توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشعوب الحيةّ!

  مصر اليوم -

الشعوب الحيةّ

بقلم : عمرو الشوبكي

التظاهرات التى شهدتها الولايات المتحدة وعواصم عالمية كبرى، عشية تنصيب دونالد ترامب رئيسا، أكدت أن الشعوب مازالت حية، وأن نتائج الانتخابات التى يجب احترامها لا تعنى إخراج الشعوب من المعادلة السياسية، حين تدافع عن قيم عليا، لا أن «تتكعبل» فى تفاهات، وتتعايش مع الجهل والقبح والتخلف.

600 مظاهرة احتجاجية، داخل أمريكا وخارجها، ومليونيات مكتملة فى واشنطن ونيويورك وغيرها من المدن الأمريكية الكبرى، وأخرى فى لندن وباريس وروما وغيرها انتفضت فيها الشعوب ضد رجل اعتبرته يمثل تهديدا لقيمها ولمبادئ الديمقراطية التى حمت مجتمعاتها من الحروب والدماء.

ملايين الأمريكيين نزلوا الشوارع فى محاولة لردع الرئيس المنتخب عن الانحراف عما توافق عليه المجتمع من قيم أساسية. صحيح هو منتخب بشكل ديمقراطى. وصحيح أيضا أن هدف المظاهرات ليس إسقاطه، إنما الضغط عليه بالقول إن المجتمع بجمهوره الواسع ونخبته الملهمة لن يقبل بالعنصرية، ولا بإهانة المرأة، ولا بأى مساس بحرية الرأى والتعبير، ولا بطرد المهاجرين، سواء كانوا مسلمين أو مكسيكيين.

الشارع آلية ضغط كبيرة فى المجتمعات الديمقراطية، ولكنه لا يعنى بالضرورة امتلاك القدرة على تغيير توجهات صانع القرار، فالمظاهرات المناوئة للحرب الأمريكية فى العراق، والملايين التى نزلت شوارع بريطانيا بصورة غير مسبوقة لم تستطع منع بوش ولا بلير من غزو العراق.

صحيح أن تحرك الشارع هذه المرة مختلف، فالانقسام على قضايا داخلية يجعل أدوات الضغط والتأثير أكبر بكثير من القضايا الخارجية، وما شهدته الولايات المتحدة من مظاهرات حاشدة مشهد لم تره من قبل، لأنه جاء مباشرة عقب فوز رئيس فى انتخابات ديمقراطية، وبالتالى فإن الاعتراض ليس على إجراء أو موقف اتخذه، إنما على جوهر القيم التى يمثلها، والتى هى عكس ما آمن به الناس وترسخ فى نفوسهم على مدار عقود من احترام الديمقراطية والمساواة والعدالة.

الشعوب الحية قادرة على الرفض حين تشعر أن قيمها مهددة، أو أنها تهان أو يتم تجاهلها. حدث ذلك فى الغرب كما فى الشرق. وحدث فى مصر عقب ثورة يناير، حين خرجت الملايين فى الشوارع، احتجاجا على إخراجها من أى معادلة عقب تزوير انتخابات 2010 بصورة فجة ومهينة، وبعد أن شعر الناس بأن مشروع التوريث يجرى فى الظلام على قدم وساق، وكأن الوطن والشعب ليسا فى الحسبان.

لقد خرج الشعب المصرى فى 25 يناير دفاعا عن قيم مدنية لم يتبنّها كل الشعب، وغابت عن الثلث المعطل (النسبة التى سبق أن ذكرناها لدى قطاع من الشعب ضحية الأمية والعوز الاقتصادى والثقافة المتدنية) إلا أن رياحها وصلت للأغلبية الفاعلة فى المجتمع المصرى، فثارت، واحتجت، وأسقطت مبارك الرئيس غير المنتخب ديمقراطيا، ودلت على أن الشعب المصرى لم يمت ولايزال حيا.

صحيح أن ما جرى فى السنوات الثلاث الماضية ولأسباب كثيرة، منها ما يتعلق بطبيعة ثورة يناير نفسها، وأيضا بالحكم الذى جاء عقب الثورة- دفع قطاعا من الناس إلى التشكك فى القيم التى دافعوا عنها، بل حتى فى قدرتهم على الاختيار والتغيير، وأصبح هناك استسلام لسلطة الوصاية التى جاءت، عقب وصول الإخوان للحكم، والتى اعتبرت أن الذى فشل لم يكن فقط الإخوان، إنما الشعب الذى أوصلهم للسلطة (ولو بـ51%) فلا داعى لأن يكون للشعب أى دور فى الاختيار، وعليه ان يسلم أمره لمن يعرف مصلحته أكثر منه.

وراجت مفاهيم الشعب الجاهل (بعد أن كان عظيما وقائدا أثناء ثورة يناير) غير المهيأ للديمقراطية، واتخذت إجراءات اقتصادية جريئة وبعضها مطلوب، ولكن ثمنها كان فادحا على الناس، ومع ذلك لم يناقشهم أحد فى ضرورتها ولا فى البدائل التى تقدمها الحكومة للتخفيف عنهم، إنما شعارات عنترية واتهامات للمعارضين بالخيانة والعمالة.

ولكى تكتمل الصورة فلابد أن تكون صورة المؤسسات المدنية المنتخبة هزيلة لدى الرأى العام وحتى الرقابة على السلطة التنفيذية وفتح ملفات الفساد (قضية فساد القمح الذى كان البرلمان أول من فتح ملفاته)، التى أغلقت سريعا لصالح دور وحيد للأجهزة السيادية، وأطلق البلطجية على خلق الله، وانتهك الدستور والقانون وأحكام القضاء حتى تبدو النخبة المدنية فاشلة وبذيئة، وحتى يكون هناك مبرر لإقصاء الناس واستمرار سلطة الوصاية.

نعم «الثلث المعطل» خارج ثقافة الشعوب الحية، فهو سعيد بحاله ويردد ما يردده بعض الإعلاميين بأننا أسرنا قائد الأسطول السادس الأمريكى، وأن العالم يتآمر علينا، (وينسى أننا نطلب من هذا العالم كل يوم أن يساعدنا اقتصاديا وسياسيا، بل أن يقرضنا)، بل إن هناك من هو سعيد بوصول ترامب للسلطة رغم ثقافته الدينية التقليدية (ولو طلب تأشيرة دخول أمريكا ترامب، فلن يحصل عليها)، لأنه أصبح ضحية للتجهيل وثقافة الثلث المعطل.

ومع ذلك مازالت قيم الشعوب الحية موجودة داخل القطاع الأكبر من أى شعب، ومن هم على الضفة الأخرى من هذه القيم فى بلد مثل أمريكا لديهم أسباب لدعمهم ترامب، فهم يرون أن بلدهم غنى وقوى، ولذا هو مستهدف بالهجرة، فيطالبون بتقييدها، ويعانون من حوادث إرهابية، فوجدوا أن من قاموا بها مسلمون، فتصوروا أن الحل فى منعهم من دخول أمريكا، فى حين أن أعداء القيم الحية والشعوب الحية عندنا هم ضد أنفسهم أساسا، ولا ينتمون للخطاب المحافظ أو الوطنية المتشددة التى تشهدها دول متقدمة، رأت أن ثراءها يهدده الأجانب، أما عندنا فهم يدافعون عن الجهل والعوز الاقتصادى وعن قيم تكرس حالنا البائس.

المصدر: المصري اليوم

GMT 06:26 2018 الأحد ,27 أيار / مايو

ما وراء الجوع بإفريقيا

GMT 01:11 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

كندا تنقلب

GMT 11:48 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

أقوى جماعات الضغط الأمريكى!

GMT 06:52 2018 الخميس ,22 شباط / فبراير

عباس في مجلس الأمن... جديده وقديمه

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعوب الحيةّ الشعوب الحيةّ



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon