توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وإذا حكم الشعب

  مصر اليوم -

وإذا حكم الشعب

بقلم : عمرو الشوبكي

معادلة السلطة والشعب فى المجتمعات النامية معادلة صعبة، عادة ما تحكمها متضادات، أحدها يرفع شعار النضال من أجل حكم الشعب، والثانى يقول ضمنا أو صراحة إن الشعب جاهل غير قادر على الحكم.

ومع ذلك لم يستطع حاكم أن يتجاهل الشعب فى مصر، فجمال عبدالناصر، الذى لم يحكم بالديمقراطية، اعتبر الشعب هو القائد والمعلم وخاطب وجدانه ودافع عن حقوق الفقراء والمستضعفين، وحتى الرئيس السادات، الذى كانت سياساته محل خلاف مصرى وعربى، لم يتجاهل الشعب، ويتذكر الكثيرون كيف أصر- حين عاد إلى مصر، عقب توقيعه على اتفاقية كامب ديفيد- على أن يسير فى عربة مكشوفة فى شوارع القاهرة، حتى يثبت للعالم أن الشعب معه ويؤيد خطواته.

وظل زعماء مصر السابقون (ناصر والسادات ومبارك) يعتبرون أنفسهم يحكمون باسم الشعب، حتى لو كان هذا الشعب لا يحكم عمليا من خلال الأدوات السياسية والديمقراطية المعروفة، فلا أحزاب ولا تداول للسلطة ولا مؤسسات تستطيع أن تعارض الرئيس.

وجاء عصر إقصاء الشعب فى نهاية حكم مبارك، بعد أن تحول مشروع التوريث إلى خطة عملية تجرى فى جنح الظلام، واعتبرت شلة التوريث نفسها وصية على الشعب ولم تحسب حسابه، وزوّرت انتخابات 2010 بلا حياء ولا حدود، لأن هناك مَن قرر أن يختار نواب الشعب بدلا عن الشعب، وقال مبارك جملته الشهيرة للمعارضين: «خليهم يتسلوا».

جُرح الشعب المصرى فى كرامته حين تم إقصاؤه من أى حساب، ولذا لم تكن ثورة يناير- التى أسقطت مبارك ومشروع التوريث- مجرد حراك شعبى وانتفاضة للناس فى الشوارع، إنما كانت رد اعتبار للشعب، الذى لم يقبل قطاع واسع (حى ونبيل) أن يظل مُهانا ومُهمَّشا وخارج كل حسابات السلطة.

عاد الشعب بعد «يناير» رقما فى حسابات الجميع، وانتقل من حالة الشعب الخام- الذى ثار جزء منه على النظام الحاكم- إلى مجتمع، أى التجسيد الاجتماعى والسياسى للشعب، كما يقول علماء الاجتماع، ثم إلى نخب وأحزاب وتيارات سياسية تعود أصولها إلى واقع هذا المجتمع.

والمؤكد أن هناك رأيين أديا إلى نفس النتيجة: الأول أن مَن فشل عقب ثورة يناير هو الشعب، أو بالأحرى المجتمع فى تنظيم نفسه وفى وضع القواعد الحديثة لبناء دولة القانون، سواء كان هذا الفشل بسبب خطاب المراهقة الثورية أو أجندة الإخوان السرية أو ضعف النخب والأحزاب المدنية، والثانى أرجع الفشل إلى السلطة، ممثلة فى أداء المجلس العسكرى، والحقيقة أن كليهما نتاج المجتمع، وجاءا من تربة هذا الشعب، وأن مَن يتصور أن فشل السلطة منفصل تماما عن فشل المجتمع مخطئ، فهو يعكس فى جانب منه أزمة المجتمع، أى ضعف قدرته على تنظيم نفسه فى نقابات وجمعيات أهلية وأحزاب، بجانب انهيار التعليم وارتفاع نسبة الأمية (الثلث) والفقر وشيوع الفساد.

وإن جوهر رسالة يناير فى حكم الشعب بنفسه واختيار ممثليه فى انتخابات تشريعية ورئاسية اعتبرها قطاع واسع من الشعب مع مؤسسات الدولة العميقة، إنه «بئس الاختيار»، وإن حصيلة حكم الشعب عقب ثورة يناير كانت كارثة على الوطن والدولة، فكان لابد من العودة عن حكم الشعب، فشتم جزء من الشعب فكرة حكم الشعب بنفسه من خلال شتم ثورة يناير، وشيوع نظريات المؤامرة والحشو الإعلامى المعادى لأى عقل وتقدم.

ما جرى فى «يناير»، ثم فى «يونيو»هو معادلتان عكستا أزمة المجتمع المصرى، فالأولى كانت محاولة غير منظمة لحكم الشعب بنفسه بدون أى قواعد أو ضوابط تحدد مساره السياسى، والثانية كانت فى جوهرها رد فعل على الفشل الأول فى حكم الشعب بنفسه.

والحقيقة أن خبرة فشل المجتمع فى تنظيم نفسه تعطى دائما مادة حية ومبررا عمليا لأى سلطة لكى تقول إن الشعب غير مهيأ لحكم نفسه بنفسه، أى للديمقراطية، فالانقسام بين القوى السياسية وعجزها الكامل عن التوافق على أى مشروع سياسى دفع أحد أبرز رموز المعارضة الحالية، وهو السفير معصوم مرزوق، إلى أن يتحدث، فى مقال «الإخوة الأعداء»، عن طريقة تعامل شباب الثورة والقوى السياسية مع مبادرته لتوحيد صفوف المعارضة، وكيف أن هناك مَن شتمها، لأنها لم تضمن عودة مرسى للحكم، وهناك مَن رفضها لأنها لم تشتم الجيش، وهناك مَن اتهمها بأنها تفتح الباب لعودة الإخوان، والسؤال- وبعيدا عن حديث السيد السفير- عن اختراق الدولة العميقة لهذه النخب السياسية، لأن الصحيح هو فى أزمة هذه النخب بعيدا عن موقف النظام من هذه المبادرة.

والسؤال أو الحصيلة: هل يمكن أن يثق أغلب الناس فى قوى سياسية تدير خلافاتها بهذه الطريقة وهى خارج السلطة؟ وألا يمثل هذا الواقع- (بعيدا عمن المسؤول)- مبررا أساسيا لأى نظام حاكم لكى يقول ومعه جزء من الشعب إن هؤلاء غير مهيئين للحكم، وأن الأفضل أن تحكم أجهزة الدولة نيابة عن الجميع؟

ما لم نرَ أن هناك فشلا مجتمعيا وسياسيا، خلق تيارا شعبيا، مازال يرى أن الديمقراطية لا تصلح معنا لأسباب ثقافية واجتماعية وسياسية، فلن نتقدم للأمام، صحيح أن الحكم ذهب بهذه الفكرة بعيدا، وعطّل دولة القانون من الأساس، وأقصى الشعب من الحسابات، ولم يرحب بالمؤيدين، واستبعد المعارضين، وهو مشهد لم نرَه فى مصر طوال عهودنا الجمهورية السابقة، التى غابت عنها الديمقراطية، إنما حضر الشعب وحضر المدنيون الأكفاء فى صناعة القرار وإدارة الدولة، ولمعت أسماء مثل صوفى أبوطالب ورفعت المحجوب وفتحى سرور فى مقابل ما نراه الآن.

لم يُقْصَ الشعب إلا فى ظل مشروع التوريث المُجهَض بإرادة الشعب، ومشروع الجماعة والعشيرة المُجهَض أساسا بإرادة الشعب، والعودة الحالية إلى فكرة إقصاء الشعب والمجتمع من أى دور وحكم الأجهزة الأمنية بدلا منه- تحت حجة أنه فشل عقب «يناير»- لن تستطيع الاستمرار.

يقينا، معادلة مصر القادمة هى فى جسر بين حكم الشعب بنفسه على طريقة «يناير» وبين إقصاء الشعب على الطريقة الحالية، فالبداية هى ببناء دولة قانون ووقف المظالم وحكم عادل وشفاف كخطوة على طريق للديمقراطية وحكم الشعب.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وإذا حكم الشعب وإذا حكم الشعب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon