخطف صوتها وإرادتها لصالح حساباته السياسية أو صوته العالى،.
والحقيقة أن مهمة بناء النظام كما جرى فى كل تجارب التغيير غابت عن الكثيرين، وأن الحل أن نعترف بأن الناس ثارت على لا نظام أى على الفوضى والعشوائية والتسيب والفساد، وأنها فى حاجة إلى بناء نظام جديد يواجه كل هذه المظاهر، وأن بعض ما نشاهده الآن من أخطاء وتجاوزات بعضها جسيم يجب ألا يثنينا عن أننا لا نرغب فى بناء نظام قمعى تحت حجة مكافحة الإرهاب، إنما نظام ديمقراطى ودولة قانون أى قبل الاثنين هناك كلمتا نظام ودولة.

 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى سنبنى نظاماً جديداً متى سنبنى نظاماً جديداً



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon