توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثورة الفرص الضائعة

  مصر اليوم -

ثورة الفرص الضائعة

عمرو الشوبكي

مرت 3 سنوات على ثورة 25 يناير، وضاعت فرص كثيرة كان يمكن أن تضع مصر على طريق الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والإصلاح السياسى، وخصم الجميع من رصيد الحدث الأعظم والأنقى والأنبل فى تاريخ مصر الحديث، وهو نزول الملايين فى ميادين مصر المختلفة طلباً للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. لم يطالب الناس برحيل مبارك وهم فى بيوتهم جالسون أو على المواقع الإلكترونية يناضلون، إنما كسروا حاجز الخوف، ونزلوا إلى الشوارع فى عز قوة «الداخلية» والأجهزة الأمنية، وقالوا «لا» فى وجه سلطان جائر. «يناير العظيمة» هى حركة الناس العادية، وهم الشباب الذين قادوا فى 25 يناير وكنسوا الميادين فى 11 فبراير، وليس بالضرورة هؤلاء الذين أصروا على أن يفرضوا على الشعب المصرى نموذج «الثورة الدائمة» بالاحتجاج المستمر وبنظرية «يسقط الحكام السابقون واللاحقون»، وبتحويل الثورة إلى مهنة ووصاية على خلق الله. والحقيقة أن الفرصة الأولى الضائعة بدأت منذ يوم 11 فبراير، حين قام شباب مصر الرائع بتنظيف ميدان التحرير فى صورة معبرة وغير مسبوقة فى تاريخ الانتفاضات الشعبية فى أى بلد فى العالم، معلنين انتهاء الفعاليات الاحتجاجية وبدء مرحلة البناء. إن هذه اللحظة التاريخية عكست رغبة أغلب الناس فى إسقاط مبارك والقضاء على مشروع التوريث بالثورة والضربة القاضية، وتحقيق باقى مطالب الثورة بالنقاط والبناء وتقديم البدائل. والحقيقة أن مصر كانت مهيأة تماما يوم 11 فبراير لكى تبدأ فيما عادت إليه الآن، أى بديل من داخل الدولة ومن خارج نظام «آل مبارك»، وكانت الناس مستعدة أن تقبل عمرو موسى أو كمال الجنزورى رئيسا، ولو كان الله قد أعطى العمر للراحل الكبير المشير أبوغزالة لكان قد تولى الرئاسة، «راجع مقالنا (قدر مصر الذى لم يأت) فى اليوم التالى لرحيل أبوغزالة»، وحل مكان مبارك بطلب شعبى. إن حديثنا قبل الثورة عن الانتفاضة الشعبية التى تدفع الدولة للإصلاح والقضاء على مشروع التوريث كان هو فى الحقيقة ما جرى فى 11 فبراير حين انسحب أغلب الناس من الميادين، ثقة فى جيشهم الوطنى وقيادتهم العسكرية التى ارتكبت أخطاء جسيمة طوال تلك الفترة. إن الفرص الضائعة لم تكن فقط فى مراهقة بعض الائتلافات الثورية، إنما فى ضعف المجلس العسكرى الذى تولى السلطة عقب سقوط مبارك، وأهدر فرصة تاريخية أمام مصر لو كان خرج من وصية مبارك ولو قليلا وتعامل بجرأة مع التحديات التى عاشتها البلاد منذ يوم 11 فبراير، فقد أفشل قادة المجلس العسكرى مشروع عمر سليمان نائبا بصلاحيات الرئيس لأسباب شخصية، (تماماً كما كان يفعل مبارك)، وكرر نفس الأمر مع أحمد شفيق، وفى نفس الوقت هو الذى قضى على فكرة عمرو موسى كرئيس انتقالى يحكم ولا يدير المرحلة الانتقالية، وهو الذى أسقط دستور 71، دستور الدولة المدنية المصرية، خضوعا لصراخ البعض، وناسيا أن الشعب أيد بنسبة 77% تعديل هذا الدستور، وأصدر بدلا منه إعلانا دستوريا باهتا وفاشلا قضى على ركن أساسى من أركان الدولة المصرية، وهو أيضا الذى قبل بضعف بالغ كل هذه الشتائم والإهانات التى مست الجيش المصرى بسبب أخطاء المجلس العسكرى. إن تلك الإدارة الانتقالية التى فعلت الأصعب، وهو تسليم السلطة لرئيس إخوانى منتخب، تخلت عن واجبها فى وضع الأطر القانونية والدستورية لهذه السلطة، صحيح أن المشير طنطاوى لم يحاول أن يحتفظ بالسلطة، ولم يتآمر من أجل ذلك كما توهم البعض، لكنه أيضا لم يحرص على أن يضع أى قاعدة قانونية ودستورية تحكم العملية السياسية، قبل أن يسلم السلطة للإخوان، فدستور 71 معدل أو دستور جديد، وقانون عادل للانتخابات، وتقنين وضع الجماعة كلها كانت شروطا لابد منها لنجاح العملية السياسية. المؤكد أن الفرصة الضائعة الكبرى هى غياب الوعى بأن الشعب المصرى ثار على «لا نظام» وليس نظاما بالمعنى الاستبدادى الذى شهدته بلاد كثيرة مثل أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية حين عرفت نظما شمولية وغير ديمقراطية، ولكن فى نفس الوقت دول قوية على عكس نظام مبارك الذى كانت الدولة الأمنية أحد مظاهره، لكنها لم تكن المظهر الرئيسى أمام حالة الفوضى والعشوائية والفساد التى شهدناها فى عهده. إن ما جرى بعد 25 يناير كان مزيدا من الفوضى والعشوائية والاستباحة وربط بعض «الثورجية» نبل أهداف الثورة بالاحتجاج ودعاوى الهدم والتفكيك والإسقاط، ونقلوا صورة خاطئة للمواطن العادى أن ثورة 25 يناير تعنى فقط الاحتجاج والتظاهر والعنف حتى وضعت الدولة 260 ألف جندى وضابط لحماية المنشآت العامة والخاصة فى 25 يناير المقبل، فانفصل قطاع واسع من الشعب عن الثورة حتى استباحها الكثيرون. الفرص الضائعة بدأت حين لم نعِ أن سقوط مبارك فى يوم 11 فبراير يجب ألا يكون طريقا لسقوط الدولة، وأن مهمتنا فى أعقاب ذلك هى إصلاحية بامتياز وليست هتافات ثورية وتظاهرات احتجاجية، فمطلوب دستور يعدل حتى نضع دستورا جديدا، وقوانين تغير وسياسيون يقودون، ولكن نظام مبارك الشائخ عجز عن أن يملأ الفراغ، وترك الباب مفتوحا أمام قوى الاحتجاج لكى تنمو وتتطور، وهى تفكك كل يوم ركنا من أركان الدولة، وتدعو لتسليم السلطة لرئيس مجلس الشعب المنتمى للإخوان، وتصرخ بأنه لا دستور تحت حكم العسكر، وتطالب بإسقاط الجميع: البرلمان والحكومة والجيش، والمدهش أن كل هؤلاء لم يقدموا بديلا واحدا ولم يعطوا «أمارة» بأنهم قادرون على إدارة «كشك سجائر» وليس دولة بحجم مصر. معضلة ما بعد 25 يناير أن البعض لم يتصور أن ضعف دولة مبارك هو سبب مظهره القوى، فتمادى وتصور أنه فوق الناس والدولة، واستمر فى دعاوى الإسقاط والهدم وليس البناء وتقديم البديل. وبقى الإخوان قابعين خلف جماعتهم يتحينون الفرصة لكى ينقضوا على السلطة، وهذا ما فعلوه حين وصلوا للحكم والبلد بلا دستور ولا قوانين انتخابية عادلة ولا جماعة مقننة، بعد أن أضعنا فرصة وضع شروط الدمج الآمن للتيارات الإسلامية: (دستور ونظام قانونى صارم)، وأضعنا فرصة «الثورة وسيلة للبناء» لصالح «الثورة الغاية والهدف». علينا ألا نندهش حين يعطى الناس كل هذه الثقة لرجال الدولة فى مصر، وعلى رأسهم الفريق السيسى ومعه أسماء أخرى كعمرو موسى وغيره، ولو كان السيسى على رأس القوات المسلحة يوم 11 فبراير لكان قد قاد البلاد بعد سقوط مبارك بكل سلاسة وبدعم شعبى حقيقى، وبدأ معركة النقاط فى الإصلاح والتنمية. علينا ألا ننسى أن مصر فى حاجة كل يوم إلى استدعاء قيم ومبادئ ثورة 25 يناير من أجل بناء نظام سياسى ديمقراطى وليس نظاما ثوريا على رأسه مرشح ثورى يعيد تكرار تجارب الحصانة الثورية الاستبدادية فى العالم. كفى الفرص الضائعة، وعلينا أن نحول قيم الثورة وطاقة الشعب المصرى، التى تجلت فى 25 يناير و30 يونيو وفى الاستفتاء الأخير، إلى طاقة بناء وإصلاح حقيقى وجراحى لكل شىء من الدولة إلى المجتمع. نقلاً عن "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة الفرص الضائعة ثورة الفرص الضائعة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon