توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المسكوت عنه

  مصر اليوم -

المسكوت عنه

عمرو الشوبكي

فى مصر خطابان هما وجهان لعملة واحدة، وانتعاش أحدهما مرتبط بالآخر، واختفاؤه يعنى اختفاء الآخر، ورغم أنهما يمثلان أزمة مصر الحقيقية، فإنهما ظلا حتى الآن مهيمنَيْن على الساحة السياسية والإعلامية.

والحقيقة أن مصر عرفت منذ انتفاضة 30 يونيو خطابين متعاديين، أحدهما معارض، ولكنه فى الحقيقة لا ينتمى للمعارضة التى تعرفها دول العالم، لأنه يرغب فى هدم المسار السياسى برمته لا تغييره أو إصلاحه، والثانى مؤيد يستدعى مفاهيم فاشية فى الإقصاء والتخوين دمرت مجتمعات قبلنا ويصر على تكرارها فى مصر.

والحقيقة أن خطاب الإقصاء المؤيد وخطاب الإقصاء المعارض لن ينقلا مصر خطوة واحدة للأمام، فمعارضة الإخوان لم ترها مصر منذ ثورة 1919 لأنها معارضة كراهية وتخريب وتمثل أكبر سند للاستبداد منذ عقود، فقد سبق أن عرفت مصر صورا مختلفة من المعارضة، فقد عارض الوفديون سلطة عبدالناصر، وعارض الناصريون واليساريون سلطة السادات، بل انتفضوا ضده فى واحدة من أكبر انتفاضات الشعب المصرى فى 18 و19 يناير، ولكن على خلاف الإخوان لم يكونوا ميليشيات ولا لجاناً إلكترونية تغتال معارضيهم، ولم يشمتوا فى مآسى الشعب المصرى ويتمنوا له الفشل والشر، لأنهم معارضون لنظامه السياسى، ولم يفرحوا ويقولوا للإرهابيين: تسلم الأيادى، عقب استشهاد أى جندى شريف ضحية للإرهاب الذى دعموه.

الفارق بين الإخوان والآخرين ليس فى أنهم عارضوا السلطة، إنما فى حجم الكراهية التى يبثونها كل يوم، حتى صاروا يعطون ألف مبرر لخطاب التطبيل والتحريض السلطوى والوطنية التى تغنى ولا تبنى، حتى لا يعترفوا بأن هناك ملايين رفضوا ومازالوا حكم الجماعة ومستعدين أن يقبلوا السيئ، لأنهم اعتبروا أنهم شاهدوا فى عهدهم الأسوأ.

فى مقابل هذا الخطاب، هناك صراخ وهتاف آخر يحرض كل يوم على القتل والتصفية وإقصاء المخالفين فى الرأى ويعتبر النقد معطلا لمسيرة الحكم والاعتراض على الأخطاء- (كثير منها فج وصادم)- تواطؤا مع الإخوان، وتزايد خطاب التحريض ضد ثورة يناير وضد مئات الآلاف من الشباب وطلاب الجامعات الذين مثلوا على مدار التاريخ المعاصر ضمير مصر والحركة الوطنية، واختزلهم فى عشرات النشطاء المشبوهين.

وبدا خطاب التأييد والتهليل بمثابة ضامن أمين لسوء الأداء والفشل الداخلى وغياب أى رؤية سياسية للإصلاح، وكأن مصر قادرة على الاستمرار بدولة مأزومة ومترهلة إلى الأبد وبشعارات إقصائية فى حق معارضيها أكثر قسوة وحدة مما كنا نراه فى العهود السابقة.

إن أخطر ما تواجهه مصر الآن هو أن هذين الخطابين ينتجان كل يوم العنف والكراهية، فى حين عجزت السلطة عن أن تخلق مساحة فعل سياسى سلمى بينهما، قادرة على استقطاب جزء من صانعى الرفض والاحتجاج إلى ساحة المعارضة السياسية السلمية، وأيضا جزء من المؤيدين والهتافين إلى ساحة العمل السياسى، الذى يقبل الآخر ويعتبر المعارضين ليسوا متآمرين ولا مخربين.

إن نتائج هذا الاستقطاب كارثية على المجتمع، فى ظل حياد سلبى للسلطة تجاه جرائم حقيقية تجرى على الساحة السياسية والإعلامية، واهتمت بفرز المؤيدين والمعارضين وليس (وهو الدور الأساسى الغائب) وضع مبادئ وأسس بناء نظام سياسى جديد يرى أن هناك علماً اسمه التنمية السياسية مثل التنمية الاقتصادية، وفى الحالة المصرية دوره أهم وأخطر، ويجعل بذلك الاستقطاب والتطرف والكراهية على هامش العملية السياسية لا وقودها ومحركها، كما يجرى الآن، ويقف فى وجه العنف المادى واللفظى الذى بات حلاً سهلاً للكثيرين ودون رادع قانونى، ولن تستطيع الدولة، مهما كانت قسوة إجراءاتها الأمنية، السيطرة على هذا العنف.

الدولة المصرية فى خطر نعم، والدولة المصرية مستهدفة نعم، وهناك خطر الإرهاب نعم، ومندوبو الخارج فى الداخل نعم، هذه كلها أخطار، ولكن أين نتائج (وخطر) الحرص على استمرار خطابى الكراهية والتحريض يغذيان بعضهما البعض ويخطفان المجتمع لصالح التخوين والتكفير، حتى صرنا أمام أخطار جسيمة لا يراها البعض إلا فى أبعادها التآمرية بعيدا عن أى رؤية سياسية للتعاطى معها.

المسكوت عنه أن فى مصر خطابين يبدوان للكثيرين أنهما عدوان، والحقيقة أنهما عدوان فى الشكل والمظهر الخارجى، ولكن وجود كل منهما مرتبط بوجود الآخر، وحين ينتعش الأول ينمو الثانى، وأن تواطؤهما معاً بات ضد الشعب المصرى.

حان الوقت لأن نعتبر أن أخطر ما تواجه مصر الآن هو خطاب تيار من المؤيدين الإقصائيين تماما مثل خطر خطاب الإخوان الكارهين، وبينهما يقع الشعب المصرى بأغلبيته المؤيدة الوطنية الطيبة، وأقليته المعارضة التى لا تمارس ولا تحرض على العنف، وعلى أطرافهما يجب أن يذهب خطاب التحريض والكراهية ليبقى فى الهامش، وهو أمر يحتاج فعلا سياسيا وليس مواجهات أمنية أو إعلامية.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسكوت عنه المسكوت عنه



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon