توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جرح رابعة

  مصر اليوم -

جرح رابعة

عمرو الشوبكي

سقط أكثر من 700 مواطن مصرى ضحايا فض اعتصامى رابعة والنهضة، بينهم ما يقرب من 40 رجل أمن، وتولد فى مثل هذا اليوم من العام الماضى جرح عميق لم يندمل بعد.

والمؤكد أن العدد الأكبر من هؤلاء الضحايا كان من المدنيين الأبرياء الذين أكدت معظم التقارير المصرية، وعلى رأسها تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن غالبيتهم الساحقة كانت من المتظاهرين السلميين، وأكدت أيضا وجود عناصر مسلحة قُدرت بحوالى 19 عنصرا، أطلقت الرصاص أولًا على رجال الأمن، واستشهد على إثرها نقيب شرطة، فخرجت الأمور عن السيطرة وحدثت تجاوزات كثيرة صاحبت عملية الفض وأدت لسقوط هذا العدد الكبير من الضحايا.

إن تحميل طرف واحد، أى الدولة، مسؤولية سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا، كما يصر الإخوان وحلفاؤهم على التأكيد ومعهم بعض المنظمات الحقوقية، أمر غير أمين، لأن الدولة وأجهزة الأمن تتحمل جانبا من هذه المسؤولية، إنما العناصر الإرهابية التى حملت السلاح فى اعتصام سلمى وسط بسطاء من المصريين بعد أن جلبتهم الجماعة من المحافظات وتاجرت بدمائهم هى التى تتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية، وأتمنى أن يتضمن تقرير تقصى الحقائق، الذى يشرف عليه المستشار الجليل فؤاد رياض، تحديد كل هذه المسؤوليات ومحاسبة المخطئين وتعويض الضحايا.

وإذا كانت مصر تحتاج إلى تحقيق شفاف ومستقل فيما جرى فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، إلا أنه من المؤكد أن تداعيات عملية الفض داخليا وخارجيا كانت أكبر مما تصورته الدولة.

وبعيدا عن تقرير «هيومان رايتس ووتش» المنحاز، ودخول الدولة فى جدل حوله، وبعيدا عن القراءات المتناقضة حول ما جرى فى رابعة، بين غالبية تؤيد الفض لإعادة هيبة الدولة، وأقلية مؤثرة تراها مجزرة سقط فيها مئات الضحايا (روج الإخوان كذبا فى البداية أنهم 3 آلاف قتيل)، وتحمّل الدولة فقط مسؤولية سقوط كل هذا العدد من الضحايا.

وقد نسى الجانبان أن تناقض الرواية السياسية أمر يجب ألا يجعلنا تحت أى ظرف نتغاضى عن حقوق مئات الضحايا الذين سقطوا دون أن يحملوا السلاح، وألا نخلط بين خلافنا معهم ومع توجهاتهم وعدم رغبتنا فى أن يخضعوا لغسيل المخ الإخوانى، وبين أن نتعامل مع دمائهم بهذا الحياد لأنهم حملوا رؤية أخرى وشاركوا فى اعتصام رفضته غالبية الشعب المصرى.

أن يُفض الاعتصام نعم، وأن تضطر الشرطة لفضه بالقوة فى ظل وجود هذه العناصر المسلحة أمر وارد، إنما أن نُدخل تعويض أهالى الضحايا ومعرفة حقيقية ما جرى فى مساومتنا السياسية فهذه جريمة لا تقل سوءا عن جرائم الإخوان.

إن قضية رابعة التى تعولمت وصارت جزءا من دعاية الإخوان وحلفائهم ضد النظام الحالى، دعمتهم فيها قوى وجماعات حقوقية ويسارية فى العالم كله، كثير منها كان لأسباب مبدئية حين هالتهم صور الضحايا وتجاهل الحكومة فتح ملفهم، وبعضهم كانوا موجهين من قبل بعض دوائر صنع القرار المعادية للنظام المصرى.

لقد تُرك موضوع رابعة على مدار عام لخطاب التحريض والكراهية المتبادل، فهناك من لم ير- كما هى العادة- ضحايا الشرطة الذين تجاوزوا منذ بداية حكم مرسى حتى الآن 500 شهيد، وهناك من قال لا يهم سقوط ضحايا أبرياء طالما كان هناك مسلحون إرهابيون داخل الاعتصام.

والحقيقة أن كلا الموقفين يحتاج إلى مراجعة، أحدهما إخوانى لا يراجع نفسه لأنه يكره الدولة والمجتمع، والثانى يجب أن يراجع موقفه وعليه ألا يتجاهل ضحايا رابعة لأنهم ضد النظام أو لأن قلة منهم حملوا السلاح، ويترك قضية القصاص للشباب الإخوانى ولبعض الشباب الثورى والغاضب يتفاعل معها بشكل يومى دون أى نقاش رسمى حقيقى حول هذا الموضوع.

ما حافظ على مصر أن انقسامها السياسى لم يتحول بعد إلى انقسام مجتمعى شامل أو إلى مواجهات أهلية، إلا أن جرح رابعة سيدفع بعض التيارات السياسية إلى استغلاله وتوظيفه لصالح مزيد من الانقسام المجتمعى.

المؤكد أن فتح ملف ضحايا رابعة سيؤدى إلى الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعى المصرى بعد حالة الاستقطاب الشديد التى تعرض لها المجتمع، وتعرضه لانقسامات عديدة بين الاتجاهات السياسية المختلفة، وإذا كان المجتمع المصرى قد شهد مواجهات بين فصائل سياسية مختلفة، فإن هذه المواجهات لم تنقل إلى دوائر أوسع من الأهل والأنصار، كما يجب على الدولة أن تقف فى مواجهة خطاب الانتقام الفردى أو المحاسبة خارج إطار القانون، والتى فى حال حدوثها، لا قدر الله، فمن شأنها أن تقضى على تماسك المجتمع ووحدته ومستقبل الأجيال القادمة.

يجب ألا نخاف أو نتردد فى فتح جرح رابعة، ولا أن ندخل المواقف المبدئية والأخلاقية فى حسابات السياسة، فمن يدافع عن الوطن أو ينتمى إلى معسكرنا ندافع عنه وعن حقوقه ونطالب بالقصاص له، ومن يختلف معنا وسقط ضحية المواجهات الأمنية ولم يمارس العنف نتجاهل حقوقه.

المؤكد أن هذا السلوك الثأرى هو سلوك القبائل وليس الدول، ونحن فى حاجة لأن تعترف الدولة بأخطائها فى حال ثبوتها، وتحاسب المسؤولين عنها دون أن تكون رد فعل لما يفعله الإخوان، فهى تعوض مواطنين مصريين حتى لو سقطوا فى المكان الغلط ودفاعا عن القضية الغلط، فإن حقوقهم يجب أن تظل مصونة ولا تخضع لأى أهواء سياسية.

المصالحة المجتمعية أهم بكثير من المصالحة السياسية، لأنها تعنى الناس والمجتمع، وجرح رابعة يمثل أحد جوانب الانقسام المجتمعى بعيدا عن توظيف الإخوان له، وحين نفتح هذا الجرح فلا نفعل ذلك بسبب الإخوان أو لصالحهم، إنما لصالح الوطن ولصالح الأبرياء الذين سقطوا ولهم أسر وأهل وأصدقاء من حقهم أن يشعروا بالعدل والأمان فى هذا البلد.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرح رابعة جرح رابعة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon