عمرو الشوبكي
ألغت لجنة الخمسين نسبة الـ50% عمال وفلاحين بأغلبية 32 عضوا أيدوا القرار ورفض 6 أعضاء، ليسدل الستار على نسبة لم تمثل، منذ 40 عاما على الأقل، لا العمال ولا الفلاحين.
والحقيقة أن اعتبار البعض رفض الطريقة التى مثل بها البعض العمال والفلاحين فى المجالس النيابية يعنى رفضا لوجود العمال والفلاحين أمر بعيد تماما عن الصواب، فالحقيقة عكس ذلك تماما، فرفض الـ50% يعكس محاولة للبحث عن وسيلة أخرى تمثل العمال والفلاحين بشكل صحيح فى المجالس المنتخبة، منها إنشاء حزب سياسى «عمالى» أو السماح بإنشاء نقابات عمالية مستقلة تدافع حقيقة عن مصالح العمال.
والمفارقة أنه فى ظل نسبة الـ50% عمال وفلاحين بيع القطاع العام، وعرفت مصر طوال عهد مبارك كماً هائلاً من الاحتجاجات العمالية، فى نفس الوقت الذى فشل فيه مندوبو الـ50% فى الدفاع عن مصالح عموم العمال، وحرصوا «غير مشكورين» على الابتعاد عن كل ما له علاقة بالدفاع عن مطالبهم وحقوقهم. واكتفوا بإجهاض مشاريع تأسيس النقابات المستقلة.
نسبة الـ50% عمال وفلاحين كانت مبررة فى فترة الستينيات، لكنها بعد نصف قرن على تطبيقها صارت معوقة أمام وجود تمثيل حقيقى وليس مصطنعا للعمال والفلاحين، وأيضا أمام قيام نقابات مستقلة، لأنها لم تساعد على القيام بجهد حقيقى لاختيار «عمال بجد» لديهم وعى نقابى وثقافة عامة ورؤية سياسية.
وإذا أخذنا تجربة بلد مثل البرازيل، سنجد أن رئيسه السابق «لولا دا سيلفا» كان ابن الحركة العمالية والنقابية وليس نسبة الـ50% عمال وفلاحين، ووصل إلى الرئاسة وانتخبه أغلب الشعب وليس فقط أغلب العمال، وقدم أهم إصلاحات سياسية واقتصادية عرفتها البرازيل فى القرن العشرين، فى بلد عرف نظاما رأسماليا مليئا بالعيوب، لكن لم يكن بينها نسبة الخمسين فى المائة عمال وفلاحين، وهو الأمر الذى سمح فى النهاية للرجل بأن يتحرك لكى يصبح نقابياً حقيقياً، غير مرتكن على نسبة مزيفة اسمها العمال والفلاحين، ويصل بعد ذلك إلى رئاسة الجمهورية. إذا أردنا أن نبنى نظاما ديمقراطيا حقيقيا يعطى فرصا لممثلين حقيقيين للعمال والفلاحين يعتمدون على جهودهم ومهاراتهم، فإن التمسك بإلغاء نسبة الـ50% عمال وفلاحين هو طريق تحقيق هذا الهدف.
إن نسبة الـ50% عمال وفلاحين وقفت ضد مصالح العمال والفلاحين بخلق طبقة من محترفى الانتخابات هدفها إبقاء النسبة لتظل هناك طبقة عازلة تفصل بينها وبين عموم العمال، فشهدنا ضباطا ورجال أعمال و«بهوات العمال» يدافعون عن هذه النسبة لأنها تضمن وجودهم على حساب تمثيل حقيقى للعمال والفلاحين فى المجالس النيابية المنتخبة.
لقد سهلت هذه النسبة مجىء عمال ليسوا بعمال، وفلاحين ليست لهم علاقة بالفلاحين، وإن تغييرها لم يكن فقط مطلبا ديمقراطيا، لكنه مطلب له علاقة بالاحترام والاتساق مع النفس ومحاربة التزييف والمتاجرة بهموم البسطاء.
نقلاً عن "المصري اليوم"