توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإخوان والسلفيون

  مصر اليوم -

الإخوان والسلفيون

مصر اليوم

تحالف الإخوان والسلفيين بعد الثورة كان واقعاً، فقد تطابقت رؤيتهما أثناء إدارة المرحلة الانتقالية، وكانا هما الطرفين الأقرب للمجلس العسكرى، واتسم أداؤهما بالهدوء والرهان على الصندوق والانتخابات البرلمانية وليس الضغط الشعبى، فى حين انشغل كثير من القوى والائتلافات المدنية بالفعاليات الثورية وإضعاف الدولة وإسقاط دستورها ليحدث الفراغ الذى ملأه بسلاسة الإسلاميون. واستمر التقارب تحت قبة البرلمان بين الإخوان والسلفيين، رغم أن الانتخابات كثيراً ما شهدت مواجهات بين مرشحى الجانبين، فاتهم بعض نواب التيار السلفى بعض الشباب الغاضب بأنه ضحية المخدرات و«الترامادول»، وتفوقوا فى هجومهم على نواب الإخوان الذين كانوا أكثر حنكة ودهاء منهم. وانتقل التحالف إلى تقارب بعد وصول الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الرئاسة، نتيجة دفاع كلا الحزبين عن المرجعية الإسلامية والمشروع الإسلامى، وبدا حزب النور السلفى وكأنه الحزب الأول المدافع عن الشريعة الإسلامية، وأسس تقاربه مع الإخوان ومع باقى القوى الإسلامية الأخرى على أساس هذا المبدأ، فشارك فى مليونيات ودافع عن أخرى من أجل الشريعة، ودخل فى مواجهات حادة مع التيارات المدنية فى الجمعية التأسيسية للدستور من أجل إضافة مواد تؤكد تطبيق الشريعة. والحقيقة أن حراس العقيدة والشريعة مثلهم مثل حراس الثورة والأيديولوجيا؛ يخطئون خطأً جسيماً حين يحيلون الناس إلى قضايا كلية ومطلقة لا علاقة لها بتفاصيل واقعهم المعاش، لأن هذه الطريقة فى التفكير هى التى فتحت الباب أمام تجارب استبداد وفشل فى العالم كله، فحراس الشريعة فى السودان هم الذين قسموا البلد وبنوا نظاماً استبدادياً، وحراس العقيدة فى أفغانستان هم الذين بنوا نظاماً ظلامياً كان حجة الأمريكيين لغزو البلاد، وحراس النظم الثورية والاشتراكية هم الذين أسسوا لنظم استبدادية فى كثير من دول العالم. المعضلة ليست فى النص الدينى ولا العقائدى ولا فى الشريعة التى توافَقَ الشعب المصرى على تطبيقها واحترامها وفق نص المادة الثانية من الدستور، إنما فى وسائل تطبيقها، فالنظم التى أنجزت هى التى انطلقت من قيم عليا، وفى عالمنا العربى والإسلامى هى مبادئ الشريعة الإسلامية، أما فى التطبيق فقد التزمت بالديمقراطية فأنجزت اقتصادياً واجتماعياً. إن وجود مادة الشريعة فى دستور مصر وغيرها من الدول الإسلامية لم يحل دون وجود نظم استبدادية، لأنها لم تكن بالتأكيد سبب الاستبداد تماماً، مثلما لن تكون هى فى ذاتها ودون أدوات صحيحة وديمقراطية طريق التقدم، فالمطلوب الاجتهاد فى إطار مبادئ الشريعة لبناء نظام ديمقراطى قادر على الإنجاز سياسياً واقتصادياً، وهذا هو مربط الفرس وهذا هو بداية الخلاف بين النور والإخوان على الأدوات والممارسة. فرغم أن الإخوان كانوا سعداء بوجود حليف متشدد ومحافظ مثل حزب النور والتيار السلفى لفترات طويلة حتى يستطيعوا أن يروِّجوا لاعتدالهم فى الداخل والخارج، وحاولوا فى أكثر من مرة أن يقدموا أنفسهم باعتبارهم الفصيل الوسطى والمعتدل بين «تشددين» أحدهما إسلامى متمثل فى التيار السلفى، والآخر علمانى فوضوى متمثل فى جبهة الإنقاذ والائتلافات الثورية. وقد استخدم الإخوان قضية الشريعة لجذب قطاعات واسعة من التيار السلفى خاصة من هم خارج حزب النور مع بعض جمهوره، فكانت مليونية الشرعية والشريعة التى انطلقت من جامعة القاهرة لتدافع عن الشرعية وهو حقها ولكنها أضافت «الشريعة» التى لم تكن مهددة ولم تكن هى محور الخلاف بين المعارضة وحكم الإخوان. ورغم نجاح الإخوان فى جذب كثير من السلفيين إلى هذه التظاهرة الضخمة عن طريق الشريعة، إلا أن ممارسات «إخوان الحكم» دفعت قطاعاً واسعاً من التيار السلفى- وعلى رأسه حزب النور- إلى مراجعة مواقفه حتى لا يكون أداة لحسابات الآخرين السياسية، وبدأ فى العمل على امتلاك أدواته السياسية المنطلقة من الشريعة ويؤيد ويعارض تبعاً لهذه الأدوات، وليس عبر شعار «الشريعة» الذى يخفى رغبة مَنْ فى الحكم فى البقاء الأبدى فى السلطة والسيطرة على كل شىء، وفق حسابات لا علاقة لها بالشريعة ولا الدين، إنما السلطة، وفقط السلطة. وبدأ حزب النور يميل إلى الاعتقاد بأن الانقسام السائد بين الحكم والمعارضة ليس له علاقة بالشريعة، وأن الأخيرة ليست مهددة بل هى مصونة فى قلوب وعقول المصريين، وأن الأزمة الحقيقية هى صراع على السلطة ورغبة طرف فى احتكار كل شىء لنفسه ولجماعته. وقرر حزب النور أن يفكر خارج التقسيم الذى ظل فى داخله كحزب حارس للعقيدة والشريعة فى مواجهة القوى المدنية والليبرالية، واكتشف أنه فى الممارسة السياسية يمكن أن تجد حلفاء لا يرفعون لواء الشريعة ليس لأنهم ضدها ولكن لأنهم ليسوا فقهاء أو رجال دين، وهم أقرب لك من آخرين يقولون إنهم مدافعون عن الشريعة والمشروع الإسلامى، وبدت قضايا مثل سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة لا الحكومة صادمة للتيار السلفى، الذى عمل بجدية وكفاءة على الأرض وقدم للرئيس أعداد الإخوان الذين دخلوا خلسة فى مؤسسات الدولة (حوالى 10 آلاف حتى الآن) كما طالبوا مثل جبهة الإنقاذ بضرورة وجود حكومة محايدة أو حكومة إنقاذ وطنى بدلاً من الحكومة الحالية الفاشلة، كما أبدوا اعتراضهم على طريقة تعيين النائب العام بنفس طريقة مبارك، وطالبوا بإيجاد حل لهذه القضية دون أن يصلوا بشكل صريح لمطلب جبهة الإنقاذ بضرورة تغييره، ورحبوا أيضا بمطلب تقنين جماعة الإخوان المسلمين التى تحكم دولة لا تحترم قوانينها ولا تشريعاتها، وتصر بمحض إرادتها على أن تكون محظورة. هذه المطالب السياسية التى رفعها حزب النور وأعلن بها خلافه الواضح مع إخوان الحكم، بدأت تغير فى الصورة الذهنية لدى قطاع واسع من المواطنين كانت ترى أنه حزب غير سياسى ولا يعرف إلا فى أمور الدين لا الدنيا، وأثبت أنه قادر على الفعل السياسى المستقل والتأثير فى المعادلة السياسية وفى قطاعات من المصريين كانت ترتاب فى توجهاته. كما أنه قدم رسالة أخرى فى غاية الأهمية تقول إن الخلاف السياسى بين قوى تحمل نفس المرجعية الفكرية قد يكون تأثيره أعمق فى الواقع من الخلاف الموجود بين القوى التى تحمل مرجعيات فكرية مختلفة، فالخلاف بين أكبر فصيلين من التيار الإسلامى يدل على أن طريقة إدارة الإخوان لشؤون البلاد استفزت تيارات إسلامية أخرى تشاركهم فى المرجعية الفكرية، وهو أمر لم يفهم دلالاته الإخوان. الخلاف الحالى بين النور وإخوان الحكم رسالته واضحة وتقول للجميع: ليس بالإطار الفكرى والمرجعى حتى لو كان دينياً تنهض الشعوب، إنما بالأدوات والوسائل الناجحة التى تنتمى لهذا الإطار أو ذاك يمكن أن تنهض الشعوب، وإخوان الحكم اختاروا أسوأ وأفشل الأدوات فاستفزوا بدرجات متفاوتة كل مَنْ هم خارج الجماعة، سواء من التيار الإسلامى أو المدنى، وما جرى مع حزب النور رسالة لا يبدو أنها ستصل مثل باقى الرسائل إلى إخوان الحكم. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان والسلفيون الإخوان والسلفيون



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon