توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قانون الانتخابات.. الخطر الكبير

  مصر اليوم -

قانون الانتخابات الخطر الكبير

عمرو الشوبكي

مثلما كان يحدث فى عهد مبارك حين تبدأ فى مناقشة قضية تترك جوهرها وتذهب إلى الحواشى التى عادة ما لا تكون لها علاقة بالموضوع، هذا ما يجرى الآن فيما يتعلق بقانون مجلس النواب الذى أصدره الرئيس الانتقالى قبل أيام قليلة من مغادرته قصر الاتحادية، ويمثل خطراً حقيقياً على المسار السياسى برمته وليس فقط البرلمان القادم.
والحقيقة أن هناك طريقة لإدارة النقاش العام فى مصر تبدأ بوضع المعترضين فى زاوية محددة تبعد النقاش عن جوهر القضية المطروحة، فالمعترضون على القانون لابد أن يكونوا هم قيادات الأحزاب التى تتعارك مع بعضها ومنقسمة وعاجزة (صحيح أن كثيرا منهم كذلك فى ظل وجود 84 حزبا قانونيا فى مصر) وتريد أن تفصل قانونا على مقاس عجزها، فتحدثك عن قوائم ثبت فى الواقع العملى أنها لا تفيد إلا قيادات الأحزاب وكبار رجال الأعمال الذين يضعون من يدفع على قمة هذه القوائم، خاصة فى قوائم الدوائر التى تخلصنا منها لصالح نظام قوائم القطاعات الأربعة وليس المحافظات كما رجحنا.
ومازال كثير منا يتذكر النقاش الذى دار داخل لجنة الخمسين حول نظام الانتخابات الأمثل، وبعد جدل طويل داخل اللجنة، ومناظرة بين كاتب هذه السطور ود. محمد أبوالغار حول النظام الانتخابى الأمثل، وبعد أن كان هناك اتجاه قوى داخل الأحزاب يقول: 50% قوائم و50% فردى، وصلنا لتوافق بين أنصار النظام الفردى الكامل والقائمة على نسبة ثلثين «فردى» وثلث قوائم توزع على المحافظات المختلفة.
حين جاءت لحظة التصويت النهائى الذى شاهده الملايين على شاشة التليفزيون نالت هذه المادة 27 صوتا مقابل 11 بما يعنى أنها لم تحصل على الأغلبية المطلوبة داخل لجنة الخمسين (75%)، وبعد أن تراجع زملاؤنا فى حركة تمرد وحلفاؤهم داخل اللجنة عن دعمها، لأن وجهة نظرهم كانت ترى ألا يفقد الاستفتاء على الدستور تأييد أنصار النظام الفردى.
وأعتقد أنه كان خطأً جسيماً ألا تحسم لجنة الخمسين قانون الانتخابات، خاصة أن تلك اللجنة اتخذت قرارات جريئة وغير مسبوقة فى تاريخ مصر مثل إلغاء نسبة الـ50% «عمال وفلاحين» وإلغاء مجلس الشورى.
والحقيقة أن تفصيل قانون بغرض ضمان أغلبية سياسية فى اتجاه معين، كما كان يجرى فى العهود السابقة، كارثة مكتملة الأركان، وصياغة قانون هدفه الوحيد أن يمر من المحكمة الدستورية، وأن يراعى فقط المعايير القانونية، كما يجرى الآن، كارثة أخرى، لأنه دون مزج السياسى والقانونى لا يمكن لأى قانون أن يطبق بشكل صحيح على أرض الواقع، وما لم يؤسس النظام السياسى على دمج المؤيدين والمعارضين داخل العملية السياسية، وإقصاء فقط المحرضين على العنف أو المتورطين فيه والمرتكبين جرائم فساد وإفساد أدانها القضاء، سنصبح أمام مشاكل جسيمة.
أما وضع قانون سيؤدى إلى وجود لون واحد داخل البرلمان، وسيُقْصِى تيارات ستكون فى معظمها مدنية، لأن نظام القوائم الكارثى لم يستوعب إلا قائمة مطلقة ومغلقة يعنى أنه لا مكان للخاسرين ولو بنصف فى المائة فى هذا القانون.
إن أزمة القانون المقترح جسيمة، ولا يجب تحويل النقاش على أرضية من يقول إن النظام الفردى يخدم الفلول، والقوائم تخدم الثوار، فهذا يدل على أن هناك عزلة حقيقية عن الناس وباقى أطياف النخبة السياسية، لأن الحقيقة أن نظام الانتخابات الفردى يتيح للأحزاب فرصة التواصل مع المواطنين العاديين، ويمثل فرصة للأحزاب للتواصل مع قوى اجتماعية وقيادات شعبية حقيقية تساعدها على الخروج من الغرف المغلقة ومن الأفراد المفروضين على القوائم لثرائهم المادى، حتى لو كانوا معزولين عن الناس.
والمؤكد أن عدم مراجعة الرئيس المنتخب هذا القانون سيعرض البلاد لمخاطر كثيرة أهمها تزايد الكتل المحتجة غير المؤمنة بجدوى العملية السياسية والانتخابية، خاصة بعد شعور كثير منها بالإحباط نتيجة الطريقة التى أديرت بها انتخابات الرئاسة.
والحقيقة أن فى القانون مشكلة رئيسية أولها يتعلق بالنظام الفردى المقترح على 75% تقريبا من الدوائر، والذى سيعنى وجود نائب لكل مائة ألف أو مائة وخمسين ألف ناخب، وهو رقم محدود للغاية سيحول النائب إلى مجرد مُخَلِّص لبعض مشاكل دائرته اليومية، فيحضر الأفراح والليالى الملاح، ويؤدى واجب العزاء، ويحل مشاكل العائلات فى الزواج والطلاق.
أن تقل مساحة الدوائر «الفردى» من 400 ألف ناخب إلى مائة ألف هو كارثة حقيقية ستدمر البرلمان القادم، والحجة الواهية بأنه يجب زيادة عدد أعضاء البرلمان، نظرا لزيادة عدد السكان أمر لا يمكن تصوره فى أى بلد آخر فى العالم، فهل الهند مثلا التى تجاوز عدد سكانها مليار نسمة وصل عدد نوابها إلى 10 آلاف نائب تبعا لنظرية نائب لكل مائة أو مائة وخمسين ألف ناخب؟ الإجابة بالطبع لا، ففى الهند يبلغ عدد أعضاء مجلس النواب 550 عضوا ومجلس الشيوخ 250 عضوا.
أما المشكلة أو الكارثة الثانية فهى تتعلق بنظام القائمة المقترح، فقد وضعت قائمة للقطاعات بدأت بثمانى قوائم تعبر عن 8 قطاعات على مستوى الجمهورية، وقولنا إنها يجب أن تزيد إلى 27 قائمة وفقا لمحافظات الجمهورية، فاختارت اللجنة العكس، وقلصت القوائم من 8 إلى 4 بما يعنى أن هناك 10 ملايين مواطن سينتخبون قائمة من القوائم الأربع، ونتيجتها ستكون صفرية، أى أن القائمة التى ستحصل على النصف + 1 ستفوز بأصوات كل الناخبين وستفوز.
إن القائمة المطلقة هى بالتأكيد أم الكوارث، لأنها تعنى ببساطة أن القائمة التى ستحصل على 51% من الأصوات ستأخذ كل المقاعد، وتلك كارثة مكتملة الأركان، فهل يعرف معدو هذا القانون (لا يجب التشكيك فى نواياهم وإخلاصهم) أن أبرز عيوب النظام الفردى أنه لا يمثل أصوات المرشح الذى حصل على 49% من الأصوات، لأن النائب هو فقط من حصل على أغلبية الأصوات، ولو بفارق صوت واحد، وبالتالى فإن نظام القائمة حين وضع لم يكن من أجل تقوية الأحزاب كما يردد البعض عندنا، إنما من أجل فتح الباب أمام تصويت تمثل فيه أصوات كل الناخبين، ولا تستبعد منه أصوات القائمة الخاسرة أو التى جاءت فى المركز الثانى أو الثالث كما يحدث على المقعد الفردى، فتمثل كل قائمة فى البرلمان حسب الأصوات التى حصلت عليها: 10% أو 30% أو 60% وهكذا.
ولنا أن نتصور شكل البرلمان القادم الذى يُقصى بشكل مطلق كل الأفراد والقوائم الخاسرة، بما يعنى وجود برلمان إقصائى منفصل عن المجتمع، فالقائمة يجب أن تكون نسبية لتعالج مثالب النظام الفردى فى عدم تمثيل الحاصلين على 49% من الأصوات لا دفعهم فى الفردى والقائمة إلى العمل خارج العملية السياسية.
علينا أن نعالج مثالب هذا القانون الجسيمة بالذهاب نحو قائمة المحافظة النسبية أو على أسوأ الظروف قائمة مطلقة بكل محافظة وليس فى أربعة قطاعات، ويتم تمثيل القوائم الثلاث الخاسرة التى حصلت على أعلى الأصوات داخل البرلمان.
إن 4 قوائم مطلقة غير 27 قائمة مطلقة، ففرص التمثيل ستكون أفضل حين يزيد عدد القوائم، أما الحل الأمثل والطبيعى فهو القوائم النسبية على مستوى المحافظة وليس المطلقة، ويمكن أن تحل مسألة التمثيل الملائم للمرأة والشباب والأقباط بوجود نسب ملزمة فى قوائم المحافظات الكبيرة (التى قد تضم القائمة وفق نسبة الثلث 20 مقعدا مثل محافظة القاهرة)، ويترك للرئيس تعويض باقى النسب التى ستعجز المحافظات الصغيرة (قائمتها ستكون مثلا 4 مقاعد) من خلال نسبة الـ5% المقرر له أن يعينها من أعضاء البرلمان.
مراجعة قانون الانتخابات البرلمانية باتت ضرورة وطنية، لأن نتائجه ستكون وخيمة.
 

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون الانتخابات الخطر الكبير قانون الانتخابات الخطر الكبير



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon