توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وعد بلفور الذى نسيناه

  مصر اليوم -

وعد بلفور الذى نسيناه

بقلم : عمرو الشوبكي

هى مفارقة لا تخلو من دلالة أن تمر ذكرى وعد بلفور على بلد مثل مصر دون أى حديث صحفى يذكر أو نقاش بحثى من أى نوع. فشهر نوفمبر من هذا العام هو تاريخ الذكرى المائة لرسالة وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور، التى كتبها فى 2 نوفمبر 1917، وأكد فيها أن حكومته ستبذل قصارى جهدها لإنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين.

صحيح أن وعد بلفور عبَّر عن نوايا غربية وبريطانية فى خلق دولة يهودية فى فلسطين ترتب عليها طرد وتهجير 750 ألف مواطن عربى فلسطينى من أرضهم، إلا أن الوعد لم يكن المسؤول الوحيد عن احتلال فلسطين، إنما جملة من العوامل كثير منها داخلى يتعلق بالأوضاع العربية نفسها وبأدائنا السياسى وتراجعنا الحضارى والعلمى على مدار قرن من الزمان. والحقيقة أن هناك ثلاث علامات كبرى مهم تأملها فى رحلة وعد بلفور الممتدة على مدار قرن من الزمان: أولاها أن الانحياز الغربى لإسرائيل يجب التعامل معه باعتباره معطى وليس اكتشافا ولا حجة للولولة أو تبرير الفشل الداخلى بممارسات الاستعمار وتحيزاته، إنما هو واقع ثقافى وسياسى أن أوروبا تضمن أمن إسرائيل وتحميها وأن الولايات المتحدة تكاد تعتبرها ولاية أخرى من ولاياتها الأمريكية، وأن فرص العرب فى الانتصار على إسرائيل ستكون أساسا فى ساحة المواجهة الحضارية والاقتصادية والسياسية وهو ما خسرناه بامتياز على مدار قرن من وعد بلفور.

أما العلامة الثانية فهى نجاعة التكتيكات الإسرائيلية وعجز التكتيكات العربية، فإسرائيل منذ إعلان مؤسس الصهيونية هرتزل فى القرن 19 بضرورة إنشاء دولة يهودية، مرورا بوعد بلفور فى القرن العشرين، وهى تضع لنفسها هدفا بعيدا هو احتلال أرض الغير وبناء دولة عبرية على أنقاضها، ولتحقيق هذا الهدف استخدمت تكتيكات الاستضعاف و«المسكنة» وغيبت الصوت العالى وبدت دائما وديعة تقبل بالحلول الوسط وتروِّج بأنها تقدم تنازلات يرفضها العرب، فقبلت بقرار التقسيم الذى رفضه العرب فى 1947، رغم أن هدفها النهائى هو احتلال كل فلسطين، وفى نفس الوقت قبلت بوسائل وتكتيكات تحقق جزءا من هذا الهدف حتى وصلت إلى أهدافها كاملة بالتدرج.

بالمقابل فإن الجانب العربى دشن المعلم الثالث فى رحلة وعد بلفور بأن قام فى أغلب الأحيان بعكس ما فعله الطرف الأقوى، أى إسرائيل، فالعرب اعتمدوا غالبا سياسة الصوت العالى والهتافات الزاعقة وخطاب التهديد والوعيد، وتكرار هدفهم الغائى، أى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر دون أن يبنوا وسائل أو تكتيكات ناجعة توصلهم لهذا الهدف.

لقد ظل الخطاب العربى منذ تأسيس إسرائيل وحتى هزيمة 67 خطاب الغايات القائم على عدم الاعتراف بالدولة العبرية ورفض أى تفكير فى بناء دولة فلسطينية على الأراضى التى لم تحتلها إسرائيل إلا عقب حرب 67، ولو كان ذلك قد حدث وقبل العرب بإنشاء دولة فلسطينية على أرض يسيطرون عليها بما فيها القدس الشرقية واعتبروا مثلما فعلت إسرائيل أنها دولة غير محددة حدودها (بما يعنى فتح الباب أمام الحلم العربى التاريخى ببناء دولة علمانية يعيش فيها العرب واليهود فى فلسطين التاريخية)، ولكنهم لم يناقشوا أصلاً فكرة وجود دولة فلسطينية على هذا الجزء من أرضها حتى فقدوه فى 67 وأصبحت الغاية هى بناء دولة فلسطينية ولو على أجزاء من هذه الأرض.

مائة عام من وعد بلفور كانت خسائر مؤلمة لنا، بعضها تتحمله بريطانيا والقوى الكبرى، وكثير منه نتحمله نحن، ومازلنا حتى هذه اللحظة نجتر نفس الأخطاء القديمة، فهناك من لايزال يتاجر بالقضية الفلسطينية ويعتبر، وهو الذى لم يطلق طلقة شاردة على إسرائيل منذ حرب 73، أنه نظام ممانعة ونضال، وهناك أيضا من يعتبر إسرائيل واحة الديمقراطية والتقدم ويتناسى أنها دولة احتلال استيطانى عنصرى. والحقيقة أن المطلوب هو وضع استراتيجية جديدة لمواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلى فى فلسطين وفى خارجها، وقطع الطريق على أدعياء المقاومة والنضال «الميكروفونى» برفض التحالفات التى يحاول أن يفرضها البعض بين دول عربية وإسرائيل، فمعركتنا معها ليست عسكرية، إنما هى معركة قانونية وسياسية تضع نصب أعينها هدفا رئيسيا أن هناك دولة احتلال ضربت بكل المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط، وأن ثنائية الاعتدال والممانعة التى قسَّمت زوراً وبهتاناً العالم العربى على مدار 40 عاما يجب أن تغلق، فلا الممانعون حاربوا وقاوموا، ولا المعتدلون جلبوا تنمية ورخاء.

100 عام على وعد بلفور تعنى ضرورة النظر فى المرآة لكشف أسباب التراجع والانكسارات، ولأننا لا نقرأ جيدا تاريخنا ولا نتعلم من أخطائنا فمرت ذكرى وعد بلفور على كل صحفنا المصرية ومعظم صحفنا العربية بتجاهل كامل ملفت وصادم، فى حين كانت هى حديث العالم كله شرقا وغربا حتى الصحف البريطانية تكلمت عن الوعد وعن الاعتذار عنه، وهو لن يتم إلا بالعدالة وبناء دولة فلسطينية مستقلة فى معركة جوانبها السياسة والقانون والإعلام.

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وعد بلفور الذى نسيناه وعد بلفور الذى نسيناه



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon