توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المنطقة الأخرى

  مصر اليوم -

المنطقة الأخرى

بقلم : عمرو الشوبكي

لم يكن حديث الرئيس السيسى، فى لقائه بالرئيس الفرنسى الأسبوع الماضى، عن المنطقة الأخرى المضطربة والأقل تعليماً وفكراً من أوروبا- حديثاً عابراً، حتى لو رفضه الكثيرون، إنما كان حديثاً كاشفاً لواقع جديد صارت تعيشه منطقتنا العربية، وأقرَّه أحد قادتها ومعه أيضاً تيار من شعوبها يرى أننا لسنا مؤهلين للديمقراطية، وأننا نعيش حرباً حقيقية ضد الإرهاب لا نحتاج فيها لخطاب حقوق الإنسان.

والمفارقة أن هذا الخطاب تلاقى مع رؤية تيار واسع من قوى اليمين المتطرف والقومى والمحافظ فى الغرب، الذى اعتبر أن هذه المنطقة Hopeless case ميئوس منها، وأنها فشلت فى أن تلحق بركب التقدُّم والديمقراطية وحتى تجارب الثورات العربية التى تفاءل بها الكثيرون انتهت إما بالفشل الكامل (سوريا وليبيا) أو التعثر (مصر) أو النجاح المتعثر (تونس)، وأن المطلوب الآن هو الحفاظ على دولها ونُظُمها حتى لو كانت استبدادية، بشرط ألا ترسل لأوروبا وأمريكا لاجئين أو إرهابيين، وتراجع أى حديث يذكر عن الديمقراطية وحقوق الإنسان لتصوُّر سائد بفشل هذه المنطقة الأخرى.

يقيناً هذه النظرة ليست فقط لدى تيار واسع من النخب والمجتمعات الغربية، إنما (وهذه هى المفارقة) يتبناها تيار شعبى واسع داخل مصر من كل الشرائح الاجتماعية، يرى أننا نعيش فى منطقة أخرى غير مهيأة للديمقراطية (لم يقل ذلك فقط الراحل عمر سليمان أو رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ولا الرئيس السيسى بالقول إننا لن نعرف الديمقراطية قبل 25 عاماً إنما قطاع يعتد به من الناس أيضاً).

والحقيقة أن حديث الرئيس عن المنطقة الأخرى واقعىٌّ فى جانب وصادمٌ فى آخر؛ لأن مصر اعتادت أن ترى زعماءها يشيدون بشعبها، من سعد زغلول ومصطفى النحاس حتى جمال عبدالناصر، ولا يزال الناس يتذكرون جملته الشهيرة عن أن «الشعب هو القائد والمعلم»، واعتز كل زعمائنا التاريخيين بالقوة الإيجابية الكامنة فى شعوب المنطقة الأخرى وتاريخها العريق، فى نفس الوقت فإن الإعلام المصرى الحالى لم يتوقف عن التغنِّى بأمجاد الماضى والإنجازات الاقتصادية الحالية، على عكس خطاب الرئيس الذى تحدَّث عن أنها منطقة أخرى مضطربة تختلف ظروفها الفكرية والثقافية والتعليمية عن أوروبا المتقدمة.

من المؤكد أن الرئيس السيسى كان من المستحيل أن يقول هذا الكلام منذ نصف قرن، سواء قبل انتصار أكتوبرأو بعده، وأن خطاب الهزيمة الداخلية بدأ يترسَّخ فى العقود الأربعة الأخيرة، وهو لا يخصُّ الرئيس وحده إنما أيضاً يخص أطيافاً متنوعة من المجتمع والتيارات السياسية التى تعلق أخطاءها على الشعب المأزوم فكرياً وحضارياً (ولا يتورع البعض عن استخدام تعبير «المتخلف»)، فمثلاً حين أيَّد تيار واسع من الشعب جماعة الإخوان المسلمين (لأسباب كثيرة لا علاقة بأغلبيتها بتخلف المجتمع) اتهمه الناس بالجهل والتخلف، وحين عاد نفس هذا الشعب، وأيدت غالبيته الساحقة تدخل الجيش بقيادة السيسى لإسقاط حكم الإخوان اتهم أيضاً بأنه متخلف و«عبيد البيادة» ويحب من يستعبده دون أى محاولة لفهم أسباب هذا الدعم الشعبى الكبير لعزل مرسى وجماعته.

معضلة المنطقة الأخرى الأقل تعليماً والمتخلفة فكرياً وحضارياً عن أوروبا أصبحت Trend (ترند) يتسابق فى ترديده نخب الغرب والشرق، وعكست واقعاً أليماً باتت تعيشه هذه المنطقة التى تعانى بالفعل من تعليم متدهور ومن قلة وعى ومن ضحالة فكرية وثقافية، ولكنها بالتأكيد لم تكن تعانى من هذه الأزمات بمعزل عن السياق السياسى الذى تعيش فيه أو بسببه فى كثير من الأحيان.

المنطقة الأخرى هى نتاج واقع ثقافى وتاريخى، ولكنها أيضاً نتاج نُظُم حكمتها، وشكَّلت هذه الحالة البائسة التى يعيشها كثير من مجتمعاتها، وواقع هذه المنطقة هو نتاج تفاعلات كثيرة محيطة به، وليس فقط أحكام قيمية مطلقة وساكنة لا تتغير بتغير النظم الحاكمة والأزمنة.

فمثلاً فى المنطقة الأخرى التى قال عنها الرئيس (وهو حقيقى) إنها تعيش واقعاً فكرياً وحضارياً وتعليمياً يختلف عن منطقتنا المضطربة عرفت من يتحدث فيها فى نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات عن أن إسبانيا والبرتغال غير قابلتين لبناء نظم ديمقراطية، لأن فى الأولى نسبة الأمية تصل إلى 15% والثانية إلى 20%، كما أنها شعوب كاثوليكية متعصبة، والدين مهيمن على ثقافة شعوبها، بصورة تجعلها غير قادرة على تقبل النظام الديمقراطى لأسباب لها علاقة بالوعى والثقافة والتعليم.

ما جرى فى البلدين اللذين صارا بعد ذلك من الدول الأوروبية المتقدمة والديمقراطية تكرر فى مجتمعات كثيرة مثل أمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، حين كانت تصف مجتمعاتها أيضاً بأنها غير قابلة للديمقراطية والتقدم، نتيجة تخلفها الحضارى والفكرى، ولكنها صنعت تقدمها بإرادة حكامها ونظمها السياسية.

إن قضية المناطق الأخرى يجب ألا يكون لها علاقة بنظريات الشعوب المتخلفة لأسباب «جينية» نتيجة أصلها العرقى أو الدينى أو الثقافى أى لأسباب خلقية، إنما هى أزمة مؤسسات دول ونظم سياسية تسهم فى تشكيل وعى المجتمعات وقدرتها على التغيير، دون أن تغيب أيضاً مسؤولية هذه المجتمعات وفاعليها السياسيين عن إحداث هذا التقدم.

الرئيس السيسى تحدث عن واقع «المنطقة الأخرى»، واختار جمهوراً غربياً يرتاح لهذه الرؤية، خاصة فى الوقت الحالى، وتبقى مهمة تغيير واقع المنطقة الأخرى مسؤولية من فى الحكم أولاً ومجتمعاتها ثانياً.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنطقة الأخرى المنطقة الأخرى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon