توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل عاد النظام الذى لم يذهب؟

  مصر اليوم -

هل عاد النظام الذى لم يذهب

عمرو الشوبكي

كثير منا يتحدث عن عودة نظام مبارك، والبعض الآخر يتخوف من عودة الدولة الأمنية، والبعض الثالث يتحدث عن أن 30 يونيو قامت لشطب 25 يناير، وافترض بعضنا أن النظام الذى يخاف من عودته قد ذهب فعلا مع سقوط مبارك.والحقيقة أن ما جرى فى مصر بعد ثورة 25 يناير كان سقوطا لرأس النظام، وتصور البعض أنه يمكن فقط بالفعاليات الثورية والصوت الاحتجاجى تحقيق أهداف الثورة فى العيش والحرية والكرامة الإنسانية، ونسينا أن المرحلة الثانية والأساسية فى نجاح أى تجربة تغيير تتوقف فى القدرة على بناء نظام جديد يفكك بشكل تدريجى مرتكزات النظام القديم.والحقيقة أن تصور البعض أن النظام القديم قد عاد، رغم أنه لم يذهب، يرجع إلى وجود تصور بأن معيار النجاح يتمثل فى استبعاد رموز مبارك ورموز مرسى، وأن النظام الجديد يعنى فقط جلب وجوه جديدة شاركت فى الثورة أو حسبت عليها، حتى لو لم تكن لديها أى رؤية لإصلاح المؤسسات القديمة وبناء بديل جديد.والواقع أن القلق من عودة بعض من شاركوا فى العمل العام فى عهد مبارك إلى مواقع السلطة الجديدة فى مصر لا يعنى فى الحقيقة عودة النظام القديم، الذى بقى من خلال استمرار المنظومة القديمة التى لم يغيرها أحد، ولا كون عودة الدولة لممارسة دورها يعنى عودة الدولة الأمنية، فهذه العودة جاءت بعد غياب وضعف غير مسبوق فى التعامل مع الخارجين عن القانون والبلطجية، أو حملة الحجارة والمولوتوف، أو حملة السلاح الآلى وحارقى الكنائس والمنشآت العامة والخاصة، وأن عودتها صارت أملا لدى كثيرين بعد أن رأوا الميليشيات الإخوانية تحاول أن تحل مكان الشرطة (أو تأتى على أنقاضها)، وشعروا بخطر السقوط الحقيقى فى عصر لا دولة ولا حكم.إن عودة النظام القديم ليست مرتبطة بعودة الدولة للقيام بمهامها، حتى لو قامت بهذه المهام بطريقة قريبة من الطريقة القديمة (لم تعرف غيرها)، إنما تتمثل فى الفشل فى إنجاز توافق سياسى من أجل البدء فى عملية إصلاح جراحى وحقيقى لمؤسسات الدولة، فيما عرف فى التجارب الناجحة بـ«الإصلاح المؤسسى».والمؤكد أن تصور البعض أن سقوط نظام مبارك الشائخ أو ما سبق وسميته «لا نظام» هو نهاية المطاف، واعتبار الثورة هدفا وليس وسيلة لتحقيق إصلاح سياسى وتقدم اقتصادى، وتصور أن مصر حققت كل أهدافها باستمرار الصوت الاحتجاجى (شرعية الميدان والثورة مستمرة) دون امتلاك أى قدرة على بناء بديل سياسى، لن يحقق أى تغيير.والمؤكد أن أحد العوامل الرئيسية وراء الانتصار السهل للثورة المصرية يكمن فى ضعف وهشاشة نظام مبارك، خاصة بعد حالة التجريف الشاملة التى فرضها على البلاد 30 عاما، وأن كل قيادات نظام مبارك، بمن فيهم قادة المؤسسة الوحيدة المتماسكة (الجيش)، كانوا قد تجاوزا سن السبعين وبقوا جميعهم فى أماكنهم مرؤوسين لمبارك 20 عاما، ما جعل شرعيتهم فى الشارع محدودة وقدرتهم على المبادرة معدومة، وهو أمر مستحيل أن تجده فى تجربة أخرى فى العالم، فديكتاتوريات أمريكا اللاتينية العسكرية الأكثر قسوة، بما لا يقارن من نظام مبارك، عرفت أنظمة قوية فيها قيادات صف ثانٍ وثالث دعمت بقاءها حتى النهاية وتفاوضت بشراسة مع قوى التغيير الجديدة، كما أن تجارب أوروبا الشرقية والبرتغال وإسبانيا كانت لحظة التحول الديمقراطى فى وضع شبيه بمصر فى الستينيات (وليس فى عهد مبارك)، أى هناك نظام سلطوى ودولة قوية بها مؤسسات تعمل وتعليم جيد وصحة معقولة وجهاز إدارى فيه حد أدنى من الكفاءة ودولة مليئة بالأسماء اللامعة والكفاءات القادرة على أن تقود البلاد نحو نظام جديد.إن «لا نظام» فى عهد مبارك كان أقل استبدادا من النظام التونسى أو الليبى أو السورى، وتجلت «خيبته» فى إضعاف الدولة وتخريبها فى التعليم والصحة والإعلام والأمن والمواصلات والزراعة والصناعة، بحيث من المستحيل أن يحدث إصلاح حقيقى دون أن تنتقل مصر من حالة «لا نظام» إلى النظام.وجاء حكم الإخوان الأكثر «نظاما» وتنظيما من باقى القوى السياسية، ولم يهتم إلا بتغيير من هم على رأس السلطة، فأخرج رموز نظام مبارك ووضع رموز الإخوان، وزرع رجاله فى كل المؤسسات، وأدار معركة التمكين وليس الإصلاح، فكان سقوطه مدويا بعد أن رفضه الشعب والدولة معا.إن تجربة الإخوان مع الدولة المصرية تدل على عدم فهم كامل لطبيعتها، فقد حرصوا، منذ اليوم الأول، على أن يكون لهم كيانهم الخاص و«دولتهم الموازية»، تمهيدا للانقضاض على الدولة الأصلية، وبنوا ذاكرة تاريخية خاصة واجهت الذاكرة الوطنية المصرية من سعد زغلول ومصطفى النحاس وحزب الوفد، مرورا بثورة يوليو وجمال عبدالناصر، وانتهاء بنصر أكتوبر وأنور السادات.والحقيقة أن وجود جماعة بهذه المواصفات العقائدية والمرارات التاريخية، وبقيت خارج المنظومة السياسية السائدة لما يقرب من 85 عاما، وحين فتح الله عليها بالوصول للسلطة فى ظرف استثنائى من الصعب أن يتكرر سارت فى عكس الطريق الذى كان يجب أن تسير فيه، وأدارت معركتها مع الدولة والمجتمع بصورة انتقامية وإقصائية واضحة، وكان بقاؤها فى السلطة مرادفا لاستمرار النظام القديم، لأنها غيرت فى القشور والوجوه لا فى العمق والمضمون.ورغم أن الجماعة حولت خطابها بعد أن وصلت للسلطة من جماعة محافظة إلى ثورية فى مشهد غير مسبوق فى أى تجربة أخرى فى العالم، فالثوار يكونون كذلك قبل الوصول للسلطة وليس بعدها، والمفارقة أن الإخوان لم يصبحوا ثوارا بعد الثورة مثل البعض، إنما ثوار بعد السلطة، وهو أخطر وأسوأ أنواع الحكم، لأنه يصبح مجرد مبرر لتكريس الاستبداد لأن يُعتبر المعارضون من الثورة المضادة، والدولة يجب تطهيرها من الفلول والفاسدين (أى من غير الإخوان)، وهى كلها مسارات بناء الدول المستبدة تحت دعاوى الشرعية الدينية أو الثورية.يجب ألا نكرر مسار الإخوان ونضع البلاد أمام فشل ثانٍ بإعطاء حصانة استثنائية لأى فصيل، تارة باسم الدين، وتارة باسم الثورة، وتحويل تحدى إصلاح المؤسسات القديمة إلى صراع على السلطة ملتحفا بشرعية ثورية، وليس بشرعية الدستور والقانون، ومتواطئا فى بعض الأحيان مع مرتكزات الدولة القديمة، وهو ما سيعيد حتما إنتاج تجربة الفشل الإخوانى مرة أخرى.إن النظام القديم لم يعد مع تدخل الجيش فى 3 يوليو، لأنه لم يذهب أصلا، وإن تنحى مبارك فتح الباب أمام بناء نظام جديد، ولا يعنى بالضرورة أننا سننجح فى بنائه، حتى لو أقصينا كل رموز الإخوان وكل رموز مبارك، فالمهم هو امتلاك القدرة على بناء مشروع جديد يمثل بديلا حقيقيا لنظام مبارك الذى أبقانا فيه حكم الإخوان وفهم البعض لمعنى الثورة، ولم تعدنا إليه 30 يونيو.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل عاد النظام الذى لم يذهب هل عاد النظام الذى لم يذهب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon