بقلم: عمرو الشوبكي
بدعوة من الصديق الباحث والكاتب هانى رسلان، قررت شد الرحال والذهاب إلى صعيد مصر لحضور الملتقى السنوى لمنتدى دندرة الثقافى فى محافظة قنا.
والحقيقة أن مهرجان دندرة نموذج فريد وغير متكرر كثيرا فى ظل أحوالنا الحالية، فهو مبادرة أهلية بالكامل وليست امتدادًا للسلطة أو المعارضة، وبعيد عن السياسة والتحزب، ويأتى كمبادرة مجتمعية يرعاها الأمير هاشم الدندراوى، رئيس المنتدى، وهو مبادرة أهلية وليست رسمية، وهو نتاج الثقافة المحلية وليس ثقافة العولمة.
واعتاد المهرجان أن يدعو القلب النابض لثقافة أى مجتمع يرغب فى التقدم، وهم رجال الكلمة المكتوبة سواء كانوا كتابا أو صحفيين أو باحثين أو شعراء أو أدباء بعيدا عن صريخ كثير من الإعلاميين.
مهرجان دندرة كان عنوانه هذا العام «قيمة الإنسان»، وفى قنا، على خلاف مدن سياحية أخرى، فى الصعيد الذى فيه من الكرم والأصالة ما يصعب أن تجده فى أى مكان آخر فى العالم.
والحقيقة أن استقبال الناس، وهذه الحفاوة التى يستقبلون بها ضيوفهم، أمر غير متكرر بهذه الطريقة فى أى مكان آخر فى مصر وربما العالم.
ويقام المنتدى على أرض فضاء فى قرية دندرة، على مداخلها وُضعت لوحات جرافيتى من البيئة المحلية توصلك إلى صوان ضخم يضم آلاف الحاضرين. ثم هناك صوان آخر يضم قسمًا لأنشطة الأطفال فى الرسم والقراءة، ومعرض كتاب، ثم ساحة خالية تقام عليها بعد صلاة العصر رقصة التحطيب الصعيدية الشهيرة، ثم يحين بعد صلاة العشاء موعد سهرة الشعر ومدائح نبوية.
وحين كنا ندخل على الناس فى أى قسم من أقسام المعرض كانوا يخلون أماكنهم لنا بصورة أحرجتنا، ليس لأن لديهم شعورا بأننا أحسن، أو بهوات قادمين من العاصمة، أو أننا لا سمح الله نمثل سلطة، إنما فقط لأننا ضيوف، وهو أمر بالنسبة لأهل قنا عظيم يستحق كرما وحسن استقبال نادرا.
كثير من أصدقاء العمر والدراسة كانوا حاضرين هذا المؤتمر، وجميعهم من رجال الكلمة، فشارك عبداللطيف المناوى وإبراهيم منصور وسعيد الشحات وآخرون، وخرجوا جميعا بنفس الانطباعات.
يحتاج المجتمع المصرى أن يثق فى نفسه أكثر وفى قدراته الكامنة، رغم محاولات الثلث المعطل القضاء على طموحاته، فكما أفرز منافقين ومنسحقين وجهلاء، أفرز أيضا شغيلة ومنتجين ومبدعين وأصلاء، وتبقى مهمة أى دولة قانون دعم الأغلبية الثانية بالقواعد والقوانين.