توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحاضر ليس وردياً

  مصر اليوم -

الحاضر ليس وردياً

عمرو الشوبكي

حاضر مصر صعب، ومستقبلها قد يكون أقل صعوبة فى حال إذا قرأنا الواقع جيدا، وحاولنا أن نفهم طبيعة التحديات التى تمر بها البلاد، ونقر أن الحاضر ليس ورديا، وأن المستقبل قد لا يكون كذلك فى حال إذا وضعنا الأساس الصحيح الذى يمكن أن نبنى عليه نظاما سياسيا جديدا. ولعل التحدى الأبرز الذى تواجهه مصر ونجت فيه جزئيا هو سقوطها فى مشروع الفوضى الخلاقة وتفكك الدولة نتيجة ترهلها وأخطائها من جهة، وضغوط الخارج ومندوبيهم فى الداخل من جهة أخرى. والمؤكد أن مشروع الفوضى الخلاقة روّجت له إدارة الرئيس الأمريكى السابق بوش، واعتبرت أن الفوضى التى تلى تفكيك الدولة وهدم المؤسسات هى فوضى خلاقة سوف يخرج منها نظام سياسى ديمقراطى جديد. إن الفشل المدوى لمشروع الفوضى «غير الخلاقة» فى العراق، الذى أسفر عن مقتل حوالى نصف مليون عراقى وتفكيك الدولة والجيش وبناء دولة شبه فاشلة، خضعت لحسابات القوى السياسية والمذهبية اللتين فرضتا رجالها على كل مؤسسة عوضاً عن معايير المهنية والكفاءة، وإن بلدا مثل ليبيا لا يتجاوز عدد سكانه ثلث سكان القاهرة عاجز حتى هذه اللحظة عن بناء مؤسسة واحدة من مؤسسات الدولة التى هوت بفعل نظام القذافى أولا ومؤامرات الخارج ثانيا. والمؤكد أن الخطر الذى تواجهه مصر الآن ليس بالهين، والثمن الذى يمكن أن يدفعه بسطاء المصريين وفقراؤهم بسبب مراهقة ثوار بعد الثورة من الذين امتهنوا الثورية بعد أن سقط مبارك، وممارسات جماعة الإخوان من أجل إفشال المسار السياسى بأى ثمن، يضع البلاد أمام أخطار حقيقية. مدهش أن يعتبر البعض أن هدم كل شىء بطولة من الشرطة التى تحاول أن تتماسك، حتى الجيش القوى، مرورا بالقضاء، فهؤلاء برروا الاعتداءات على المنشآت العامة والخاصة واعتبروه «عنفاً ثورياً»، لأنهم لا يدفعون ثمنه، إنما الشعب المصرى وليس مندوبى الفوضى غير الخلاقة، فهم على الفيس بوك جالسون أو عبر الحدود مسافرون. يجب ألا ننسى أن الملمح الأبرز لنظام مبارك كانت فوضويته وعشوائية أدائه وانعدام كفاءته أكثر من استبداده وقمعه الذى كان موجودا بكل تأكيد، لأنه كان نظاما غير ديمقراطى، ولكنه لم يقتل معارضيه فى الشوارع كما فعل القذافى وبشار الأسد وصدام حسين. نظام مبارك كان نظاما هشا وضعيفا، والقمع الذى مارسه كان إحدى سماته ولكنه لم يكن السمة الرئيسية، بل كان الانهيار الذى عرفته البلاد فى الصحة والتعليم والخدمات العامة هو السمة الرئيسية لهذا النظام، لذا فإن مواجهة هذا الانهيار والتجريف وخطر السقوط فى الدولة الفاشلة هى مهمة كل وطنى، وهى أمر يحتاج إلى جهد ونضال حقيقى من كل الأطياف السياسية طالما كانت بعيدة عن العنف ممارسة أو تحريضاً. إن النجاح السهل للثورة المصرية يكمن أساساً فى ضعف نظام مبارك وليس قوة الثورة، خاصة بعد حالة التجريف الشاملة التى فرضها على البلاد 30 عاما، وهو أمر مستحيل أن نجده فى تجربة أخرى فى العالم، فديكتاتوريات أمريكا اللاتينية العسكرية الأكثر قسوة بما لا يقارن من نظام مبارك، عرفت أنظمة قوية، فيها قيادات صف ثان وثالث، دعمت بقاءها حتى النهاية وتفاوضت بشراسة مع النظام الجديد، وأسست لأحزاب يمينية ارتدت رداء ليبراليا، ووصل بعضها للحكم، كما أن تجارب أوروبا الشرقية، أو إسبانيا، أو البرتغال التى بدأت التحول نحو الديمقراطية فى منتصف السبعينيات عقب انقلاب عسكرى، كانت فى وضع شبيه بمصر فى الستينيات، أى هناك نظام سلطوى ودولة قوية بها مؤسسات تعمل وتعليم جيد وصحة معقولة وجهاز إدارى فيه حد أدنى من الكفاءة ودولة مليئة بالأسماء اللامعة والكفاءات القادرة على أن تقود البلاد نحو نظام جديد، وهذا ما يغيب عن مصر الآن. إن النظم الاستبدادية القوية والشرسة وجدنا الثمن الذى تدفعه الشعوب من أجل أن تتخلص منها، ويكفى مشهد واحد من مشاهد القتل اليومى فى سوريا لنكتشف كيف نجت مصر من مصير كارثى لم تكن ستتعافى منه لو انحاز الجيش أو قسم منه للنظام القائم، أو انقسم بسبب معارك السياسة. إن رواد الفوضى غير الخلاقة من بعض «السياسيين» وبعض «الحقوقيين» وبعض الإعلاميين، وكثير من الإخوان الذين اكتشفوا فى غالبيتهم الساحقة «ثوريتهم» الزائفة بعد ثورة 25 يناير، وبعد أن تعايشوا على مصائب الناس والدماء التى تسيل كل يوم، واعتبروا أنه ليس مهما أن تسقط الداخلية لأننا نظرنا فقط لانحرافات القلة داخلها ونسينا آلاف الجنود والضباط الذين يُستهدفون كل يوم من قبل الإرهابيين والخارجين على القانون دفاعاً عن أمن المواطن والمنشآت العامة والخاصة. المؤكد أن الغالبية الساحقة من المصريين ترفض خيارات الإخوان، ولكن البعض أراد أن يخطف الشارع وإرادته لصالح حساباته السياسية أو صوته العالى وعنفه، والحقيقة أن مهمة بناء النظام كما جرى فى كل تجارب التغيير غابت عن الكثيرين، فمصر تكاد تكون هى الدولة الوحيدة فى العالم التى حول فيها البعض طاقة البناء التى أطلقتها الثورة إلى طاقة هدم، وأن بداية الحل أن نعترف بواقعنا الحالى ونتأكد أن التحدى هو بناء نظام ديمقراطى جديد وإصلاح مؤسسات الدولة، وكلاهما تحد كبير، فكيف نخرج من الواقع غير الوردى ونبنى أحزابا سياسية حقيقية، تستطيع أن تقدم كوادر قادرة على البناء وتقديم البدائل وليس الهدم والهتاف كل يوم بسقوط أى رئيس؟! البعض يتصور أن الدعوة للبناء هى محاولة للتسليم بالأمر الواقع أو قبول أخطاء كثيرة فى المسار الحالى، وينسى أو يتناسى أن أخطاء المسار الحالى ترجع لاستمرار الخلل فى توازنات القوى، وعدم تقديم أى بديل سياسى إصلاحى لصالح خطاب «التفكيك» والثورة الدائمة، الذى دُعِّم من قوة الفريق المحافظ المؤثر فى دوائر كثيرة، والذى يعتبر بعض الانتهاكات الحالية بطولة وحربا على الإرهاب، ويدعو علنا لعودة الاستبداد فى مواجهة الفوضى والاستباحة التى يروجها بعض مندوبى الخارج، والذين ساهموا فى عودة خطاب «الثورة التى خربت بيتنا»، و«الديمقراطية التى لا نستحقها» لأننا لسنا شعب مؤهل لذلك.. وغيرها. مصر بحاجة لإصلاحيين حقيقيين يقدمون بدائل اقتصادية وسياسية لأوضاع داخلية خطرة وتحديات خارجية مقلقة، ويضعون البلاد على أول الطريق الصحيح بعد أكثر من 33 عاما من التخبط والانهيار، وهذا تحدٍ ليس بالسهل وأخطر مما يتصور الكثيرون. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحاضر ليس وردياً الحاضر ليس وردياً



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon