عمرو الشوبكي
انتهى بسلام مؤتمر إمبابة الذى عقد فى مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضى، بعد لقاء عاصف استمر ما يقرب من ساعتين وشهد كثيراً من الشد والجذب لم يصل فى أى مرحلة لعراك بين القلة التى حضرت وأعلنت تأييدها للدستور والأغلبية التى كان بعضها محايدا، وبعضها الآخر رافضا للدستور.
انتهت كلمات المتحدثين بعد أن أضيف إليها القيادى العمالى كمال أبوعيطة، وفتح باب النقاش مع القاعة واستمعنا إلى 5 تعليقات أعطينا فيها الفرصة لـ4 من المؤيدين للدستور، أما سيف فكان هو الشاب الوحيد الذى تحدث من معارضى الدستور، وحين سمح لهؤلاء بالحديث تكلم ثلاثة منهم فى الدستور صحيح أن اثنين منهم قرآ من الورقة التى وزعها الإخوان على أنصارهم وتدعوهم للتصويت بلا، إلا أنهم على عكس بداية اللقاء كانوا أقل توترا ولم يتجاوزوا فى تعليقهم، ويمكن اعتبارهم أنهم كانوا مناصرين للتيار الإسلامى وليسوا أعضاء فيه.
وهناك شاب خرج على النص والموضوع قائلا: «إنه بن المنطقة ويفهم فى كل حاجة وعامل كل الدراسات وإنه مع الدستور لأنه يمثل الإسلام فى مواجهة العلمانية».
والمفارقة أن هذا الشاب كان الوحيد الذى استخدم هذه اللغة وهو لا ينتمى للتيار الإسلامى ورشح نفسه فى انتخابات مجلس الشعب السابقة وحصل على أقل من 100 صوت، وسألنى أين كنت يا دكتور قبل الثورة لم يسمع عنك أحد؟ فى حين أن أهل إمبابة أدهشونى فى كثير من اللقاءات حين عبروا عن معرفتهم المسبقة بى من خلال مقالات «المصرى اليوم» وليس برامج التليفزيون على طريقة «كنت منور إمبارح فى التليفزيون ياريس» وهو أمر يستحق الإشادة لأنه يأتى من منطقة يعانى كثير من أحيائها من مشكلات اجتماعية واقتصادية جمة.
بالطبع هناك نموذج متكرر لنوعية من الشباب تصورت أن السياسة هى فقط فى ميدان التحرير، وأن المشاركة ولو بالمصادفة فى الثورة تعطيه أفضلية طول العمر حتى لو لم يفعل شيئا ذا قيمة بعد ذلك لا حزب سياسى ينخرط فيه ولا مهنة يحرص على اكتسابها، ويصبح السؤال لماذا تبدأ حياتك وأنت فى الخامسة والعشرين من عمرك كمرشح للبرلمان؟ ولماذا ليس فى المجالس المحلية ولا العمل الأهلى والتطوعى ولماذا أيضا لا تمتلك أولا حداً أدنى من الثقافة والمعرفة السياسية قبل أن «تفتى»، فثوار بالمصادفة أو بالمظاهرة عليهم أن يتعلموا مهارات وخبرات أخرى قبل ألا ينفع الندم.
وكان من بين الحاضرين شيخ وقور حرص منذ البداية على تهدئة المعارضين لنا والمؤيدين للدستور وهو الشيخ أيمن شوقى الذى لفت أنظار الجميع باحترامه الشديد، وعلق على نقطة «تلتزم الدولة والمجتمع بالحفاظ على القيم المصرية الأصلية» بطريقة فى غاية الاحترام ولفت نظر الحضور بأخلاقه الإسلامية الرفيعة، وهدوئه ومناقشته الموضوع بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا حرف يتهم فيه المصوتين بلا للدستور أنهم علمانيون يكرهون الإسلام أو أن من سيصوتون بنعم هم المدافعون عن شرع الله.
سيظل هذا المؤتمر نموذجاً لوضع مصر الصعب فرغم ما شابه من توتر وكثير من مظاهر عدم احترام الرأى الآخر وبعض الفوضى، فإن إقامته فى حد ذاتها نجاح، واكتماله دون سباب أو ضرب أو دماء يعتبر نجاحاً أكبر، لأن ما شهدناه فى الفترة السابقة يدل على أن أداء النخبة كان أسوأ بكثير من الناس، وأن الشعب المصرى أثبت أن لديه طاقة تحضر إذا وظفت بشكل صحيح ستخرج أفضل ما فيه.
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"