بقلم - عمرو الشوبكي
تكرر الحديث عن أهل الشر فى الخطاب الرسمى دون تحديد واضح، صحيح أن الرئيس تحدث فى أحيان كثيرة عن مؤامرات الإخوان وتهديدات الجماعات الإرهابية، والمؤامرات الخارجية التى تستهدف مصر، سواء من قبل الإعلام الخارجى أو من دول بعينها.
والحقيقة أنه لا يوجد نظام سياسى بلا خصوم ولا توجد دولة بلا تهديدات، إنما بالطبع تختلف طبيعتها وحدتها من مجتمع إلى آخر، فهناك جماعات العنف والإرهاب التى تعرفها دول العالم الديمقراطية وغير الديمقراطية، وهؤلاء من قوى الشر الذين يبصم عليهم الشعب قبل النظام، وهناك قوى سياسية تحمل آراء مخالفة لمن فى الحكم، وهؤلاء لا يمكن وصفهم فى أى دولة طبيعية (وليس بالضرورة ديمقراطية) أنهم أهل شر.
نعم قوى كثيرة تستهدف أمن مصر وسلامتها وليس فقط الحكم، وهناك إرهاب وعنف تعانى منه البلاد بمعدلات أكبر من معظم دول العالم، ويرى كثيرون أن هناك قوى محلية ودولية تدعمه، وهناك أزمة اقتصادية يحاول البعض استثمارها لتحقيق مكاسب سياسية رغم أنه يعرف أن لا بديل عن الإجراءات الاقتصادية التى اتخذت.
ومن الطبيعى أن يعتبر الحكم هؤلاء من الأشرار (أياً كان الرأى فى اللفظ)، إلا أنه فى نفس الوقت يجب عليه تحديدهم، لأنه هنا سيحدد معركته مع خصومه السياسيين وسيضع خطوطا حمراء للعبة السياسية لا تُترك للأهواء الأمنية، ويساهم فى إيقاف تلك الهستيريا المليئة بالخرافات والكلام الفارغ التى تبناها تيار من «المبايعين» فى التعامل مع قضايا الداخل والخارج لصالح كلام ينتمى للعقل والمنطق.
أخطر ما فى خطاب أهل الشر أنه يفتح الباب للموجودين أن يصولوا ويجولوا ويسحبوا حديثهم عن أهل الشر على الجميع بمن فيهم نوعية واسعة من عقلاء المؤيدين الذين لايزالون حريصين على تقديم أسباب منطقية وراء تأييدهم للحكم والرئيس ويحدثونك عن خواء المعارضة وضعف المجتمع وتهديدات الإخوان، وهؤلاء تواروا أمام ضجيج التطبيل وشعارات التخوين وأهل الشر.
لا يجب الإصرار على وصف خصوم الحكم وأعداء الوطن بأنهم أهل الشر، لأنهم فى الحقيقة كيانات وقوى معروفة، وبعضها يعلن خططه ويبث دعايته علنا ويتحالف مع دول أجنبية ويستثمر فى سلبيات وأخطاء تحدث، ويختلق أخرى، وبالتالى فإن مواجهتها ليس بتجهيلها، إنما فى تحديدها وتقديم حجج ومبررات سياسية تواجه ما تقوله هذه القوى علنا، بعيدا عن المبالغات المؤيدة والمعارضة على السواء.
كم مرة سمعنا عن توصيفات لعلاقتنا بدول فى الشرق والغرب مستوحاة من تعبير أهل الشر تنسى كل ما يقال فى الخطاب الرسمى نفسه عن سعى مصر للحصول على دعم هذه الدول اقتصاديا وسياسيا، ويدعوها للاستثمار والسياحة فى بلادنا، وفى نفس الوقت يصفها الموجودون بأنها قوى شر لأنها قالت تصريحا ضد انتهاك حقوق الإنسان، أو كتب فيها صحفى ينتقد ملف الحريات أو غيره.
الرأى المخالف يُرد عليه برأى آخر، وسياسات الدول الكبرى والصغرى التى يختلف معها يرد عليها بكلام سياسى واضح، كما يجب التمييز بين الأعداء والمعارضين، وعدم وضع أى رأى مخالف ضمن خانة أهل الشر التى تضر بالجميع.
نقلا عن المصري اليوم القاهريه