توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدستور التوافقى

  مصر اليوم -

الدستور التوافقى

عمرو الشوبكي

التحدى الذى تواجهه مصر هو كيف يمكن أن يكتب دستور توافقى يعبر عن القيم الأساسية التى توافق عليها المجتمع والتيارات السياسية (ديمقراطية، مواطنة، مبادئ الشريعة الإسلامية، حقوق إنسان، مساواة) فى نصوص دستورية تنال رضا المواطنين. والمؤكد أن طريقة تشكيل أى لجنة لكتابة الدستور ستؤثر على مضمونه وعلى صياغته، وهو ما جرى فى الدستور الماضى، إلا أن الوعى بأن المجتمع المصرى فيه تنوع وأن الدستور ليس برنامج حزب أو تيار سياسى إنما هو دستور لكل الأمة، هو الطريق الوحيد لكتابة دستور توافقى. وحين تفشل أمة فى التوافق على دستورها فإن هذا يعنى بداية فشل تجربتها الديمقراطية، وحين تفشل تجربتها الديمقراطية ستجد من يقول همساً أو صراحة إن هذا الفشل بسبب عدم استعداد الشعب لتقبل الديمقراطية، وفى الحقيقة هذا فهم قاصر ويخفى غياب الرغبة فى تحديد مسؤولية الفشل السياسى والدستورى، لأن الديمقراطية طريق له قواعد تساعد الشعوب على الالتزام بها، وفى مصر فعلنا عكس هذه القواعد وبعدها قلناـ أو قال بعضنا- إن المسؤولية هى مسؤولية الشعب المصرى. والمؤكد أن كتابة دستور جديد ليست بالأمر السهل إنما هى طريق طويل وصعب مرت به مجتمعات كثيرة، واخترنا نحن الطريق الأسوأ بسبب اختراعنا مسارا خاصا وفريدا أدى بنا إلى فشل مزدوج.. الأول مع المجلس العسكرى حين أسقط دستور 71 المعدل بعد أن قال الشعب نعم لتعديله، والثانى حين وضع الدستور من خلال سلطة الإخوان فجاء معبرا عن لون واحد وتيار واحد. إن أمام أى تجربة تغيير مسارين فى التعامل مع دستورها الجديد: فإما أن تمتلك رؤية سياسية وقيادة قادرة على وضع دستورها الجديد المعبر عنها بصورة فورية، بعد نجاحها فى إسقاط النظام القديم ـ وهو أمر لم يكن متوفراً فى الحالة المصرية، مما جعل الطرح الصارخ هو إسقاط الدستور القديم و«لا دستور تحت حكم العسكر» وغيرها من الهتافات التى أوصلت القوى المدنية إلى أن تتخلى عن دستورها المدنى، نتيجة ضعف المجلس العسكرى وارتباك أدائه، فأوقفوا العمل بدستور 71 تحت ضغط الائتلافات المدنية، وفتح الباب لأول مرة فى تاريخ مصر لربط كتابة الدستور بوزن كل تيار فى الشارع، فكانت الغلبة للإسلاميين الذين شعروا بأن من حقهم كتابة دستور وفق رؤيتهم، طالما أنهم حصلوا على أغلبية فى البرلمان والجمعية التأسيسية، فكان دستور 2012 سببا فى انقسام الأمة وليس لمّ شملها. والحقيقة أن بداية الخلل فى الجمعية التأسيسية السابقة كانت فى أنها ارتبطت بـ«المحاصصة السياسية»، وتلك ثقافة لا علاقة لها بكتابة الدساتير والأغلبية والأقلية داخل البرلمان، فتركيا التى تحدثنا مرارا عن تجربتها فى كتابة الدستور شكلت لجنة من 12 عضوا فقط لكتابة دستورها الجديد يمثلون بالتساوى الأحزاب الأربعة الممثلة داخل البرلمان، ويتساوى هنا حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذى حصل على نسبة تقترب من الـ50%، مع الأحزاب الثلاثة الأخرى التى حصل أحدها على حوالى 10%، ومع ذلك تم تمثيل كل واحد منها بـ3 أعضاء فى هذه اللجنة، ودون أن يحاول الحزب الحاكم فى تركيا (الذى يتبنى زعيمه أردوجان بكل فجاجة الرواية الإخوانية لما جرى فى مصر، رغم أنه فعل فى بلده عكس ما فعل الإخوان) أن يهيمن على لجنة الدستور، كما فعلت الأغلبية الإسلامية فى الدستور المعطل فى مصر وقد أجرت هذه اللجنة التركية عشرات الاجتماعات مع ممثلى النقابات والجمعيات الأهلية والروابط الشعبية المختلفة، تمهيدا لوضع دستور جديد للبلاد، بعد أن عاشت أكثر من 30 عاما فى ظل دستور انقلاب 1980 رغم تعديله أكثر من مرة. وإذا كان من المؤكد أن هناك آلية واحدة وضعت لاختيار ممثلى الأحزاب فى لجنة الـ 50، المنوط بها كتابة الدستور فى مصر على غير نظام المحاصصة السابق، وقدمت الأحزاب الليبرالية 2 من ممثليها واليسار واحدا والتيار القومى واحدا، وكان يفترض أن يكون هناك تمثيل مواز للأحزاب الإسلامية إلا أنها رفضت جميعها المشاركة باستثناء حزب النور، وهنا كان يجب أن يكون تمثيله فى اللجنة 2 بدلا من واحد حتى يطمئن قطاع من الشعب المصرى أن المعركة الحالية ليست ضد الشريعة كما يروج البعض، ولا مع الأحزاب التى تدافع عن الشريعة، إنما فى ممارسات جماعة سرية اسمهما الإخوان المسلمون، ورط قادتها البلاد والعباد فى كوارث وليس فقط أزمات. أما التوافق على مواد الدستور فلا بد أن يعكس توافقا مجتمعيا وسياسيا، وإذا أخذنا المادة 219 فى الدستور المعطل نموذجا، وتنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة، فهو نص ليس محل توافق بين الأطياف السياسية والاجتماعية المختلفة، وبالتالى هو يصلح لأن يكون مطلبا لحزب النور فى برنامجه الانتخابى يعمل على تنفيذه من خلال الانتخابات والآلية التى ستحكم عملية تغيير مواد الدستور فى المستقبل. أما المادة الثانية من الدستور التى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، فهى محل توافق من التيارات الإسلامية والمدنية، رغم أن هناك بعض التيارات المدنية طالبت بالنص على مقاصد الشريعة وليس مبادئ الشريعة، وهو لم يكن محل توافق، وبالتالى من حقها أن تضعه فى برنامجها الانتخابى (وليس الدستور التوافقى)، وإذا حصلت على أغلبية برلمانية تسمح لها بتعديل النص الدستورى عبر الآلية المقترحة فعليها القيام بذلك. الدستور مشروع للتوافق وليس الشقاق المجتمعى والسياسى، وهو تحدٍ ليس سهلا علينا أن نعمل على تحقيقه. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدستور التوافقى الدستور التوافقى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon