توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحو قانون جديد للانتخابات البرلمانية

  مصر اليوم -

نحو قانون جديد للانتخابات البرلمانية

عمرو الشوبكي

  لا تفصّل القوانين على مقاس تيار أو قوة سياسية بعينها إلا فى النظم التسلطية والاستبدادية، إنما تُكتب من أجل الصالح العام وتقدم المجتمع ودفعه للأمام، هكذا يجب أن نتعامل مع أى أفكار خاصة بقانون الانتخابات البرلمانية الجديد، فالحديث عن قانون لصالح التيار المدنى وآخر لصالح التيار الإسلامى أمر يجب ألا يحكم عملية صياغة أى قانون جديد للانتخابات، لأنه أقرب لنظرية «حجة البليد مسح التختة»، لأن فكرة القانون التفصيل مستهجنة ليس فقط لتعارضها مع الصالح العام، إنما أيضا لأن البعض يتصور أنه بدلا من أن يعمل فى الشارع ويبنى مؤسسة سياسية حقيقية يستسهل الحديث عن قانون انتخابات يدارى عجزه أو فشله السياسى. والحقيقة أنه لا يوجد أى قانون سواء «قائمة» أو «فردى» يمكن بمفرده أن ينقذ تياراً بعينه من أزمته ويعزز من فرص نجاحه دون أن يقوم بعمله فى بناء مشروعه السياسى والحزبى واختيار أعضائه ومرشحيه وضبط خطابه السياسى والإعلامى وليس البحث عن قانون تفصيل يتصور واهماً أنه سينقذه مما هو فيه. والمؤكد أن فى مصر جدلاً ممتداً حول القانون الأمثل للانتخابات وهل الأنسب هو تبنى نظام الفردى أم نظام القوائم، وهل الأول يكون مطعماً بقوائم أم لا، وهل القوائم تكون مغلقة أم مفتوحة. نعم للفردى المطعّم بقوائم يجب أن تحكم أى قانون فلسفة أو رؤية محددة للواقع السياسى والاجتماعى، وقانون الانتخابات الأنسب فى مصر هو الذى ينطلق من الواقع المعيش ومن الرغبة الحقيقية فى تمكين المواطن وشعوره أنه هو الذى يختار فى الانتخابات مرشحه دون وصاية أو وسيط من أحد وهو أمر فى مراحل الانتقال والتحول الديمقراطى فى غاية الأهمية، خاصة فى ظل التهميش الذى عانى منه المواطن المصرى لفترات طويلة. و«بناء عليه» فإن القانون الذى نقترحه هو أن تجرى الانتخابات فى مصر بنظام الفردى بالنسبة للثلثين، ومع إلغاء نسبة العمال والفلاحين سيصبح حجم الدوائر الفردية صغيراً حتى تقترب وربما تقل عن الدوائر الفردية التى كانت موجودة من قبل، وفيها سيختار المواطن مرشحه على ضوء برنامجه وكفاءة حزبه وقدرته على التواصل مع الناس وأبناء دائرته. إن عماد العملية الانتخابية هنا سيكون النظام الفردى، وإن تطعيمها بالقوائم لن يكون بغرض خلق نظام مختلط «سمك لبن تمر هندى» إنما سيكون من أجل فتح الباب لنوعية من الخبراء والأكاديميين الذين يجب أن نراهم فى مجلس النواب، وهناك صعوبة فى أن يمروا عبر الانتخاب بالنظام الفردى، فيتم اختيارهم عن طريق نظام القوائم المنتخبة من كل محافظة وليس دائرة، حتى يكون اختيار القائمة تعبيراً عن تنافس بين رؤى وبرامج يدعمها اتساع الدائرة ليشمل المحافظة كلها. شبهات حول الفردى ربما كان الانتقاد الأهم الذى يوجه لنظام الانتخابات الفردى هو أنه يفتح الباب أمام العصبيات العائلية والرشاوى الانتخابية، وهو أمر لا علاقة له بالنظام الفردى بقدر ما له علاقة بالنظام السياسى، فشراء الأصوات الذى راج فى عهد مبارك كان يرجع لغياب الناخبين وحضور المرتشين فنسبة التصويت الحقيقية فى المدن لم تتجاوز الـ5%، وهو أمر حدث عكسه فى انتخابات 2012 حيث قاربت من الـ50% وهى نسبة يستحيل أن يؤثر فيها شراء الأصوات كما جرى فى العهد السابق، كما أن الحديث عن أن الانتخابات بالفردى تعمق من دور العصبيات والعائلات فى الريف ينطلق من نظرة استعلائية على طبيعة هذا الدور والواقع الثقافى والاجتماعى المعيش، فإذا كان الدين والتعبئة الدينية يلعبان دورا فى اختيارات بعض الناخبين ولو على غير أساس عقلانى، ولا يستطيع أحد أن يواجههما بقانون طالما التزما بقواعد العملية الانتخابية، وبالتالى غير مفهوم النظر بهذا الاستهجان لمسألة دور العائلات التى ستتراجع مع الوقت بفعل الحداثة والتطور الديمقراطى وليس قانون الانتخابات. والمؤكد أن تخوفات البعض من النظام الفردى ترجع لما جرى فى العهد السابق من بلطجة وتزوير، وهو ما دفع البعض إلى تبنى نظام القائمة النسبية غير المشروطة، لكنه سيكتشف بأسرع مما يتصور أنه اختار الخيار الأسوأ والأبعد عن الناخب المصرى. لا أحد يتصور أن عضو البرلمان البريطانى أو نائب الجمعية الوطنية الفرنسية منفصل عن منطقته ودائرته الانتخابية ويهبط عليهم بـ«البراشوت» الحزبى والسياسى دون أى تواصل، فالنائب الناجح هو الذى ينجح فى تمثيل أمته ودائرته وتياره السياسى، أى يكون فيه جزء من نائب الخدمات العامة «وليس نائب شراء الأصوات والتسهيلات» وجزء أكبر من النائب السياسى والحزبى الذى يراقب الحكومة ويشرع القوانين، وهذا ما سيحققه النظام الفردى المطعم بالقوائم الحزبية الذى سيعلى من الموهبة السياسية للنائب ولدور الأحزاب على السواء. الوصاية على الشعب المصرى أو كارثة القوائم يخطئ البعض خطأ جسيما حين يتصور أن تصويت الناس على أساس البرنامج الحزبى يمر عبر نظام القائمة، وأن القوائم الحزبية هى التى ستقنع الناخب المصرى ببرنامج الحزب/القائمة وليس جوانب أخرى. والواقع أن القائمة النسبية المفتوحة التى يختار فيها الناخب مرشحه بصرف النظر عن ترتيبه فى القائمة ستربك الناخب المصرى، خاصة فى ظل نسبة أمية تصل إلى ما يقرب من الثلث بما يعنى أن الترتيب المسبق للقوائم سيؤثر فى اختيارات الناخبين حتى لو قلنا لهم اختاروا من تريدون ورتبوا القائمة كما ترون، فسيميل بعضهم على الأقل إلى اختيار الترتيب الموجود مسبقاً فى القائمة، كما أنها أيضا فكرة غير مقبولة لدى كثير من التيارات السياسية. أما القوائم الأخرى التى ستضم المستقلين ومرشحى الأحزاب فسيتحكم فيها عدد محدود من قيادات الأحزاب ورجال الأعمال، بحيث سنخلق شريحة لن تتجاوز عشرة أشخاص ستمارس وصاية حقيقية على الشعب المصرى وستحدد تشكيل هذه القوائم على ضوء معايير غير شفافة كما دلت الخبرة السابقة، وأن الصراع الأساسى بين المرشحين تركز حول من سيكون على رأس القائمة وليس حول فكر الحزب وخطابه السياسى. إن فرض القوائم الحزبية على المواطنين والنظر إلى انتخابات القوائم وكأنها هى الحل ومعيار التقدم والديمقراطية أمر بعيد عن الصواب والواقع، فهو يفتح الباب أمام استبداد النخبة الحزبية بالوصاية على الناس عن طريق أحزاب مازالت فى معظمها ضعيفة، بتقديم مرشحين قريبين من رئيس الحزب أو من فى يده المال ليكونوا على رأس هذه القوائم. ولابد من الإشارة هنا إلى أن خبرة الانتخابات السابقة قد دلت على وجود أعداد لا تحصى من المرشحين دخلت فى مفاوضات مع عدد لا يحصى أيضا من الأحزاب المصرية من أجل أن تكون على رأس القائمة، وأن بعضها كان يترك حزبه بكل سهولة إذا جاء له عرض من حزب آخر يضعه على رأس القائمة، وهى أمور يؤكد كاتب هذه السطور أنه كان شاهد عيان عليها. إن من يقرأ الواقع جيدا فإنه سيتأكد أن المواطن المصرى بعد سنوات طويلة من التهميش والقهر يرغب فى أن يشعر بأنه يختار نوابه بنفسه ولا يرغب فى أن يرى أوصياء عليه يحددون له ترتيب القوائم حتى لو كان هؤلاء مختارين وفق قواعد حزبية منضبطة فى حال الإخوان المسلمين، أو شبه منضبطة فى حال الأحزاب المدنية الجادة، أو فاسدة فى حال الأحزاب الكرتونية. شروط الترشح من المهم وضع مجموعة من القواعد تحكم عملية الترشح على المقعد الفردى فى كل دائرة وتتسم بالمرونة فى الوقت نفسه، ونقترح الآتى: 1- أن يكون المرشح مولوداً فى هذه الدائرة أو.. 2- أن يكون محل سكنه فى الدائرة أو.. 3- أن يكون محل عمله فى الدائرة. وهى شروط تتسم بالمرونة الشديدة وترسم علاقة ما بين المرشح ودائرته، أما الثلث للقوائم الذى سيكون على مستوى المحافظة فيشترط أن تنطبق عليه هذه الشروط الثلاثة بالنسبة للمحافظة ككل، أى يكون مولودا أو يعمل أو يسكن فيها، حتى يمكن تدعيم النخبة المحلية فى كل محافظة ونساعد على التخفيف من مركزية القاهرة التى كثيرا ما كانت «تصدر» كوادر للترشح فى هذه المحافظات وتعطل ولو جزئيا من تفعيل الحياة السياسية فى هذه الأقاليم. توصيات الورقة: لماذا ثلثان فردى وثلث قوائم؟ اعتبرت بعض القوى المدنية أن الانتخابات بالقائمة هى الطريق لتفعيل الحياة السياسية، ونسيت أن الغالبية الساحقة من التجارب الديمقراطية فى العالم تعتمد النظام الفردى بما فيها كثير من البلدان الأوروبية وأمريكا اللاتينية وآسيا حتى لو طُعّم بعضها بنظام القوائم الحزبية. النظام الأمثل المقترح هو نظام يعتمد بالأساس فلسفة النظام الفردى ويقسم الدوائر الانتخابية بين مستويين: الأول هو الدوائر الفردية غير المتسعة التى تعتمد على مساحة الدوائر القديمة وربما أصغر ـ لم تلغ نسبة العمال والفلاحين فى الدستور الجديد ــ وهنا يدخل الاعتبار الشخصى والسياسى فى اختيار الناخب الذى سيشعر هنا بأنه يختار نائبه دون وصاية أو «كنترول» حزبى أو مالى، والثانى يعتمد على قوائم نسبية مفتوحة على مستوى كل محافظة وليس دائرة كما جرى فى الانتخابات السابقة، أى تجرى فى محافظة القاهرة انتخابات بين قوائم تضم كل واحدة 15 مرشحا مثلا، وفى الجيزة 12 وفى أسيوط 8 والدقهلية 10، وهكذا تبعاً لعدد سكان كل محافظة. وهنا ستعطى قوائم المحافظات فرصة لمرشحين من الخبراء والشخصيات العامة لا يستطيعون خوض غمار الفردى، ويعتمدون على خبراتهم العملية وولائهم لتيار فكرى وحزبى محدد للترشح وخوض غمار الانتخابات والاستفادة منهم تحت قبة البرلمان. والحقيقة أن هذا القانون سيُشعر المواطن بالتمكين وأنه يختار ويحاسب مرشحيه ونوابه، وهنا سنكون أسسنا لنظام فردى يفتح الباب لتنافس متكافئ الفرص بين مرشحى الأحزاب المختلفة لا تكون فيه مساحة الدوائر الفردية مثل المدن، فتتفوق الماكينات الحزبية الأكثر تنظيما وانضباطا، ولن تكون نسبة المشاركين فى الانتخابات 5% كما جرى فى العهد السابق فيتفوق نواب شراء الأصوات، كذلك فإن «قوائم المحافظات» ستقلص من ترتيبات المال والفساد التى جرت فى «قوائم الدوائر» التى غاب عنها تقريبا صراع الأفكار لصالح صراع حول «ترتيب القوائم»، وهو أمر دفع ببعض الأحزاب إلى أن تضع على رأس قائمتها مرشحاً قوياً أو معقولاً لـ«يشيل» الباقى الذين لم يكن لكثير منهم أى علاقة بالسياسة. إن اتساع الدائرة لتشمل المحافظة كلها سيساعد فى جعل التنافس بين القوائم معتمداً على البرامج والرؤى أكثر من أى اعتبار آخر وسيضم رؤى الإسلاميين وغير الإسلاميين، والليبراليين واليساريين، وهذا ما تحتاجه مصر: صراع برامج لا شتائم وحملات تخوين.   نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحو قانون جديد للانتخابات البرلمانية نحو قانون جديد للانتخابات البرلمانية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon