توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نضال فى الاتجاه العكسى

  مصر اليوم -

نضال فى الاتجاه العكسى

عمرو الشوبكي

هل النضال أنواع، وهل يمكن أن يكون هناك نضال يسير عكس الاتجاه، وهل يمكن أن يكون هناك ثوار يؤسسون لنظام رجعى رغم هتافهم كل يوم باسم الثورة والمجتمع الثورى؟ ما هو شكل أو بروفايل المناضل عكس الاتجاه؟ وما هو معنى أن يكون هناك تنظيم سياسى يسير أيضا عكس الاتجاه؟ ليس لأنه يسير عكس التيار أو الاتجاه السائد، إنما لأنه يسير عكس الاتجاه الذى رسمه لنفسه. إذا كنت تنتمى لجماعة سياسية، وخاصة يسارية، أو حزب أو شلة تسمى نفسها تنظيما ثوريا وتجد نفسك تضيع أكثر من 90% من وقتك فى النضال ضد رفاقك فى التنظيم وتدخل فى مؤامرات صغيرة وكبيرة من أجل استبعاد س وإحضار ص، وتعتبر ذلك نضالاً مشروعاً، وتبرر ذلك بنظرية الفشل التاريخى بأن تحرير الوطن يبدأ بالتخلص من س الرجعى وإحضار ص الثورى، مثلما فعلت كل تجارب الفشل العربى، التى اعتبر بعضها أن غزو الكويت هو طريق تحرير القدس، وأن إسقاط النظم الرجعية، حتى لو لم ترغب شعوبها فى إسقاطها، هو الطريق للقضاء على الاستعمار والإمبريالية. إذا نسيت ما قرأته فى الكتب الماركسية عن التناقض الأساسى والثانوى، ووجدت من يقول لك فى تنظيم ثورى قوامه 100 أو 200 شخص، وأن فلاناً سنة 68 خان الثورة لأنه كان مع فض اعتصام قاعة احتفالات جامعة القاهرة، وأن علاناً بسببه لم يسقط نظام السادات لأنه رفض خروج الطلبة من الحرم الجامعى، وأن أثناء موقعة الجمل والدماء تسيل من كل جانب قال أحد الثوار لقد ثبت أن موقفنا ونحن فى الجامعة صحيح وأن موقف الفصيل الآخر كان خائنا. إذا غابت عنك البوصلة ووجدت نفسك «تناضل» فى أمور لا علاقة لها بالهدف الذى قام من أجله حزبك أو تنظيمك وتحول النضال من نضال ضد سلطة مستبدة إلى نضال ضد رفاقك فى الحزب أو فى الدكانة المنافسة، وإذا لم تراجع نفسك قبل أن تنام كل يوم لتقيم ما تشاهده، وتركت نفسك مستنفذا فيما تتصور أنه نضال يومى وتنسى أنه عكس الاتجاه وعكس هدفك. نضال كثير من التنظيمات الشيوعية والقوى الاحتجاجية والثورية كان نضالا ضد بعضها البعض، وحين خرج بعضها من ثقافة الاحتجاج وحاول أن يقدم بديلا من أى نوع للنظم التى قضى عمره من أجل إسقاطها ينهال عليه السباب والتخوين من كل جانب، لأن المفروض أن يكون صوت احتجاج وفقط، لا أن يكون صوت بناء وتقدم. إن استنزاف الطاقة فى هذا النوع من الممارسات التى تجعلك فى النهاية فى لحظة الامتحان ويوم الحساب ترسب بامتياز، فقد أهدرت طاقتك فى شتم وتخوين كل المنافسين، وأن رد الفعل الأول الذى يأتى فى ذهنك هو «كيف أسقط فلان»، والحقيقة أن السياسة فى البلاد الديمقراطية فيها «كيف أسقط فلان»، ولكن قبلها تقدم بديلا وتبنى قواعد، ثم تبدأ فى «التكتيك» لإسقاط المنافس أو الخصم، أما الإسقاط لمجرد الإسقاط وأنت قدراتك على باب الله فتعنى أنك أفرغت طاقتك فى الهدم وغابت عنك تماما طاقة البناء وصناعة البديل. هل وجدت بلدا يوجد فيه مناضلون على الفيس بوك لا يجدون فى أى مرشح لموقع المسؤولية إلا جوانب هامشية ليس مهما فيها قدرته على العطاء أو كفاءته أو نزاهته، فمثلا إبراهيم محلب واحد من أكفأ وزراء الحكومة السابقة، ترك كل ذلك ولم يروا تصحيح الخطأ إلا أنه كان عضوا سابقا فى الحزب الوطنى، وبدلا من أن تقترح بدائل وتعرف أسباب أوجه القصور فى وزارته السابقة- أى الإسكان- وما هى اقتراحاتك لتطويرها، وما هى مطالبك ومطالب تنظيمك من الوزارة الجديدة، تكتفى بأن تقول إنه فلول لأن الأمور الأخرى تخص الجماهير التى لا تراها وتمارس كل صور الاستعلاء عليها. إذا كان تنظيمك يختار النضال المريح وغير المكلف ويقسم الناس فى قوالب جاهزة تمنعك من التفكير والمراجعة، فتأكد أنك تسير عكس الاتجاه وتعيد تكرار تجارب الفشل نفسها حين كانت فى مصر تيارات وطنية كبرى وزعماء يصنعون تاريخ هذا البلد، وكان هناك من يثرثرون ويزايدون عليهم فى المقاهى. مشكلة مصر أن طاقة الهدم منتشرة داخل الأحزاب وخارجها، فهل شاهدت رفيقك فى الحزب يشتم آخر لمجرد أنه حقق نجاحاً بعيداً تماماً عنه، رغم أنه لم يأت على حسابه؟ الإجابة نعم بالتأكيد، وهى أمور تجدها بين زملاء العمل ورفاق النضال وأخوة الجهاد، وخطورة هذا المشهد الفردى أنه ينعكس على طريقة عمل بناء المؤسسات، فداخل كل حزب وداخل كل مؤسسة مدنية هناك حالة من الانفلات والاستباحة، فالمدير أو الرئيس يقضى معظم وقته فى مواجهة طاقة الهدم داخل مؤسسته، فلا يوجد حزب سياسى قادر على أن يستوعب أجنحة وتيارات مختلفة داخله، فهناك خطط المدير أو الرئيس أو المسؤول، وهناك خطط إسقاط الجميع، حتى لو كان الثمن هو هدم الحزب نفسه أو تطفيش من دخلوا لممارسة عمل سياسى وليس مؤامرات حزبية، فطاقة الهدم داخل تنظيمك تجعلك تقضى معظم وقتك فى التخطيط لاستبعاد س أو ص دون أن تستثمر ربع هذا الوقت فى بناء بديل للشخص الذى يهدفون إلى استبعاده. إذا وجدت نفسك فى هذا التنظيم أو تلك الجماعة وطلب منك أن تقضى عمرك فى هذا النوع من المعارك فاعرف أنك تسير عكس الاتجاه، وأنك لا تشارك فى عمل نضالى من أى نوع يغير أى شىء فى هذا البلد. وإذا فتح الله عليك وتركت التنظيمات الثورية وانتقلت إلى «حزب ثرى»، وطلب منك (أو اضطررت) أن تصمت وأنت تشاهد تزوير انتخابات داخل حزبك أو أن تجد زميلك يشترى أصواتا داخل محافظتك فتأكد أنه مهما تحدث هذا الحزب عن مبادئ الديمقراطية والدولة المدنية فى شعاراته اليومية وفى الواقع العملى يمارس عكس هذه الشعارات فلا يجب أن تثق فى أنه سيحقق حرفاً واحداً من شعاراته فى الواقع العملى. لا تثق فى تنظيم يقضى وقته فى هدم كل شىء الرفاق المختلفين، والسياسيين المعارضين والدولة المأزومة، ولا تثق فى حزب ليست له رسالة ولا رؤية ويطرح شعارات براقة ويمارس فى الخفاء ما هو عكسها ولا تترك نفسك لهذا أو ذاك. نقلاً عن "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نضال فى الاتجاه العكسى نضال فى الاتجاه العكسى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon