توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خمسة أسباب لرفض الدستور

  مصر اليوم -

خمسة أسباب لرفض الدستور

عمرو الششوبكي

أسباب خمسة تستوجب رفض مسودة الدستور الأخيرة، بعضها إجرائى يتعلق بالطريقة التى حكمت اختيار الجمعية التأسيسية للدستور، وكثير منها يتعلق بمواد هذا الدستور. ولعل البداية أولاً كانت فى إصرار الإخوان على الحصول على أغلبية فى الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور: 57% بعد فصال عقيم مع التيارات الأخرى، وصل إلى حد الإصرار على وضع الأزهر ضمن «حصة» التيارات المدنية لضمان أغلبية إخوانية سلفية، مسيطرة على الجمعية التأسيسية. ونشير هنا إلى تجربة تركيا «الإسلامية» التى قررت منذ حوالى 3 أشهر كتابة دستور جديد، فشكلت لجنة تضم 12 عضواً يمثلون بالتساوى الأحزاب الأربعة الممثلة داخل البرلمان، ويتساوى هنا حزب العدالة والتنمية الحاكم الذى حصل على نسبة تقترب من الـ50% مع الأحزاب الثلاثة الأخرى التى حصل أحدها على حوالى 10%، ومع ذلك تم تمثيل كل واحد منهم بـ3 أعضاء فى هذه اللجنة. لم يحاول الحزب الحاكم فى تركيا أن يهيمن على لجنة الدستور، كما فعل الإخوان فى مصر، مع ملاحظة أن تواصل الحزب الحاكم فى مصر مع الحزب الحاكم فى تركيا يكاد يكون شبه يومى، ومع ذلك لم يستفد من يحكمون فى مصر من المعانى السياسية لتركيبة لجنة كتابة الدستور فى تركيا، واقتصروا الأمر على العلاقات التجارية وأمور «البيزنس»، متناسين أن السياسة والاقتصاد لا يمكن أن ينفصلا. أما من حيث المضمون فهناك أسباب أربعة أخرى تجعل هناك ضرورة لرفض مسودة الدستور الأخيرة الرديئة فى صياغاتها والركيكة فى أسلوبها: أولاً: توافقت قوى مدنية وإسلامية على الاحتفاظ بالمادة الثانية كما هى، والتى تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع أصرت بعض القوى السلفية على وضع أحكام الشريعة فى أكثر من جزء فى الدستور، حتى وصلت إلى المادة 219، والتى نصت على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة». وهو نص مثل عامل فرقة أكثر منه عنصر توافق، خاصة بعد أن تحفظت عليه قوى مدنية وإسلامية إصلاحية. وقد خلا الدستور من أى إشارة تتعلق بالتزام مصر بالمواثيق والمعاهدات الدولية فى مجال حقوق الإنسان، بسبب الخوف من نوعية محدودة من المعاهدات، تتناقض مع مبادئ الشريعة الإسلامية ومع قيم المجتمع وهويته الحضارية، وهى حجة لا تبرر عدم الالتزام، نظراً لأن وجود المادة الثانية من الدستور حول أن الشريعة هى المصدر الرئيسى للتشريع قد حسم هذا الجدل وجعل هناك استحالة أن توقع مصر على معاهدة فيها إخلال بهذا المبدأ. وأن الخوف من وجود نظام استبدادى يحكم باسم الشريعة أكبر بكثير من خطر وجود نظام مدنى يتجاهل أحكام الشريعة. والمؤكد أن المجتمع المصرى الذى يعانى من خطر الفشل الاقتصادى والسياسى ومن مشكلات الأمية والفقر والمرض ومن انهيار فى الصحة والتعليم والخدمات، لن يحل مشاكله بترديد شعار أحكام الشريعة - التى لم يختلف عموم المصريين على مبادئها - لأن المطلوب هو تطبيق سياسات ناجحة مستلهمة من مبادئ الشريعة، التى اختلف الفقهاء على تفسيرها، وانقسمت التيارات الإسلامية حولها حتى صارت أحزاباً ومذاهب فى أحيان كثيرة متناحرة. من حق التيار السلفى أن يضع قضية تطبيق مبادئ الشريعة على رأس أولوياته السياسية، ومن حقه أن يعمل على وضع أحكامها فى كل أو معظم مواد الدستور، تعليم بما لا يخالف الشريعة، وصحة تتفق مع الشريعة، ومواصلات تلتزم بالشريعة وغيرها، وهذا يمكن أن يقوم به من خلال تنافس انتخابى وليس فى عملية كتابة الدستور. فالدستور لحظة توافقية يجب أن ينطلق الجميع فيها بأنه لا غالب ولا مغلوب، ثم بعد كتابه الدستور ومع انتخابات البرلمان سيسعى كل حزب لتطبيق برنامجه الانتخابى بما فيه حقه فى تغيير بعض مواد الدستور. ثانياً: غاب عن الدستور أى مواد تتعلق بحماية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين سواء بالنسبة للعمال أو الفلاحين أو المرأة والطفل خاصة إذا قارناه بدساتير دول جنوبية مثل البرازيل وجنوب أفريقيا - راجع سلسلة دساتير العالم التى صدرت عن المركز القومى للترجمة - فهنا يبدو الدستور المصرى فقيراً ورجعياً. ثالثاً: هناك مجموعة من المواد نسردها على سبيل المثال لا الحصر تضمنها الدستور الجديد ونعترض عليها جملة وتفصيلاً فقد نصت مسودة الدستور (المادة 50) على أن للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، غير حاملين سلاحاً، وهو نوع من اللغو الذى لا مبرر له، ففى كل دساتير الدنيا الحديث عن حق التظاهر السلمى وفقط ولا يوجد أى داع لإضافة غير حاملين سلاح، وكأن العصى والطوب والسكاكين مصرح بها طالما ليست سلاحاً. أما المادة 55 فقد نصت على «مشاركة المواطن فى الحياة العامة واجب وطنى، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح»، وهى تذكرنا بالنظم الشمولية والشيوعية فى أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتى، فقد اعتبرت أو تناست أن مقاطعة الانتخابات حق ديمقراطى لكل مواطن، وأن هذا النص يفتح الباب أمام كارثة الغرامة التى دفعت بمئات الآلاف من المصريين إلى التصويت، خوفا من الغرامة وليس اقتناعا بمرشح أو حزب. أما المادة 15 فقد جاءت مخجلة فى حقيقة الأمر، فقد نصت على أن «الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد الوطنى، وتلتزم الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها وتنمية المحاصيل والأصناف النباتية والسلالات الحيوانية والثروة السمكية وحمايتها وتحقيق الأمن الغذائى وتوفير متطلبات الإنتاج الزراعى». والحقيقة لا يوجد دستور فى العالم اكتشف أن الزراعة مقوم أساسى للاقتصاد إلا دستورنا المقترح، وأن مهمة الدولة فى الدستور تنمية المحاصيل والأصناف النباتية والسلالات الحيوانية هى خيبة حقيقية، فمهمة أى دستور ليس الحديث فى هذه الأمور التفصيلية إنما حفظ الحقوق والمبادئ الأساسية، وهنا كان يجب التفصيل فى حقوق الفلاح والمبادئ الأساسية التى سينص عليها الدستور من أجل حفظ هذه الحقوق، وليس الحديث عن الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية. أما المادة 149 فقد نصت على أن من حق رئیس الجمهوریة العفو عن العقوبة أو تخفیفها، وهو أمر فيه تغول على السلطة القضائية، وكان يجب أن يكون لرئيس الجمهورية الحق فقط فى تخفيف العقوبة. رابعاً: نصت المادة 229 أولا على التالى: تبدأ إجراءات انتخابات أول مجلس نواب خلال ستين يوماً من العمل بالدستور، وينعقد فصله التشريعى الأول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات. التصويت: إجماع. هذا هو نص المسودة النهائية التى نشرتها «الأهرام» على موقعها الإلكترونى، ولم يكن بها نص الـ50% عمال وفلاحين. وفجأة قرر الإخوان إضافة هذا النص: «ويمثل العمال والفلاحون فى هذا المجلس بنسبة لا تقل عن 50٪ من عدد أعضائه، ويقصد بالعامل كل من يعمل لدى الغير مقابل أجر أو راتب ويقصد بالفلاح كل من امتهن الزراعة لمدة 10 سنوات على الأقل سابقة على ترشحه لعضوية المجلس ويبين القانون المعايير والضوابط الواجب توافرها لاعتبار المرشح عاملا أو فلاحاً». إن ما جرى مع هذه المادة يمثل تماماً ما كان يفعله مبارك ورجاله، فرغم أن الإخوان والسلفيين كانوا من أشد المعارضين لوجود هذه المادة فقد عادوا وفى ساعات قليلة وغيروا رأيهم نتيجة حسابات انتخابية. لقد اعتاد مبارك أن يزور الانتخابات إما بالطريقة الناعمة أو الفجة، فالأولى كانت أساساً من خلال ضمان أغلبية برلمانية للحزب الوطنى عن طريق نسبة 50% ممن ليس لهم علاقة بالعمال والفلاحين، كما جرى فى معظم الانتخابات، والثانية كانت عن طريق البلطجة والتزوير المباشر فى الصناديق مثلما جرى فى انتخابات 2010، والسؤال كيف يوافق أعضاء الجمعية التأسيسية بالإجماع على نص المادة 229 دون نسبة العمال والفلاحين ثم يقررون فجأة إضافتها بليل؟ هل يريدون أن نثق فيما أنتجوا؟ وهل يريدون أن نأتمنهم على إخراج دستور يعبر عن كل المصريين؟ إن ما جرى مع هذه المادة هو عار حقيقى على كل من شارك فيها وهى تمثل مؤشراً واضحاً على نوايا الإخوان وحلفائهم فى الانتخابات القادمة، فنحن نرى أمام أعيننا ممارسات مباركية بامتياز، فكيف لنا أن نوافق على هذا الدستور وعلى الحكم الذى أنتجه؟ نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خمسة أسباب لرفض الدستور خمسة أسباب لرفض الدستور



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon