بقلم - عمرو الشوبكي
على خلاف ما ذكره الرئيس السوادنى أثناء زيارته للقاهرة حول تضخيم وسائل الإعلام للاحتجاجات المناهضة لحكمه، فإن الواقع يقول إن هناك حالة من عدم الاكتراث الدولى والعربى بما يجرى فى السودان، خاصة إذا قورن بتغطية الصحف والوكالات العالمية لثورتى تونس ومصر.
فما الذى جرى وجعل العالم بهذا الحياد والسلبية تجاه ما يجرى فى السودان؟، وبدا الأمر أن هناك أسبابا جعلت كثيرا من المعارضين للنظم الاستبدادية فى الغرب والشرق يشككون فى نتائج الثورات على ضوء ما جرى فى بلاد «الربيع العربى» (ما عدا تونس) فآثر الحياد دون أن يعارض الانتفاضة السودانية، فى نفس الوقت سنجد أن التيار الداعم لبقاء الأحوال على ما هى عليه دعم بنشاط النظام السودانى وبدا أكثر تأثيرا من القوى الديمقراطية.
والسؤال المطروح لماذا تجاهلت وسائل الإعلام العالمية، ومعها معظم النخب الغربية، ما يجرى فى السودان فى الوقت الذى تحمست فيه لما جرى فى تونس ومصر؟!، وشهدنا كيف تبارى قادة العالم فى الإشادة بالثورة المصرية وكيف أنهم تعلموا قيم التغيير السلمى من الشباب فى ميادين التحرير المصرية، وكيف أن الثورة المصرية ألهمت العالم، بل إن بعضنا يذكر أن فى «الأيام الخوالى» وضع فى مطار القاهرة تصريحات لأوباما وغيره من قادة الغرب تشيد بالثورة المصرية (انتقدته فى حينه).
والحقيقة أن غياب العالم عن السودان يرجع إلى فقدان قطاع واسع منه الثقة فى المجتمعات العربية وليس فقط النظم العربية، فالعالم الذى أيد الثورات، باعتبارها سمحت للعالم العربى أن يكون جزءا من قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، اكتشف أن معظمها فشل فى إجراء أى تحول ديمقراطى، بل أن بعضها دخل فى أتون الحرب الأهلية وعرف إرهابا وعنفا لم يعرفه العالم منذ الحرب العالمية الثانية (سوريا)، فأصبح هناك حذر وعدم ثقة فى أى حراك شعبى سلمى، خوفا من أن يتحول إلى فوضى كاملة، وتكرار سيناريو الهجرة والإرهاب الذى تعانى منه أوروبا.
تجاهل الغرب انتفاضة السودان السلمية بشكل لافت، ولم يضعها الإعلام الغربى على سلم أولوياته، ليس حبا فى نظام البشير، إنما خوفا من أن تتحول الثورة إلى فوضى كاملة.
يقينا انتفاضة السودان لديها فرصة حقيقية لتتجاوز أخطاء باقى التجارب العربية، فالإخوان هناك أو ما يعرف بالحكم الإسلامى هو الذى يثور ضده الناس وليس ما يحلم به الناس، كما أن تيارات التطرف الثورى على هامش الفعل الشعبى فى السودان، مما يسمح بوجود فرصة حقيقية للتقدم للأمام من خلال ثلاثة سيناريوهات: الأول وضع ضمانات ألا يترشح الرئيس البشير فى انتخابات العام القادم الرئاسية، أو يظهر مرشح مدنى مقبول من الجيش أو مرشح من الجيش مقبول من أغلب الشعب. أى من هذه السيناريوهات يعنى نجاح انتفاضة السودان فى التقدم خطوة نحو بناء دولة القانون والديمقراطية.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع