توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإصلاح من داخل النظام

  مصر اليوم -

الإصلاح من داخل النظام

عمرو الشوبكي

فى مصر، مثل بلاد كثيرة فى العالم، هناك جدل دائم حول قضية الإصلاح من داخل النظام، وعرفت البلاد محاولات حثيثة من قبل بعض من غامروا ودخلوا الحزب الوطنى الديمقراطى لإصلاح النظام من داخله، صحيح أن محاولتهم باءت بالفشل إلا أن بعضها كان جريئا، ولو قدر له النجاح لجنب البلاد مخاطر الثورة وكوارث المرحلة الانتقالية ولكانت مصر فى وضع أفضل مما هى عليه الآن.

وقد تلقيت، عقب نشر هذا المقال، اتصالاً تليفونياً من د. حسام بدراوى، القيادى الإصلاحى السابق فى الحزب الوطنى، معترضا بشكل ودى على الجملة الأخيرة، على اعتبار أنه كانت هناك بالفعل وجوه إصلاحية داخل النظام، واعتبرت أن الصياغة الأدق كانت «لو كانت هناك وجوه إصلاحية نجحت فى تحقيق ولو جانب من رؤيتها الإصلاحية».

وقد أرسل الرجل، فى أعقاب اتصاله الهاتفى، رسالة مختصرة أرفقها بمقترحات سماها «دعم مسار مصر فى حقوق الإنسان»، سبق أن قدمها للرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكانت على قدر كبير من الأهمية والجرأة، وكالعادة كان مكانها «ثلاجة مبارك» الشهيرة، فى حين أنه لو أخذ بها لكان ملف حقوق الإنسان بل والملف السياسى فى مصر فى وضع أفضل بكثير.

وتضمنت مقترحات بدراوى أن يأخذ الحزب الوطنى مبادرة سياسية جديدة لتطبيق آليات حقوق الإنسان فى مصر، وجاء فيها:

1- بالإشارة إلى تحليل الأوضاع الإقليمية حول مصر فإن انتشار المد والتطرف الدينى السياسى، من حولنا سواء فى غزة أو لبنان أو السودان أو الخليج أو المغرب العربى، هو وضع يزيد من غلبة فكر المواجهة الأمنية، ولكن المواجهة الأمنية على أهميتها لابد أن يكملها رؤية ومسار وسياسات وبرامج ذات طبيعة سياسية إصلاحية تشارك قوى المجتمع المدنى ولا تعاديها، حتى لا تقع فريسة الدعاوى السياسية المغلفة بالشعارات الدينية السياسية.

2- لابد أن نسلم أن المواجهة الأمنية للإسلام السياسى تؤدى بالضرورة الحتمية لفرض بعض القيود على حقوق الإنسان خاصة فى مجالات حرية التعبير والانتقال ونشاط الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية وغير ذلك، وبالتالى فإننا نحتاج «لاستراتيجية موازية» لحماية حقوق الإنسان وتعزيز المشاركة السياسية والانفتاح على المجتمع المدنى عبر مبادرات جديدة وفكر جديد وبرامج تنفيذية، يشعر بها المواطنون ويشاركون فيها.

3- إن العديد من الدوائر الحزبية والحكومية فى أوروبا والولايات المتحدة بدأت تطالب بالتعامل مع «تيار الإسلام المعتدل». وهو تناقض اصطلاحى يحتاج للتوضيح، لأن أى «إسلام سياسى» ببساطة يستخدم الدين للوصول للسلطة أو على الأقل يخلط الدين بالسياسة، وهذا خطر كبير على الدولة المدنية وعلى الدستور وعلى الأقباط وعلى تجانسنا القومى، ودورنا الإقليمى وصورتنا الدولية، بل هو خطر جسيم على كل الشرق الأوسط، لأن ما يحدث فى مصر سوف يكون هو النموذج السائد فى المنطقة ككل.

4- أما على المستوى الوطنى فإن المد الدينى السياسى فى تزايد، وتغلغله الاجتماعى واضح ومظاهره الثقافية مقلقة للغاية. وما فعلته الحكومة من إصلاحات فى مجال مواجهة ذلك مازال محدود التأثير على المواطنين، بل إن أجهزة الدولة الإعلامية تساند أحيانا هذا التأثير بأشكال مباشرة، ويزيد على ذلك أن ثقافة التعليم ووسائله تترك التلاميذ عرضة للتأثر بالمدرسين الذين يميلون لتأكيد هذه الهوية.

5- إن أى حكومة لا يمكنها مواجهة التطرف الفكرى والدينى وحدها، فقط المجتمع يمكنه ذلك، والمجتمع لا يمكن أن يتحالف مع الحكومة لتحقيق هذا الهدف، إلا إذا أطلقنا له القنوات والمساحة والحريات، وضمنا له كرامته، بما فى ذلك أسلوب المعاملة، ليس فقط فى السجون وأقسام الشرطة، ولكن مع كل جهات الإدارة العادية، وفى طلباته لحقوقه الطبيعية فى الصحة والتعليم والمواصلات والسكن والغذاء، وهو محور الفكر الجديد فى نهضة الحزب الوطنى الذى على أساسه اشتركت فيه لأنه من وجهة نظرى لا يوجد خلاف بين مضمون فكر الحزب كما ننشره وبين تطبيق آليات حقوق الإنسان ومفاهيمه كما وردت فى تعهدات مصر الدولية فى هذا الإطار وإلا أصبحنا ننافق أنفسنا والرأى العام.

واختتم الرجل رسالته بالقول إن هذه واحدة من العديد من المذكرات التى قدمتها إلى رئيس الجمهورية عاما بعد عام، وعندما اقرأها مره أخرى أفكر فيما أخطأت فيه.

هل كان لزاما على أخذ موقف أكثر حدة، وإذا كنت قد فعلت، هل كان وجودى فى المعارضة سيغير من الأمر شيئا؟

يقينا بدراوى لم يخطئ بخياره هذا مثل آخرين اختاروا أن يصلحوا من داخل النظام دون أن يكونوا جزءا من فساد وإفساد وجرائم سرقة ونهب، وإن كنا على الأرجح سنعتبر أن الإصلاحيين من داخل النظام أخطأوا لو كان المعارضون أو الثوار من خارج النظام قد نجحوا.

إن أخطر ما واجهته مصر فى أعقاب ثورة يناير أنه لا الثوار بنوا تنظيما سياسيا إصلاحيا أو ثوريا قادرا على الحكم، ولا الإصلاحيين الذين تواجدوا داخل الدولة والنظام الأسبق نجحوا فى توجيه البلاد نحو الإصلاح وتفادى الثورة (راجع مقالنا فى العام الماضى حين فقدنا المسار الإصلاحى).

ورغم أنى كنت من معارضى الحزب الوطنى إلا أن أى تجربة تغيير ناجحة كانت معبرة عن توازن بين النظام القديم والجديد، وأن نظريات إسقاط النظام بالضربة القاضية وباستدعاء نظريات ثورية من متاحف التاريخ تسقط نظما قديمة وتؤسس لأخرى جديدة أمر اختفى من كل تجارب التغيير الناجحة فى النصف قرن الماضى، وأصبح التغيير نتاج توازن القوى بين من طالبوا بالإصلاح من خارج النظام ومن داخله.

وفى مصر فقد فشل الاثنان معا: إصلاحيو النظام أن يصلحوا ويحولوا دون أن تتجه البلاد نحو الثورة، ومن شاركوا فى ثورة يناير أن يحولوها إلى نظام سياسى قادر على الحكم وصناعة التقدم.

الإصلاح من داخل النظام مهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة وتتطلب ضغوطا شعبية وقوى إصلاحية منظمة من داخل النظام وخارجه وهى معركة نقاط لم تنته بعد.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإصلاح من داخل النظام الإصلاح من داخل النظام



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon