بقلم: عمرو الشوبكي
انتهت القمة الكروية بين الزمالك والأهلى أمس الأول بتعادل كلا الفريقين بدون أهداف فى مباراة متوسطة المستوى، غاب عنها كما هى العادة جمهور الكرة، فى مشهد لم تعرفه مصر، ولا ربما أى بلد آخر فى العالم، أن يُمنع جمهور اللعبة الشعبية الأولى من حضور المباريات.
صحيح أن الاتحادات الدولية أحيانا ما عاقبت أندية ودولًا بمنع الجمهور من حضور بعض المباريات، وهو ما تراجع أمام شدة الغرامات المالية على المخالفين سواء كانوا دولة أو أندية، لكنها المرة الأولى بأن يعاقب جمهور الكرة بعدم حضور المباريات لدواع أمنية لا يمكن قبولها أو تبريرها.
اللافت أن دكة الاحتياطى فى مباراة الزمالك والأهلى كتب عليها جملة لم تؤثر فى المسؤولين فى مصر، وتقول «جمهور الكرة حياتنا» ومع ذلك ظلت «حياة الكرة» مغيبة بفعل فاعل عن الملاعب المصرية.
صحيح أن جمهور الرياضة ليس دائماً على صواب، وصحيح أيضا أنه لا يوجد جمهور مثالى مثلما لا يوجد أيضا شعب مثالى، فهناك دائما أشخاص سيئون وخارجون عن القانون حتى لو كانوا أقلية، فى مقابل غالبية على الفطرة السليمة ويحتاجون فقط لدولة قانون عادلة تنظمهم وتحاسب الخارجين عن القانون منهم، لا أن تقصيهم أو تتهمهم جميعا طول الوقت بأنهم متجاوزون وتحرمهم من مشاهدة مباريات الكرة قبل أشهر قليلة من انطلاق بطولة أفريقيا فى مصر.
مأساة جماهير الكرة أنها ابتليت بنماذج محصنة وسيئة فى الإدارة وفى الأخلاق، ومع ذلك لم يحاسبها أحد، وظل هناك أحكام قضائية أهدرت ولم تنفذ لأن البلطجة كانت أقوى من دولة القانون، فى حين منعت الجماهير وعوقبت جميعها، لأن هناك قلة قليلة متجاوزة ومسيئة.
جمهور الأهلى والزمالك فى غالبيته الكبيرة عظيم ووفىّ، صحيح هناك قلة قليلة تصر على أن تصفى حساباتها بالسباب والشتائم، ومع ذلك ظلت هناك مشاهد تحضر ووفاء كثير، أبرزها هتاف جمهور الناديين فى الدقيقتين 20 و74 لشهداء الرياضة فى بورسعيد ودار الدفاع الجوى وغيرهما، وردوا بحسم ونبل على من تصوروا أنه يمكن لدمائهم أن تكون محل مساومة، وأن تباع أو تشترى حتى لو كان هناك حكم قضائى عادل بالقصاص، ولايزال جمهور الكرة فى مصر يتذكر هتافات جمهور الزمالك فى مباراة السوبر المصرى السعودى المؤيدة لحازم إمام «ابن الأصول» وأحد أكثر رموز النادى احتراما وشعبية ردا على إلغاء عضويته من النادى.
سيظل غياب جمهور الكرة عن ملاعب الكرة أحد أبرز أزمات وضعنا العام فى مصر وليس فقط الكروى، فاستسهال إقصاء الناس تحت حجج ودوافع مختلفة، أمنية وغير أمنية، أمر يجب مراجعته جذريا، لأن أى نجاح رياضى أو غير رياضى لن يتحقق إلا بحضور الجماهير ومشاركتها.