توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جزرنا المنعزلة

  مصر اليوم -

جزرنا المنعزلة

بقلم عمرو الشوبكي

فى أى مجتمع هناك تنوع اجتماعى وثقافى يمكن أن يكون مصدر ثراء إذا كان هناك نظام سياسى عادل وكفء وديمقراطى، وفى مجتمعات أخرى يتحول هذا التنوع إلى مصدر شقاء وانقسام، خاصة إذا كانت له أبعاد عرقية أو طائفية أو دينية.

والحقيقة أن الانقسام الموجود فى مصر ليس عرقيا ولا طائفيا، وحتى الانقسام السياسى كان يمكن تخفيفه بإجراءات سياسية تحد من آثاره الضارة لا تعمقها، إنما هناك أساسا- «بجانب الانقسام السياسى المعروف»- انقسام اجتماعى وثقافى تَعَمَّق، بسبب غياب القواعد القانونية التى تنظم المجال العام والثقافة العامة والتعليم العام، وتجعل أى مجتمع يتشارك فى منظومة قيم متقاربة.

ولعل أحد أبرز الانقسامات المجتمعية فى مصر حاليا يتمثل فى الفارق بين جزيرتى التعليم الحكومى العام والتعليم الأجنبى، وهو ما يتضح فى طريقة تعامل خريجى كل «جزيرة» مع الناس والمجتمع، بجانب الفارق فى طبيعة كل وظيفة يلحق بها أبناء كل «جزيرة»، فغالبية خريجى الجامعات والمدارس الحكومية يكون تعيينهم فى المؤسسات المحلية والوطنية والوزارات المختلفة، فى حين أن غالبية خريجى الجامعات الأجنبية يلتحقون بالمؤسسات العالمية والبنوك الأجنبية والشركات متعددة الجنسيات.

ورغم انهيار التعليم الحكومى، فإننا سنجد كثيرين تعلموا تعليما جيدا بجهودهم الخاصة، سواء بكدهم وعرقهم ومتابعتهم كل ما هو ثمين خارج المقرر، أو عن طريق الدروس الخصوصية، ومع ذلك تخرَّج مئات الآلاف من طلاب المدارس الحكومية وهم فاقدون لأهم ما يميزهم، وهو إتقان اللغة العربية، حتى صارت الأخطاء البديهية وعدم القدرة على تركيب جمل عربية مفهومة- وليس بالضرورة صحيحة- سمة غالبة لكثير من خريجى المدارس الحكومية، بالتوازى مع ضعف شديد فى مستوى اللغات الأجنبية، يقابلهم خريجو المدارس والجامعات الأجنبية الذين تعلم كثير منهم كل شىء إلا اللغة والثقافة العربية، وبدا بعضهم وكأنهم سياح أجانب يعيشون فى مصر لا علاقه لهم بمجتمعها.

وإذا كان من المؤكد أنه لا يمكن وضع جميع خريجى الجامعات الحكومية ثقافيا واجتماعيا وسياسيا فى سلة واحدة، وكذلك خريجو الجامعات الأجنبية، فكلاهما متنوع ومختلف، ولكن يقينا أن هناك سمة غالبة عند كل جانب عَمَّقها العيش داخل جزر منفصلة.

إن غالبية مَن يرون أن الديمقراطية وقضايا الحريات العامة يمكن تأجيلها من أجل لقمة العيش هم أبناء الثقافة المحلية والتعليم العام، وأن تأييدهم النظام السياسى الحالى يرجع إلى صعوبة أوضاعهم الاقتصادية وعدم انفتاحهم على العالم، «رغم وسائل التواصل الاجتماعى»، مثلما هو متاح للشباب المتعولم من خريجى المدارس والجامعات الأجنبية.

والحقيقة أن هناك كتلة غالبة من كل فريق: الحكومى العام، والأجنبى الخاص، خلقت لنفسها جزيرة منعزلة بمفرداتها ولغتها الخاصة وموقفها المختلف من نظام الحكم والقيم العامة السائدة، فأبناء التعليم العام هم فى أغلبهم موظفو الحكومة والإدارات العامة بكل مستوياتها العليا والدنيا، وهم رافضو قانون الخدمة المدنية، ولا يرتاحون لفكرة الإصلاح الإدارى والمؤسسى، يقابلهم سكان الجزيرة الأخرى، الذين يرى كثير منهم أن المشكلة فى جهل الشعب، وينظرون باستعلاء إلى كل مَن يعيش داخل جزيرة التعليم العام والمحلى «Local»، دون أى قدرة على التواصل معهم والشعور بالمسؤولية تجاه تطوير أوضاعهم الاجتماعية والتعليمية.

جزرنا المنعزلة عمَّقها عدم الاهتمام بالتعليم العام، واعتباره قضية بناء مدارس وجدران، وليس مشروع النهضة الوحيد القادر على تقدم أى أمة، كما أن وجود رؤية شاملة تربط التعليم الأجنبى بثقافة المجتمع ولغته العربية، جنبا إلى جنب مع القيم الإنسانية، هو أيضا شرط بناء نخب متجانسة قادرة على التواصل فيما بينها ومع المجتمع، وكسر حصون الجزر المنعزلة.

GMT 01:10 2019 الأحد ,28 إبريل / نيسان

.. وبدأت الجزيرة

GMT 08:18 2019 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

أحوال العرب

GMT 00:00 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

منتدى دندرة

GMT 00:56 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

قمة بلا جمهور

GMT 00:13 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من أضاع الجولان؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جزرنا المنعزلة جزرنا المنعزلة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon