بقلم - عمرو الشوبكي
قابلت الأسبوع الماضى فى بيروت صديقى الباحث والكاتب اللبنانى «إيلى»، الذى لا يعرف جيدا مناطق وسط بيروت، لأنه يعيش فى المنطقة الشرقية ذات الأغلبية المسيحية.
وقد تعودت مع كثير من اللبنانيين، من السائق الذى يصحبنى من المطار حتى مثقفين وجامعيين، أن يتحدثوا عن مصر أكثر من لبنان، وعن قضايا الكون أكثر من مشاكلهم، وقضايا الإقليم: سوريا وتركيا وإيران والسعودية أكثر من الحديث عن أحزاب وطوائف لبنان (كمدخل تعرف منه توجه من هو معك).
أما فى المرات الأخيرة فسمعت حديثا مباشرا عن حزب الله أكثر من القضايا العربية والدولية، وتذكرت حديثا سابقا مع سائق لبنانى صحبنى فى زيارة سابقة من المطار حتى منطقة جبيل (مدينة ساحلية على بعد 45 كيلومترا من بيروت)، وأخبرنى أنه مسيحى من منطقة مسيحية وجوارها ضيع (قرى) سنية وشيعية، وقال إننا كمسيحيين لم نتعرض لأى اعتداءات ولا مذابح على يد الشيعة بشكل عام، وحزب الله بشكل خاص، على عكس ما فعلته تنظيمات سنية مارست ذبحا وقتلا وتكفيرا بحق المسيحيين فى أكثر من مكان، ودافع عن دور حزب الله فى سوريا لهذه الأسباب.
حديث «إيلى» كان مختلفا، ولكنه قدم قراءة خاصة أيضا لحزب الله، فنظراً لخلفيته البحثية والصحفية وعمله لفترة فى صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله، جعل موقفه من الحزب يتسم بالتوازن أيضا، حتى لو كان موقفه لا يمثل غالبية الصوت المسيحى.
وقد ذكر لى أنه اجتمع مع مجموعة من المسيحيين اللبنانيين الذين عبروا له عن استيائهم الكامل من هيمنة حزب الله على القرار السياسى فى لبنان، ورهن البلد بعلاقات الحزب الإيرانية. فرد عليهم بصورة لافتة قائلا: «لو قررت إيران أن تقطع مساعدتها عن حزب الله وتوقفت الأموال التى تدفعها له، فعليكم أن تذهبوا إلى إيران وتتوسلوا لها أن تستمر فى دعمها للحزب».
وطلبت منه أن يفسر ما قاله فرد: «إن فكرة وجود تنظيم محكم يدفع مصارى (أموال) لأعضائه ويعوضهم عن الوفاة أو الإصابة فى الحروب تعنى أن هناك جهة تضمن انضباط أعضاء الحزب وهم بعشرات الآلاف، وتوفر لعوائلهم رواتب وهم بمئات الآلاف، فماذا سيفعل لبنان مع هؤلاء، هل هو قادر على إيجاد فرص عمل بديلة لهم لو فرط تنظيم حزب الله؟!».
هذه الفكرة تناقش دائما مسألة وجود بنية تنظيمية تتفاوض معها وتضغط عليها أفضل من لا تنظيم، والبعض يشبهها بفكرة وجود دولة حتى لو مؤسساتها فاسدة ومترهلة فستظل أفضل من لا دولة.
هذا لا يعنى قبول صيغة حزب الله المهيمنة على القرار السياسى والعسكرى فى لبنان، والمهددة لأمن دول كثيرة فى المنطقة، إنما يعنى مناقشة البدائل العملية لتفكيك أو إضعاف الميليشيا المسلحة لحزب الله بصورة لا تهدد السلم الأهلى فى لبنان.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع