بقلم: عمرو الشوبكي
لا يجب أن نقف فقط عند إدانة قرار ترامب الأخرق بإعطاء إسرائيل الحق فى السيادة على الجولان المحتل، ولا ننظر للأمر فقط فى إطار الرفض والشجب الروتينى لقرارات ترامب بخصوص القدس والجولان، إنما أيضا فى الأسباب التى جعلت رئيس أكبر دولة فى العالم يقدم على مثل تلك الخطوة المنافية للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة التى تدين ضم أى أراض بالقوة المسلحة وتشرعن لقانون الغاب والبلطجة الدولية.
يقيناً قرار ترامب وضياع الجولان، ولو المؤقت، تتحمله أطراف ثلاثة، أبرزها النظم العربية التى فشلت دون غيرها فى أن تقدم نموذجاً ملهماً لشعوبها سواء تلك التى حملت راية الاعتدال أو تلك التى حملت راية الممانعة.
ولأن النظام السورى من رافعى شعارات الممانعة، إلا إنه لم يدخل منذ حرب 73 فى مواجهة واحدة، ولو على سبيل السهو أو الخطأ ضد إسرائيل.
البعض يتصور أن الممانعة شعار يرفع أو صاروخ عشوائى يطلق، إنما هى مشروع متكامل للبناء والتقدم الداخلى ينال رضا أغلب الشعب، ويجعل هذه الدولة قادرة على مواجهة أطماع أعدائها، وأيضا تستطيع التأثير فى العالم، وهو ما فشل فى عمله النظام السورى.
وقد شهد العالم تجارب تحرر ومقاومة حقيقية وزعماء كباراً ألهموا دول العالم الثالث، وفى عالمنا العربى كانت هناك تجربة جمال عبدالناصر وثورة التحرر الوطنى الجزائرية، فالأول واجه الاستعمار وقوى الاحتلال مباشرة ليس عن طريق احتلال السودان أو محاربة انقلاب سوريا، وحين هزم فى 67 تنحّى عن السلطة وأعادته الجماهير، والثانية دفعت مليون شهيد من أجل استقلالها.
يقيناً تجرأت إدارة ترامب على انتهاك القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة بسبب الضعف العربى وفشل مشروعى الممانعة والاعتدال فى تحقيق شعاراتهما، فلا سوريا بنت نظاماً قوياً ومؤثراً على الطريقة الإيرانية (أى كان الرأى فيه)، ولا مصر وباقى دول الاعتدال حققت نهضة اقتصادية وصناعية وإصلاحاً سياسياً يسمح لها بأن تكون طرفاً إقليمياً ودولياً مؤثراً.
يقيناً الاعتراف بضم إسرائيل لأرض عربية عكس تطرفاً أمريكاً واستهانة بقرارات الشرعية الدولية وشعوراً عميقاً لدى ترامب بأنه لا يوجد من هو قادر على مواجهة تطرفه فى العالم العربى.
لا يحتاج العرب فى قمتهم أن يحلوا مشاكل فنزويلا أو كوريا الشمالية، إنما فقط أن يدافعوا عن حقوقهم التى أيّدهم فيها المجتمع الدولى والأمم المتحدة، ويقيناً حق سوريا الجريحة الكامل فى السيادة على الجولان واحد من هذه الحقوق.
يحتاج المعتدلون ومدعو الممانعة أن يواجهوا الغطرسة الإسرائيلية والأمريكية فى ساحة السياسة والقانون الدولى، وليس بالشعارات وإعلان الحروب على الشعوب لا على إسرائيل، مثلما جرى فى سوريا حين تبارى النظام والجماعات الإرهابية فى استهداف المدنيين العزل وتركوا المحتل يفعل ما يشاء.