توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القاهرة ليست دبي

  مصر اليوم -

القاهرة ليست دبي

بقلم - عمرو الشوبكي

قوه مدينة القاهرة وسحرها ليس في مبانيها الجديدة ولا في ناطحات سحاب نسمع عنها في داخل العاصمة الإدارية وخارجها، إنما في معمارها القديم، أي في قاهرة المعز الفاطمية، والقاهرة الخديوية الحديثة، ومعظم المباني التي شيدت في بدايات القرن الماضي في أحياء مثل الزمالك وجاردن سيتي وشبرا وباب الشعرية والحلمية والعباسية ومصر الجديدة وغيرها، ويمارس بحقها تدمير ممنهج يقضي على تاريخها ورونقها.

لا أحد ينكر أن الأحياء والمدن الجديدة أمر طبيعي في بلد يزداد عدد سكانه بدرجة مخيفة مثل مصر، فكما شهدنا في عهد عبد الناصر إنشاء أحياء مثل مدينة نصر وجانب من حلوان ومصر الجديدة، وشهدنا في عهد مبارك إنشاء مدينة 6 أكتوبر والتجمع الخامس، وشهدنا في عهد السيسي إنشاء العاصمة الإدارية كل ذلك أمر طبيعي مع زيادة عدد السكان، أما ما بناه الآباء والأجداد فهذا هو سر قوة القاهرة الحقيقية وعنصر تميزها الرئيسي عن مدن كثيرة حولنا، وإن الحفاظ عليها أهم مائة مرة من بناء حوائط أسمنتية وأبراج قبيحة.

القاهرة غير مؤهلة أن تكون دبي، والأخيرة لا يمكن أن تصبح القاهرة، فدبي التي قال لنا الأستاذ جميل مطر إنه حين اصطحب الأستاذ هيكل بعد خروجه من الأهرام عام 1975 في رحلة لإيران، ذهبا في البداية إلى الإمارات، ولم يكن في دبي فندق للبيات فيه وذهبا إلى فندق في الشارقة.

انقلبت الصورة الآن وأصبحت دبي مركزا تجاريا عالميا مليئة بكل أنواع الفنادق، وناطحات السحاب، وانشأت البرج الأعلى في العالم (برج خليفة) وظهرت مولات هي الأكثر ثراء وتنوعا في الكرة الأرضية، ومستوي من النظافة مستحيل أن تجده في أي بلد في العالم إلا في سويسرا.

حداثة العمارة في دبي مذهله وتتفوق على نظيرتها الأوربية، ولأنها لا تمتلك تراثاً معمارياً قديماً، فالطبيعي أن تختار بناء المباني الحديثة من مولات وناطحات سحاب، لأنها شيدت على أرض صحراء وصنعت تاريخها وتميزها من خلال الحداثة أو كما قال مؤسس الإمارات الحديثة الراحل الكبير الشيخ زايد "سنجعل تراب الوطن ذهبا".

على عكس من دبي تأتي قوة القاهرة في تراثها المعماري العريق، ويبدو أن المسئولين في بلادنا لم يقل لهم أحد إن وسط البلد في مصر (القاهرة الخديوية) هو أكثر جمالا بكثير من نظيره في مدن كبري كثيرة، فميدان التحرير المصري والشوارع المحيطة به أكثر جمالا وبكثير من ميدان تقسيم الشهير في إسطنبول والشوارع المحيطة به، ويبقى الفارق أن في القاهرة أهمل وسط البلد تماما (رغم محاولات تجديده) في حين أنه جدد في إسطنبول وأصبح مركزا حضاريا وسياحيا.

أحياء القاهرة التي شيدت في النصف الأول من القرن الماضي هي كنوز معمارية حقيقية مثلها مثل العواصم الكبرى (باريس وروما ومدريد) التي يشكل الحفاظ على معمارها القديم الجانب الأكبر من سحرها، فالمباني القديمة والحواري والأزقة والأحياء الشعبية في المدن الأوروبية والتي كانت في بدايات القرن الماضي أماكن للجريمة والقبح أصبحت الآن بعد تجديدها طاقة جمال وجذب سياحي كبير.

علاقة المدن بذاكرتها وبتاريخها المعماري هو سر قوتها وجمالها، وهي أمور لا يفهمها تجار المقاولات الذي هدموا قصور الإسكندرية وأحياء كاملة في القاهرة، متناسين أن قوتها في أحيائها القديمة ويكفي أن نلقي نظرة على الجراج القبيح الذي تفتق ذهن المسئولين على بنائه مكان دار أوبرا القاهرة (احترقت عام 1971) لنكتشف حجم مسلسل القبح المستمر معنا.

بقي ميدان العتبة بأبراجه القديمة صامدا بعد تجديده وتجميله دون أن يستطيع نزع قبح جراج الأوبرا الشهير، وبقيت أسواق العتبة مهملة رغم اكتظاظها بالناس، وظلت مباني شارع الجيش حتى باب الشعرية نموذجاً نادراً لجمال معماري شعبي يتعرض كل يوم لهدم وتدمير غير متكرر في أي بلد بتاريخ القاهرة.

أحد معالم القاهرة التي تكررت محاولات نقلها من مكانها أكثر من مرة، وهي حديقة حيوان الجيزة التي تعد معلماً من تاريخ "القاهرة الكبرى"، ودهش الكثيرون من التناقض الذي طرحه اثنان من المسئولين أدليا برأيهما في هذا الموضوع، وهما اللواء محمد رجائي، رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، الذي قال لمصراوي إن كل ما أثير بشأن نقل حديقة حيوان الجيزة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، عار تمامًا عن الصحة، في حين لم ينف العميد راشد رحيم مدير حديقة الحيوانات إمكانية نقلها إلى العاصمة الإدارية واصفا تلك الخطوة بالرائعة لأنه ستكون هناك مساحات واسعة ويمكن الاستفادة من مياه الشرب هناك (لم يوضح كيف).

مجرد التفكير في نقل حديقة الحيوانات جريمة مكتملة الأركان وتعني أن مسئولينا لم يتعلموا شيئا عن ذاكرة المدن وتاريخها وحتى جاذبيتها وسحرها وتفردها بين مدن العالم.

لو بنينا في مصر 10 عواصم إدارية وشيدنا مكان أحيائنا القديمة أبراجاً وناطحات سحاب ومولات فلن ننافس دبي ولا الرياض ولا نيويورك ليس فقط لأننا دولة محدودة الموارد لا تستطيع ان تبني أبراجاً فخمة مثل دبي، إنما لأن سر قوة القاهرة وتفردها بين العواصم الكبرى في العالم هو معمارها القديم ومبانيها الأثرية فليتنا نعرف أن لدينا عاصمة تحمل تاريخاً معمارياً عظيماً، مطلوب فقط ألا نهدمه ونبني الجديد في صحراء مصر الواسعة.

نقلا عن موقع مصراوي

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القاهرة ليست دبي القاهرة ليست دبي



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon