توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل سيعود الإسلاميون للسلطة؟

  مصر اليوم -

هل سيعود الإسلاميون للسلطة

عمرو الشوبكي

من المؤكد أن فشل الإخوان أثر سلبيا على باقى التيارات الإسلامية، ومن المؤكد أيضا أن الإخوان عمقوا جروحهم مع كثيرين من أبناء الشعب المصرى بسبب جرائم قادتهم وانفصالهم التام عما يجرى فى المجتمع وكراهيتهم العميقة للدولة بكل مؤسساتها. معضلة الإخوان تختلف عن معضلة باقى الإسلاميين، فالأولى مشكلتها الرئيسية فى الجماعة المغلقة التى وضعوها فوق الوطن، وتحولت فى أوقات الصراع على السلطة إلى جماعة تكره الوطن وتعمل على تدميره وإسقاط دولته، وتنظر إلى مخالفيها فى الرأى، الذين كانت تتودد إليهم أثناء مراحل الاستضعاف، «كأغيار»، لأنهم اختلفوا مع الجماعة ورفضوا سياستها. مدهش وربما صادم أن تخسر جماعة كل معاركها السياسية والدينية على مدار تاريخها كله دون أن تتعلم شيئا، والغريب أنها خسرتها وهى فى المعارضة فى مواجهة السلطة الملكية وعبدالناصر والسادات ومبارك، وحين لاحت لها فرصة استثنائية ووصلت للسلطة بعد ثورة لحقت بها ولم تصنعها، فقدتها أيضا. لم تخسر الجماعة السلطة فقط بسبب سياساتها الفاشلة، ولا قرارات مرسى الخاطئة، إنما أساسا بسبب صيغتها وفلسفة بنائها، فالجماعة بصيغتها الممتدة منذ 85 عاما كجماعة عقائدية مغلقة تمارس الدعوة والسياسة والنشاط الاجتماعى، وظلت أسيرة هذه الصيغة حين كانت فى المعارضة، وحين كتبت قبل الثورة عن ضرورة الفصل بين الجماعة الدعوية والحزب السياسى قالوا إن السلطة لن ترخص لها بحزب سياسى، ولن تسمح لها أيضا بتأسيس جماعة دعوية، وبالتالى لا داعى للتمييز بين الدعوى والسياسى، وبعد أن وصلت الجماعة للسلطة بسبب قوتها التنظيمية ودهائها السياسى وضعف وشيخوخة ما تبقى من رجال مبارك، استمرت فى الحكم كجماعة سرية، ورفضت أن تحصل على رخصة قانونية، واعتبرت نفسها فوق الدولة التى يرأسها مندوب الجماعة فى قصر الرئاسة فى مشهد غير مسبوق فى تاريخ أى بلد آخر فى العالم، أى أن يأتى رئيس جمهورية من جماعة سرية لا علاقة لها بقوانين الدولة التى يحكمها. إن فشل الإخوان فى الحكم لم يعترفوا به حتى الآن، ويصرون على استدعاء خطاب المحنة والبلاء والمؤامرات الداخلية والخارجية وارتداء ثوب الضحية، بما يعنى عدم وجود قدرة على مراجعة ممارسات الجماعة الممتدة منذ 85 عاما وصدامها مع كل النظم السابقة ملكية وجمهورية، وهو أيضا أهدر فرصة تاريخية للاستفادة من وصول الإسلاميين إلى الحكم منفردين (مصر) أو بالشراكة مع قوى أخرى (تونس)، لبناء عملية تحول ديمقراطى حقيقية يكون الإسلاميون جزءا منها. والمؤكد أن هذه الصيغة التى بنيت عليها جماعة الإخوان المسلمين لا تنسحب على باقى التيارات الإسلامية، سواء أكثرها محافظة كحزب النور أو أكثرها انفتاحا كمصر القوية والوسط، فهى كلها أحزاب وتيارات يمكن الاختلاف مع توجهاتها سياسيا، ولكن لا يوجد لدى أى منها جماعة دينية تحرك كل همسة داخل هذه الأحزاب مثلما كان الحال بالنسبة لجماعة الإخوان مع «ذراعها السياسية» حزب الحرية والعدالة، صحيح أن الدعوة السلفية مؤثرة فى حزب النور، لكنه ليس ذراعها السياسية على الطريقة الإخوانية. أما حزب الوسط فقد وصف الكثيرون سيره خلف إخوان الحكم بأنه كان من أجل اقتسام مكاسب السلطة، فى حين رأى البعض الآخر أن مصر القوية حزب متردد بين خيارات متضاربة: إسلامية وليبرالية، ومحافظة وثورية. كل هذه الانتقادات فى عالم السياسة مشروعة، وقد يتفق معها البعض ويختلف البعض الآخر، وقد تفقد هذا الحزب بعضا أو كثيرا من شعبيته، لكنها لا تقضى على وجوده أو شرعيته، ولا يمكن أن تخرجه خارج المشهد السياسى بقانون أو قرار حظر طالما لم يتركب أى جرائم تحريض وتآمر وقتل مثلما فعل بعض أعضاء الإخوان، فأخطاء الأحزاب الإسلامية الأخرى يرد عليها بالنقد السياسى وليس الإقصاء السياسى. إن معضلة الإخوان، وبالتالى مستقبلها، سيختلف عن باقى التيارات الإسلامية، فأزمة الجماعة لم تكن فقط فى فشل حكم تنظيم سياسى، إنما فى فشل مشروع فكرى وتنظيمى ممتد منذ 85 عاما، وهو أمر لا ينطبق على باقى التيارات الإسلامية. إن تقدم الإسلاميين فى بلاد الربيع العربى مثّل فرصة تاريخية لم تتح لتجارب إسلامية أو قومية سابقة، وهى أن وصولهم للسلطة جاء عبر صناديق الانتخاب وليس عبر انقلاب عسكرى كما جرى فى السودان، أو ثورة أسقطت النظام والدولة معا كما فى إيران، إنما عبر «ثورات إصلاحية» حديثة شاركوا فيها (ولم يشعلوها) لتغيير النظام وإصلاح الدولة وبناء نظام ديمقراطى، مثلما جرى فى كل بلاد العالم فى الأربعين عاما الأخيرة من أوروبا الشرقية إلى أمريكا اللاتينية، مروراً بإسبانيا والبرتغال وتركيا وماليزيا، وغيرها من التجارب التى صنعت تقدمها دون ثورة، وبنت ديمقراطيتها عن طريق إصلاح الدولة لا هدمها. إن معضلة قطاع واسع من تيارات الإسلام السياسى فى مصر تتمثل فى علاقتهم بالدولة، فالمؤكد أن الأخيرة قد أقصت هذا التيار بدرجات مختلفة، ودمجت أساسا الإسلام «غير السياسى»، ممثلا فى الأزهر وباقى المؤسسات الدينية، وتفاعلت إيجابا مع كل الاتجاهات الدينية غير السياسية، وبقيت مشكلة التيارات الإسلامية السياسية مستمرة منذ عقود. ولعل هذه المعضلة هى التى جعلت كثيرا من هذه التيارات يختزل ما جرى فى 3 يوليو فى «انقلاب عسكرى»، وعبر أكثر من مرة عن كراهية واضحة للدولة ومؤسساتها، ولم يعتبر أن وجود هذه المؤسسات على أزماتها هو الذى حمى مصر من مصير كثير من الدول العربية المجاورة التى تفككت دولها وانقسمت جيوشها وصارت فى كارثة سياسية حقيقية. عودة الإسلاميين إلى لعب دور فاعل فى الحياة العامة والسياسية وفتح الباب أمام وصول جديد للسلطة ديمقراطيا متوقف بشكل رئيسى على حسم إيمانهم بالدولة الوطنية، حتى لو شعر كثير منهم بالغربة عن هذه الدولة التى أقصتهم منذ ثورة يوليو من كل مؤسساتها، فعليهم ألا ينسوا أن كثيرا منهم رفع السلاح فى وجهها. لقد نجح حزب العدالة والتنمية فى السنوات العشر الأولى نجاحا كبيرا قبل شيخوخته الأخيرة نتيجة إيمانه بالدولة التركية من جيش وطنى وقضاء وإدارة (رأوها ظلمتهم)، وهو ما مثل عنصرا حاسما فى وصولهم للسلطة، وأيضا طريقا لإصلاح مؤسسات الدولة. أما خطاب هدم الدولة وكراهية الجيش والشرطة والقضاء، واختزال ما جرى فى مصر فى أنه انقلاب عسكرى وتجاهل الحقيقة الواضحة أن الإخوان فشلوا فشلا مدويا فى الحكم فلن يغير من الأوضاع شيئا، فسيبقى الإسلاميون فى المعارضة إلى الأبد وستبقى الدولة بلا إصلاح إلى الأبد، وسيبقى الوضع تقريبا على ما هو عليه: إسلاميون يكرهون الدولة ويحاربونها بالدعاء أو العنف، ودولة تواجه الإسلاميين بالقانون أو بالإقصاء. نقلاً عن "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل سيعود الإسلاميون للسلطة هل سيعود الإسلاميون للسلطة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon