بقلم - عمرو الشوبكي
لم أجد مبررا أو مكسبا واحدا يمكن أن يحققه تيار مؤيد أو معارض من تصريحات المستشار هشام جنينة حول وثائق مزعومة خارج البلاد تدين من أداروا المرحلة الانتقالية من أعضاء المجلس العسكرى.
وبدا الأمر صادما أن يقدم رجل مثل جنينة لديه تاريخ مهنى وأخلاقى نزيه ومستقل (لم ينتم فى أى مرحلة لتنظيم الإخوان كما يروج البعض بكل أسف) منذ أن عمل فى القضاء وحتى خرج من رئاسة الجهاز المركزى للمحاسبات- على قول مثل هذا الكلام.
لو افترضنا أن الرجل تحول وتبنى الرؤية الإخوانية فهل سيستفيد الإخوان أو غيرهم بالتلويح بوجود وثائق أو تسجيلات أو تسريبات؟ أم أن مثل هذه الأشياء قد يستفاد منها فى حال إذاعتها أو نشرها دون أن يلوح أو يهدد بها أحد؟.
فما معنى القول «معنا وثائق معنا وثائق»، هل هذا سيخيف أحدا؟ أم سيضر فقط بقائله، وهل سمعنا عن أحد من أبطال التسريبات (وليس طبعا المدعين والكاذبين) لوح بها أم أنه أذاعها على الجميع دون تهديد أو وعيد؟.
وإذا افترضنا أن هذه التسجيلات أو التسريبات موجودة فعلا فهل التهديد بإذاعتها هو الحل؟ أم سيضاف التهديد بها أو حتى إذاعتها إلى قائمة طويلة من الاتهامات المرسلة التى عرفتها البلاد فى السنوات الأربع الأخيرة حتى طالت الجميع بالحق والباطل؟.
المدهش أن هذه التسجيلات أو الوثائق المزعومة تخص المؤسسة العسكرية والمجلس العسكرى الذى لم يكن المستشار جنينة عضوا فيه ولا جزءا من هيئته الاستشارية، وليست له أى علاقة بأى خلافات كانت موجودة أثناء الإدارة السياسية للمرحلة الانتقالية، وبالتالى كيف يتحدث عن أمور كل معلوماته عنها سماعى ولا يوجد دليل عليها، خاصة أن الرجل الذى اختاره نائبا له، أى الفريق سامى عنان، محتجز للتحقيق فى مخالفات للقوانين العسكرية، فما دخل قاض كبير سابق مثل هشام جنينة بقضايا تخص المؤسسة العسكرية وفى نوعية من الأحاديث السماعية التى ليس عليها أى دليل؟.
يقينا توريط جنينة فى هذا الحوار الصحفى بهذه الطريقة يحسب عليه وعلى حسه السياسى ولا يدينه بالضرورة قضائيا، إنما بالتأكيد يدين الموقع الذى أجرى معه هذا الحوار وإصرار الصحفى على توريطه بأسئلة وإجابات يضعها على فمه حتى خرجت منه هذه الجملة.
تعبير «وثائق» تعبير خاطئ لأن مصر لم تفرج حتى هذه اللحظة عن وثائق حرب 56 ولا 67 ولا 73، ولا يوجد بها نظام للتعامل مع الوثائق بشكل قانونى وشفاف بأن ينص مثلا على الإفراج عنها بعد 50 عاما، فما بالنا بأمور لم يمض عليها 5 سنوات وأطرافها مازالوا أحياء وكان بين بعضهم خلافات عميقة ورؤى مختلفة؟، وهى، إن وجدت، لن تكون إلا تسريبات أو تسجيلات مردودا عليها، وليست وثائق كما قال جنينة.
أميل فى تفسير ما حدث إلى ما ذكرته هيئة دفاع المستشار هشام جنينة الذين تحدثوا بشجاعة عن أن الرجل كان تحت تأثير العلاج بعد الإصابات والصدمة النفسية التى لحقت به.
نتمنى للرجل السلامة وحقه فى محاكمة عادلة تراعى كل الظروف التى مر بها وخطأه الوارد، لكنه بالتأكيد ليس إرهابيا ولا محرضا على العنف ولا فاسدا.
نقلا عن المصري اليوم القاهريه