توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشعب ضد الشعب

  مصر اليوم -

الشعب ضد الشعب

عمرو الشوبكي

حصانة نواب المجالس النيابية أمر مستقر فى البلاد الديمقراطية، أو التى ترغب أن تكون ديمقراطية، بصرف النظر عن وجود بعض من يوظف هذه الحصانة فى أغراض غير قانونية، فالأمر لا يعدو أن يكون مجرد حصانة لتسهيل عمل النائب فى أداء واجبه فى الرقابة والتشريع، أما إذا كان المطلوب أن يبقى مهللاً ومصفقاً، أو نائماً وغائباً، فإن الأمر بالتأكيد لا يحتاج إلى حصانة، لأن ما يقوله سيبسط الجميع.

يقيناً أن مصر من البلاد التى استخدم فيها كثير من نواب الشعب حصانتهم فى قضايا مخالفة للقانون، وفى الاستعلاء على خلق الله، وفى التربح وتحقيق مكاسب خاصة أو للأهل والعشيرة، إلا أن هذا لا يعنى مطالبة بعض الناس، بمن فيهم بعض المرشحين، بهذا «الاختراع النادر» الذى يقول بإلغاء الحصانة خارج المجلس والاحتفاظ بها داخل المجلس.

والحقيقة أن الحصانة تُعطَى فى كل بلاد الدنيا للنواب بحكم الدستور والقانون، وهى نوع من الحماية للنائب أساساً خارج البرلمان إذا قام بانتقاد سلطة رأس المال أو أهل الحكم، وسحبها سيعنى إضعاف قدرته على الوقوف أمام هؤلاء، وإنهاء فكرة نائب الشعب من الأساس.

والحقيقة أن الترجمة العملية لاختراع سحب الحصانة تعنى أن النائب إذا تجاوز فى حق أى سلطة داخل البرلمان يستطيع أى أمين شرطة خارج البرلمان أن يقبض عليه أو يحتجزه لساعات أو أشهر، وهناك تهم كثيرة جاهزة، بعد أن فقد حصانته بناءً على رغبة قطاع من الشعب ضد نواب الشعب. والسؤال: لماذا اخترعت البلاد المتقدمة نظام الحصانة لنواب البرلمان أو للقضاة أو رجال الأمن أثناء تنفيذ عمليات معينة، أو جهات التحقيق والنيابة العامة، أو لرئيس الجمهورية والوزراء المنتخبين؟ لأنها ببساطة تساعدهم على القيام بوظائفهم، واتفق المجتمع ونظامه الدستورى والقانونى على أن هذه الفئات تحتاج إلى هذه الحصانة لتأدية عملها وليس للاستفادة أو التربح منها.

ففى مصر هناك حصانة دستورية وقانونية لفئات كثيرة، فالقضاء لديه حصانة، ووكيل النيابة الشاب يكتب مذكرة بما يراه أمام أى زميل له (مهما كان خطؤه)، ولا يُستدعى لأى تحقيق إلا بعد رفع الحصانة عنه، لأن طبيعة عمله فى الأصل تستدعى تمتعه بهذه الحصانة.

وهناك أيضاً حصانة أعطاها الدستور لرجال القوات المسلحة فى حال الاعتداء المباشر عليهم من أى «مدنى»، أو بالأحرى إرهابى، وهنا سمح الدستور بإحالة المعتدين إلى محاكمة عسكرية على عكس البلاد الديمقراطية المستقرة التى لا يُسمح فيها بإحالة المدنيين أمام المحاكم العسكرية.

والحقيقة أن المطروح فى مصر ليس صراع حصانات، ولا بحثاً عن استثناءات خاصة لكل فئة كما يطالب البعض كل يوم، فالقاضى بحكم طبيعة عملة يحتاج إلى حصانة أو وضع قانونى يتيح له القيام بعمله دون تهديد أو ضغوط، ونفس الأمر بالنسبة لنائب الشعب، فالحصانة هنا لا يجب أن تكون باباً لفساد أو استثناء، إنما فقط حماية من أجل أداء العمل المكلف به.

إن حرص المجتمع يجب أن يكون من أجل وضع كل الضمانات التى تجعل استخدام الحصانة من أجل تأدية الوظيفة العامة لا الوجاهة العامة، ومحاسبة أى نائب أو مسؤول تنفيذى كبير يستفيد من الحصانة فى ارتكاب المخالفات الصغيرة أو الجرائم الكبيرة، فهؤلاء يجب ألا تعطيهم الحصانة أى ميزة، وأن توضع آلية لرفعها عنهم فوراً فى حال ثبوت ارتكابهم أى جريمة.

المؤكد أن هذه الحروب التى يشنها البعض على كل ما له علاقة بخيارات الناس أمر صادم ومقلق، فالحصانة يطالب البعض بسحبها من المؤسسة المنتخبة الوحيدة التى يختارها الناس، أى نواب البرلمان، وهو أمر غير مطروح بالنسبة لأى فئة أخرى من فئات الإدارة والدولة، والدستور الذى يحمى الشعب ويضمن حقوقه الأساسية وحرياته وكرامته (واستُفتى عليه الشعب أيضاً) يطالب البعض بتغييره دون أن يقرأوه فى هستيريا نادرة وغير مسبوقة تحت حجة أن صلاحيات البرلمان أكبر من الرئيس (غير صحيح)، وأن الأول قد يعطل الأخير، وهو طلب غريب فى ظل غياب البرلمان، وفى حالة وجوده سيكون مؤيداً، فكيف يمكن اعتباره معطلاً، وهو من الأصل لم يُنتخب بعد.

الحقيقة أن الحروب الإعلامية الدائرة فى مصر الآن تدل على عمق الأزمة التى وصلنا إليها، فهى من ناحية حروب وهمية لا علاقة لها بجوهر المشاكل التى يعانى منها المجتمع المصرى، فبدلاً من أن نتحدث عن مشاكل الفقر والأمية وغياب العدالة ومحاربة الفساد والإرهاب نتحدث عن صلاحيات الرئيس فى مواجهة برلمان لم يُنتخب أصلاً، وبدلاً من أن نحارب توظيف البعض السيئ للحصانة البرلمانية نقول: اسحبوا حصانة المساعدة على تأدية الواجب من الكيان الوحيد المنتخب، أى البرلمان، فى اختراع غير مسبوق مصرياً وعالمياً.

حين يقع بعض أفراد الشعب فريسة التحريض الإعلامى فى قضايا لا علاقة لها بمشاكلهم، ويدخلون فى حروب وهمية مع جزء آخر من الشعب، فهم بذلك يُبقون كل المشاكل الحقيقية على حالها بلا تغيير، لأنهم انشغلوا بمعارك لا تقدمهم خطوة واحدة للأمام.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعب ضد الشعب الشعب ضد الشعب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon