بقلم : عمرو الشوبكي
تلقيت من الدكتور جمال شمس الدين، باحث اللغويات، رسالة عن النعرات القبلية فى مصر، ورغم أن الرجل يؤكد انتماء مصر الفرعونى ولا يؤمن بانتمائها العربى (على عكس موقفى الذى يرى أن العروبة الحضارية المنفتحة والمستنيرة قادرة على استيعاب كل محطات مصر التاريخية من الفرعونية، مرورا بالقطبية، وانتهاء بالإسلام.
وقد تضمنت الرسالة ما يلى:
بدأت تظهر فى مصر فى الآونة الأخيرة تشكيلات اجتماعية تفتيتية لافتة للنظر، ومثال لذلك أن بعض المواطنين الذين يعيشون فى مصر رأوا أنهم فى الأصل منحدرون من قبائل عربية، ولم يكتفوا بإعلان ذلك، بل ذهبوا إلى حد تشكيل ائتلاف لهذه القبائل، مثل «ائتلاف القبائل العربية بأسوان»، وغدا «ائتلاف القبائل العربية بسيناء»... إلخ. مما يعنى أننا فى سبيلنا أن نقسم مصر إلى عرق عربى وعرق غير عربى، وهو أمر فى غاية الخطورة، وطبعا سينقسم العرق العربى بعد ذلك إلى عرب أشراف وعرب غير أشراف، وكأننا فى حاجة إلى تقسيمات جديدة بعد أن انقسمنا إلى مسلمين ومسيحيين وحدث ما حدث وتمكنا من الالتحام مرة أخرى، بعد أن سالت دماء زكية وحُرِقت كنائس. وما حدث فى دارفور فى السودان ليس ببعيد، حيث انقسمت دارفور أيضا إلى عرق عربى مسلم وعرق أفريقى مسلم أيضا، ولكنه ليس عربيا، وحدث ما حدث بينهما من حرب دموية مات فيها الكثيرون وانتهى الأمر بانفصال دارفور عن السودان العربى، هذه الائتلافات تكونت اليوم فى ظل حسن النية، ولكن غدا وبعد عشرات السنين سيختلف الأمر، حيث تنمو لها أنياب ومخالب وتطالب بحقوق سياسية كإقامة دويلة هنا أو ولاية هناك، كولاية سيناء مثلا، ولسوف نندم آنذاك لأننا لم نوقفها فى حينها.
أقول لهذا الائتلاف، ولغيره من التشكيلات العربية القائمة والمستقبلة، إنكم بوجودكم فى مصر مدة 1400 عام أصبحتم مصريين، وأهلا وسهلا بكم، كما أقول أيضا إن من يقرأ تاريخ مصر القديم على مدى 5000 عام قبل الميلاد، لن يجد كلمة (قبيلة) بين مفردات هذا المعجم لأننا-نحن المصريين- ببساطة شديدة متحضرون منذ بداية وجودنا فى التاريخ المكتوب، فلم تعرف لغتنا هذه الكلمة خلال هذا التاريخ الطويل، ولن نرجع أبدا إلى عصر البداوة، (يرجع فى ذلك لمعجم الحضارة المصرية القديمة: مكتبة الأسرة 1996)، وسوف نحافظ على حضارتنا وهويتنا. لقد سبق أن تعالت مصر على التقسيم إلى شيعة وسنّة أو إلى مسلمين ومسيحيين وغير ذلك، وسوف نتعالى أيضا على تقسيمنا إلى عرب ومصريين.
إننى أدعو إلى صدور قانون يمنع تكوين أى جمعيات أو تشكيلات اجتماعية تعمل على تفتيت المجتمع المصرى تفتيتاً عرقياً، كما أدعو هذه القبائل العربية للاندماج معنا كمصريين ومشاطرتنا حضارة العصر، بدلا من العودة إلى حضارة الصحراء، مع التخلى عن التقسيم العرقى إلى عرب وغير عرب، فإذا كان من حق العرب أن يتمسكوا بأصلهم الشريف، فمن حقنا- نحن المصريين- أن نتمسك أيضا بأصلنا الشريف (الكاتب نحن المصريون العرب).
نقلًا عن المصري اليوم القاهرية