بقلم : عمرو الشوبكي
علق كثير من القراء على أن عنوانين من آخر مقالين كتبتهما مؤخرا تضمنا كلمة الفشل: الأول حمل عنوان «المجتمع الفاشل»، والثانى «الفشل أيضا إرهاب»، وهو ما تقبله البعض واعتبره رسالة تحذير، واختلف معه البعض الآخر واعتبره رسالة تشاؤم.
ومع ذلك اخترت تعليقين من مجموعة من التعليقات التى تعرضت لهذا الموضوع بروح نقدية بعيدا عن ثنائية التفاؤل والتشاؤم.
الرسالة الأولى جاءت من طبيب القلب الدكتور أحمد الهوبى، وجاء فيها:
تعليقا على مقالكم الرائع «المجتمع الفاشل»، وأعتقد أنه انعكاس لحيرة أكثر منه توصيفا لحالة، ولكن من وجهة نظرى أن النخبة بشقيها، معارضة وحكاما، هى المسؤولة عن تخلفنا المزمن، فالنخبة هى الرافعة التى ترفع المجتمع، والشواهد على ذلك عديدة، فعندك الهند من أقوى اقتصاديات العالم رغم الفقر المدقع والأمية، لكنها خلقت نخبة قوية بعد الاستقلال كانت رافعة للمجتمع، وعلى يديها نشأت الديمقراطية، والشاهد الآخر هو نجاح المصريين فى أوروبا، فى وجود نظام كفء شفاف وعادل، فالمجتمع سيدى الفاضل ليس مسؤولا عن سوء خيارات السلطة سياسيا واقتصاديا، وليس مسؤولا عن ضعف التنمية، ولا عن تفتيت الملكية الزراعية وترييف المدن والعشوائية، وظهور ثقافة الزحام والفوضى، والمجتمع سيدى الفاضل ليس من أعاد هيكلة الأزهر وأنشأ كليات مدنية ليزايد على الإخوان فى الدين فتَسَلّف المجتمع ونما تيار الإسلام السياسى، وليس مسؤولا عن صدام السادات مع اليسار وفتح المجال العام للإسلاميين لينتشروا، والمجتمع ليس مسؤولا عن رأسمالية الخدمات والفهلوة، ولا عن سد منافذ الصعود الاجتماعى وما يصاحب ذلك من إحباط وتطرف.
المجتمع ليس مسؤولا عن معارضة عاجزة تصف نفسها حتى الآن بأنها على يسار النظام! ويروجون لمزيد من تحكم الدولة فى الاقتصاد والأرزاق، ويطالبون بالديمقراطية التى أول أسسها الاستقلال الاقتصادى، فالمجتمع مفعول به وليس فاعلا.
أما الرسالة الثانية فجاءت من الأستاذ محمد السيد رجب، مدير عام سابق بالإسكندرية:
الأستاذ الدكتور عمرو الشوبكي
تحية طيبة وبعد..
تعقيبا على مقالكم المهم «الفشل أيضا إرهاب» أقول لسيادتكم إن الفشل أشد خطرا وأقل تكلفة من الإرهاب.
الإرهاب يحتاج إلى ترتيب وتدبير وقوة وأموال وسلاح، أما الفشل فكل ما يحتاجه غباء مستتر وذكاء مصطنع واستهتار فطرى وعدم انتماء، وربما احتاج أيضا جهلا وحقدا وفقرا!.
ولو افترضنا أن عامل التحويلة تشاجر مع زوجته لأنه لا يستطيع شراء كيلو لحمة، إذن فلتذهب التحويلة والقضبان والقطار إلى جهنم!.
هناك علاقة طردية بين مستوى المعيشة والدخل المادى وبين إتقان العمل والاهتمام به، ولا أقول الراحة والسعادة عند القيام به!.
هو لا يتعمد إزهاق الأرواح، بل هو عامل مشغول مستغرق بأمور العيش والحياة!.
وهذا عن فشل الصغار، أما فشل الكبار فهو باختصار شديد إن الرجل المناسب لا يعمل فى المكان المناسب، وذلك يؤدى إلى سقوط عمارات وتصادم قطارات وحرق مصانع وغرق معديات وإزهاق أرواح!.
إن المسؤول الكبير غالبا هو حلة أنيقة ودخل عظيم وحى راق ونوم هادئ، وحينما ينتقل ويعين الكارثة يتحدث وكأنه من كوكب آخر، لا يعى ولا يفهم ولا يدرى!.