عمرو الشوبكي
أرسل لى الكاتب والباحث السياسى هانى عياد هذا التعليق على مقال أمس جاء فيه:
عزيزى الدكتور عمرو، كل سنة وأنت والأسرة الكريمة وكل المصريين بكل خير وسعادة وأمل فى غدٍ أكثر إشراقاً.
أدناه تعليقى على عمودكم المنشور اليوم، فى «المصرى اليوم»، وأرجو أن يتسع صدركم ووقتكم لقراءته (وكما هى العادة أقرأ باهتمام بالغ ما يكتبه زميلنا الباحث):
تابعت بعناية- مثلما هى العادة- عمودكم اليومى «معا»، فى «المصرى اليوم»، والمنشور صباح اليوم 14 أكتوبر تحت عنوان «أفعال الإخوان»، وقد استوقفتنى فيه عبارة «فقد تحولت مشاعر الإقصاء التى تعرضوا لها فى عهد مبارك إلى طاقة كراهية وانتقام بحق الدولة والشعب»، وكان أن العبارة فرضت سؤالا: هل تعرض الإخوان، حقا، للإقصاء فى عهد مبارك؟ ثم استدعت وقائع: إن الإخوان دخلوا عالم السياسة المباشر لأول مرة فى عهد مبارك، وبرعاية أمن الدولة، حيث أصبح لهم نواب فى مجلس الشعب، مرة بالتحالف مع حزب العمل، وأخرى مع الوفد، وثالثة خاضوا الانتخابات فرديا ونجح منهم 88 نائبا، وكان أمن الدولة ينسق معهم فى الشأن الانتخابى مثلهم مثل الأحزاب المعارضة الأخرى، رغم أنهم ليس لهم تنظيم سياسى مشروع قانونا.
صحيح أن فى عهد مبارك تعرض الإخوان لحملات اعتقال متكررة، لكن أيا منهم لم يتعرض لتعذيب ولم يدخل سلخانات حبيب العادلى، بل كانوا «ضيوفا كراما» لفترة ما ولسبب ما، سرعان ما يخرجون بعدها. وفى عهد مبارك انفتحت لهم وأمامهم كل الأبواب على مصراعيها للعمل الخدمى والاجتماعى، وكانوا- تحت سمع وبصر أمن الدولة وربما بإشرافه ورعايته أيضا- يشغلون المواقع الخدمية التى تنسحب منها الدولة، خاصة فى التعليم والعلاج، ثم يوزعون سلعا غذائية بأسعار منخفضة، ومجانا أحيانا، عندما تتخلى الدولة عن دورها فى ضبط الأسواق. فعن أى إقصاء تتحدث؟
أما عن أسباب «طاقة الكراهية والانتقام» التى رافقت «الجماعة» منذ تأسيسها؟ فما هى علاقة «الإقصاء الذى تعرضوا له فى عهد مبارك» بتأييدهم الطاغية إسماعيل صدقى، عدو الشعب؟ وما هى علاقة هذا الإقصاء المزعوم فى عهد مبارك باغتيال النقراشى والخازندار، ثم السادات (نفر منهم انشق عنهم)، ومحاولة اغتيال جمال عبدالناصر؟ لقد تعرض الشيوعيون المصريون لتعذيب فوق طاقة البشر فى سجون عبدالناصر، مثلما تعرض الإخوان أيضا، لكن الشيوعيين لم يخرجوا من تحت سيف التعذيب ووطأته بكل هذا الحقد والكره والرفض للشعب والوطن والدولة، مثلما فعل الإخوان. مشكلة الإخوان يا سيدى لا تعود إلى إقصاء مزعوم فى عهد مبارك، ولا تعذيب أو اضطهاد واجهوه فى هذا الفترة أو تلك، لكنها تعود إلى بنيتهم التنظيمية وأهدافهم التى يسعون إليها، وأهمها تفكيك مصر الدولة وإعادة تركيبها على شكل ولاية فى خلافة وهمية، وتربيتهم القائمة على أنهم «شعب الله المختار» ومن عداهم وما عداهم مجرد أرقام فى دفاتر السجل المدنى لا قيمة ولا أهمية لهم. السبب الحقيقى هو ما أشرت إليه أنت فى فقرة تالية من عمودك قائلا: «نتيجة انغلاق التنظيم الإخوانى على نفسه وبنائه على أساس السمع والطاعة والثقة المطلقة فى القيادة، والاستعلاء الإيمانى والعزلة الشعورية عن باقى المجتمع- بتعبير سيد قطب- فإحساس عضو الجماعة بأنه ابن دعوة ربانية جعله فى الأوقات العادية ينظر لكل أبناء الشعب المصرى بنظرة فوقية».
إذن نحن أمام تفسير آخر لأفعال الإخوان.
نقلاً عن "المصري اليوم"