توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وماذا عن بناء الدولة؟

  مصر اليوم -

وماذا عن بناء الدولة

بقلم : عمرو الشوبكي

ما بين دعوة الإعلام إلى نشر فوبيا ضد إسقاط الدولة، والحديث عن أننا نعيش فى شبه دولة، غاب النقاش حول بناء الدولة، وكيف يمكن أن نتجاوز خطاب التخويف وعدم الوضوح وصناعة أعداء وهميين وأخطار ليست حقيقية، لصالح خطاب أكثر وضوحا يميز بين مَن هم خصوم النظام أو مخالفوه فى الرأى وبين أعداء الدولة والمتآمرين، ويحدد الإنجازات التى تمت دون مبالغة وحجم الصعوبات حتى يمكن مواجهتها ودرجة الإخفاقات حتى يمكن تصحيحها.

خطورة خطاب «فوبيا الدولة» ترجع فى الحقيقة إلى أن المفهوم نفسه لا يساعد فى حل المشاكل الحقيقية التى تواجهها مصر، وتتعلق من جانب بحال الدولة نفسها، والذى سبق أن وصفه الرئيس السيسى بـ«شبه دولة»، بما يعنى أن مشاكل الدولة أساسا من داخلها وترجع إلى سوء أدائها وترهل مؤسساتها، وأن الحفاظ عليها لن يتم بتخويف الناس من سقوطها، إنما بإصلاحها وتطويرها بخطط وتصورات ورؤية حتى تصبح قادرة على مواجهة التحديات، فلماذا إذن الفوبيا والتخويف؟

أما الجانب أو الخطر الثانى والأهم لخطاب «الفوبيا» فهو عدم وضوحه، فهو يحمل معانى غير محددة وفضفاضة، تدفع مدرسة من الإعلاميين وأشباه السياسيين والمطبلين إلى تحويل أى نوايا إيجابية وراء هذه الجملة- (كالحفاظ على مؤسسات الدولة، والوقوف صفا واحدا فى مواجهة الإرهاب وأى مؤامرة خارجية)- إلى مجال للصراخ والتواطؤ الفج مع أى تجاوزات أو جرائم، على اعتبار أن فتحها سيعنى تهديدا للدولة، وتصبح عملية مداهنة الفساد وسوء الأداء وإهدار دولة القانون من مسوغات فوبيا الحفاظ على الدولة لدى البعض.

نعم من حق الرئيس أن يقول إن هناك تهديدات تجرى حولنا، وإن هناك بلادا سقطت فيها الدولة، وعرفت فوضى وإرهابا، فهو ليس درسا فى الماضى إنما هو فى عز الحاضر، ولكن طريق الحفاظ على الدولة ليس بنشر الفوبيا، إنما بإصلاح مؤسساتها ونشر العدل والحفاظ على تماسك المجتمع ووقف انزلاقه نحو العنف والمواجهات الأهلية.

الحديث الدائم عن الدولة أدى إلى نسيان المجتمع، فالدولة لا يمكن أن تقوم على أنقاض الشعب أو بتجاهله، فهى لا تحرس نفسها ولا تقوم من أجل العاملين فيها أو للحفاظ على مصالح مؤسساتها، إنما من أجل حماية الشعب وخدمته، فالمجتمع المصرى يعانى انقساما ويعانى أزمة اقتصادية ويعانى غيابا للعدالة وإهدارا لدولة القانون، ويعانى من برلمان وصفه الأستاذ محمد سلماوى بأنه «الأسوأ فى تاريخ مصر»، ويعانى قهر بعض المؤسسات للمواطنين، حتى فهم البعض خطاب الرئيس على أنه شيك على بياض لهذه المؤسسات لتفعل بالشعب ما تريد.

إن الحفاظ على الدولة ليس فقط بمواجهة الأخطار الخارجية والمؤامرات، إنما أيضا بمواجهة سوء الأداء وانعدام الكفاءة وغياب المحاسبة، فلم تسقط دولة واحدة تنجز فى أى مجال، حتى لو فقط فى المجال الاقتصادى، إنما كل الدول التى سقطت عانت نظما استبدادية فى السياسة، وفاشلة فى الاقتصاد، ومنقسمة مجتمعيا، على عكس تجارب النظم الديمقراطية، فكثير منها تقدم فى كل المجالات، وبعضها يعانى أزمات سياسية واقتصادية، ولكن الدولة فيها غير مُهدَّدة، وهناك نظم تعددية مقيدة لا تعرف ديمقراطية كاملة، وتعانى أيضا مشكلات، ولكن الدولة فيها غير مُهدَّدة، رغم التعثرات والتحديات الكبيرة، وهناك دول لا تعرف من الأصل الديمقراطية، ولكنها تعرف قانونا ينظم كل شىء، ويُضفى قواعد حتى على الاستبداد، ويُعرِّف كل مواطن أين خطوطه الحمراء، وبالتالى ظلت الدولة راسخة.

كل هذه التجارب تعرف نظما سياسية يختلف حولها الناس، ولكن جميعها الدولة فيها غير مُهدَّدة وغير وارد سقوطها، ومؤسسات الدولة- أى الجيش والشرطة والقضاء والإدارة- تعانى مشاكل، لكنها غير مُهدَّدة بالسقوط أو الانقسام، ولا يتحدث فيها أحد عن فوبيا للحفاظ على الدولة، إنما عن خصوم محددين وعن أعداء وعن تحديات وخطط للعمل والمواجهة.

من المهم مراجعة هذا الخطاب السياسى الضّارّ بالدولة والمجتمع، خاصة أنه اتضح فى المؤتمر الأخير للشباب بالإسكندرية استيعاب الرئيس نوعية من الأسئلة المطالِبة بضرورة رفع الرواتب أو حديث عن سوئها، وهو ما سبق أن الرئيس لم يتقبله بحدة فى دمياط، بما يعنى أن هناك مراجعة فى أساليب التواصل واستيعاب الناس، ولا أفهم سببا واحدا فى عدم مراجعة مضمون الخطاب السياسى، ويحصل فى كل مرة، وبالمجان، على خصوم ومعارضين، قد يكون بعضهم متفقا على جوهر خيارات النظام ويختلف فى التفاصيل.

صحيح سيبقى هناك تيار ليس بالقليل معترض على جوهر سياسات الحكم وليس فقط على التفاصيل أو على الشكل والإخراج، وأن التعامل معه يجب أن تحكمه رؤية سياسية وفق الدستور والقانون وليس فقط الرؤية الأمنية السائدة.

لم يعد يسمع الناس كثيرا عن برنامج واضح لإعادة بناء الدولة بعيدا عن حديث المشاريع الاقتصادية الكبرى المثيرة للجدل، فإعادة بناء الدولة تعنى إصلاح مؤسساتها وخضوعها للرقابة والمحاسبة، لا أن تصبح أجهزة الدولة فوق قوانين الدولة نفسها وفوق المجتمع، ثم نطالب الإعلام بالتحريض على مَن يعارض سوء أدائها.

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

GMT 02:12 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«صاحبة الجلالة» ليست دائماً بريئة!

GMT 02:05 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرجيلة «حزب الله» وجمر إيران!

GMT 01:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

شرعية الإنجاز

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماذا عن بناء الدولة وماذا عن بناء الدولة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon