توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التأييد لا يعنى مسح العقول

  مصر اليوم -

التأييد لا يعنى مسح العقول

بقلم : عمرو الشوبكي

هناك دائما جماهير غالبة مؤيدة لكل النظم السياسية منذ عهد عبدالناصر مرورا بالسادات ومبارك وانتهاء بالسيسى، وفى كل المراحل كانت هناك رواية سياسية ما يلتف حولها المؤيدون، وحتى حين تراجعت السياسة فى عهد مبارك ظلت هناك حجج ما للتأييد تنتمى للمنطق والعقل.

فى عهد عبدالناصر دعمت الناس قائدا وزعيما حقيقيا امتلك مشروعا سياسيا متكاملا نجح وأخفق، وحارب الاستعمار بجد لأننا كنا بلدا محتلا، وواجه العدوان الثلاثى على ضفاف القناة، وإذا صادف أن وصف أعداءه بأنهم أشرار فإننا نعرفهم وفق تعريفات عصره بأنهم المسؤولون عن الاستعمار والرجعية، فخصومه محددون يعرفون لماذا يكرهون عبدالناصر، ومؤيدوه يقولون كلاما عاقلا فيه مائة سبب لتأييده، بصرف النظر عن الاتفاق والاختلاف مع ما قاله المعارضون والمؤيدون.

وفى عهد السادات عرفت مصر رواية «ساداتية» متكاملة نالت فى البداية تأييد قطاع واسع من المصريين حين استعاد الرجل بشجاعة سيناء عقب حرب ومبادرة سلام، ووقَّع مع إسرائيل اتفاقية سلام، وربط بين التسوية السلمية والرخاء الاقتصادى، وكان مؤيدو الرئيس السادات يتناقشون (حين دخلنا الجامعة فى نهاية السبعينيات) مع خصومه بحجج سياسية معروفة: لماذا الحرب من أجل الآخرين (العرب)؟ لقد حررنا أرضنا بدمائنا، وأفقرتنا الحروب المتتالية ضد إسرائيل، وأن دفاعنا عن القضية الفلسطينية سبب أزماتنا الاقتصادية!

وبصرف النظر عن موقف البعض من هذه المقولات، إلا أنها كانت وراءها أفكار سياسية ربما كانت حجر الزاوية، الذى قام عليها ما يمكن تسميته «مدرسة اليمين العربى»، التى دعت إلى حل الصراع العربى الإسرائيلى بالطرق السلمية، وتوثيق العلاقة مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وبناء نظام رأسمالى فى الداخل.

وحين تحركت كتلة حرجة من المصريين، رافضة استمرار حكم مبارك (30 عاما) فى ثورة يناير، ونجحت فى إسقاطه، رفض قطاع كبير من المصريين فكرة إسقاط مبارك عبر ثورة، وطالب البعض ببقائه حتى انتهاء مدته الرئاسية (فى سبتمبر من العام نفسه)، فى حين أيد الكثيرون الثورة، ولكنهم رفضوا ما جرى عقب تنحى مبارك من فعاليات ثورية ومظاهر للفوضى عرفتها البلاد على مدار 3 سنوات.

وفى كل الأحوال عرفت مصر نقاشا سياسيا حادا بين المؤيدين والمعارضين، لم يعكس دائما وعيا عميقا، وكان فيه أحيانا بعض الخداع، ولكنه فى النهاية حمل مضمونا عاقلا أعطى أملا بأن هذا البلد مازالت لديه فرصة للتقدم وبناء دولة القانون وقبول التنوع والأفكار المختلفة.

واللافت أن التحول الذى شهدته مصر عقب «30 يونيو» أعطى الحكم الجديد فرصة تاريخية لأن يكون هناك إطار سياسى لتيارين، أحدهما محافظ وتقليدى ومرتبط بالنظام الأسبق (نظام مبارك)، وآخر مدنى ديمقراطى تقدمى مرتبط بثورة يناير، وأيد رموز التيارين انتفاضة الشعب فى «30 يونيو» وتدخل الجيش فى «3 يوليو»، ومع الوقت غاب فكر التيارين من أى نقاش عام لصالح الكلام الفارغ، وتراجع دورهما بشكل لافت إلا مَن اعتادوا تأييد كل النظم وفقا لتوجيهات تُطلب منهم.

لقد تراجع حجم المؤيدين الطبيعيين الذين اعتدنا عليهم طوال تاريخ مصر المعاصر، وشهدنا نماذج مسخا من أصحاب العقول الممسوحة تردد كلاما فارغا وأكاذيب مضحكة حلت مكان اللغة السياسية التى كان يحملها نظام «30 يونيو» فى بدايته.

مُحزِن أن يكون جانب رئيسى من دعاية التأييد هو روايات عن أَسْر قائد الأسطول السادس الأمريكى، وعن 600 مليار دولار وجدها رجال القوات المسلحة فى جبل الحلال بسيناء، وعن رجال المخابرات البريطانية، الذين أُلقى القبض عليهم فى سيناء، وجاء وزير خارجية بريطانيا للإفراج عنهم، وكذلك فعلت المستشارة الألمانية «ميركل» أثناء زيارتها لمصر.

وانتشرت مؤخرا رواية أخرى- عشية زيارة الرئيس السيسى الأخيرة للمملكة العربية السعودية- تقول إن هناك صفقة لإنقاذ حكم الملك سلمان فى السعودية، بعد اكتشاف مصر مؤامرة دنيئة لقلب نظام الحكم فى المملكة العربية السعودية، لذلك كان اجتماع السيسى وسلمان، فى لقاء الإنقاذ والتراضى وتصفية الأجواء وترضية مصر، بضخ استثمارات بقيمة 27 مليار دولار، ومنحة 10 مليارات دولار لبناء مدينة رفح الجديدة، بـ10 آلاف وحدة سكنية و3 مستشفيات عالمية و3 مدارس و3 مساجد، بجانب منحة أخرى 10 مليارات دولار لبناء مدينة شرم الشيخ الجديدة وجامعة الاتحاد العربى للتكنولوجيا، وبناء قاعدة عسكرية مصرية فى جزيرة الفرسان السعودية جنوب البحر الأحمر، لحماية مدخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

مُحزِن أن نسمع كلاما سياسيا وخطابا متماسكا، أمس الأول، من ولى ولى العهد السعودى (أيا كان الاتفاق والاختلاف معه أيضا)، فى حين يردَّد فى مصر هذا الفهم والكلام الفارغ عن طبيعة العلاقة بين مصر والسعودية.

لم يحدث فى تاريخ مصر المعاصر أن شهدنا خطاب تأييد لنظام قائما على خرافات وقصص وهمية مجهولة المصدر تحتاج مستوى عقليا وفكريا شديد الضحالة، لكى تُصدَّق، حتى ربط البعض تأييده للحكم بترديد كلام فارغ عن المؤامرات اليومية، وعن انتصارات وبطولات وهمية، وغيَّبنا الكلام الجاد الذى يساعد على التقدم والنقاش المفتوح الذى يحترم التنوع.

خطورة هذا الكلام أن مُروِّجيه يعتبرون أن الشعب المصرى لا يستحق إلا الكلام الفارغ، فحشوا عقول البعض بخطاب تخلُّف حقيقى حتى تبقى البلاد على أوضاعها الحالية، فى حين أنه كانت هناك فرصة حقيقية للدفاع عن دوافع سياسية عاقلة دفعت قطاعا كان غالبا من المصريين إلى تأييد النظام الجديد، فى مواجهة معارضة مدنية أخرى اختلفت فى التفاصيل لا فى الجوهر، أما الآن فبات من الصعب تصور أن هناك نظاما سياسيا يمكن أن يستمر بنظريات المؤامرة والكلام الفارغ وتأييد أصحاب العقول الممسوحة، فمتى يغير من مساره ويصلحه؟

المصدر : صحيفة المصري اليوم

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأييد لا يعنى مسح العقول التأييد لا يعنى مسح العقول



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon