بقلم : عمرو الشوبكي
4 عمليات إرهابية غادرة فى 4 أيام متتالية سقط فيها أكثر من 30 شهيدا فى العياط والقليوبية، ثم كمين البرث فى سيناء، وأخيرا العريش، ومسلسل سقوط الشهداء ينزف فى قلب الوطن.
إن سقوط شهداء وهم يقومون بواجبهم فى حماية الأرض والشعب والوطن، وفى مواجهة عصابات الإرهاب، أمر مؤلم على نفس كل مصرى سوى، ولكن بكل أسف مازلنا بعيدين عن حصاره وهزيمته، ولا نقول القضاء الكامل عليه، لأن الإرهاب أصبح من جانب ظاهرة عالمية، ومن جانب آخر، هو موجود فى النظم الديمقراطية والاستبدادية، بما يعنى أن الديمقراطية لن تملك عصا سحرية تنهى الإرهاب، ولا أن الاستبداد هو العامل الوحيد الذى يساعد على انتشاره، إنما يقينا النظم الكفئة والشفافة والتى تحترم شعوبها وتنتفض بالعلم والسياسة وحسن الأداء لدماء شهدائها هى القادرة على حصار الإرهاب.
ومع كل حادثة إرهابية تبدأ نوعية من الإعلام الموجه فى تكرار ما تقوله كل مرة بضرورة إعدام الإرهابيين ومن ساعدوا الإرهابيين، حتى وصل الأمر للمطالبة بضرب غزة، لأن هناك 4 إرهابيين تسللوا من هناك، بل نشرت بعض المواقع التى تتمسح فى الجيش والرئيس خبرا كاذبا يقول إن الطائرات المصرية تضرب عمق غزة، وهو أمر لم يفعله إلا جيش آخر دولة احتلال فى العالم، وهو الجيش الإسرائيلى، وسيكون مطلوبا بعد ذلك دك حى قاهرى أو صعيدى، لأنه خرج منه إرهابى أو اثنان، وهو نفس منطق نظم الخراب التى دمرت أوطانا وشعوبا فى العالم العربى.
لم يدافع مواطن مصرى طبيعى عن الإرهاب، ولم يبرر أحد جرائم الإرهابيين، إنما مواجهته لن تكون بالأغانى الوطنية والهتافات اليومية أو بتوسيع دائرة الاشتباه حتى شملت شعبا بأكمله (الشعب الفلسطينى)، وحتى حماس المتهمة فى تواطؤها مع الإرهابيين ودعمها للإخوان، فإن الدولة المصرية، عبر أجهزتها السيادية (وليس عبر نخبة سياسية)، هى التى دشنت التنسيق الأمنى مع حماس، وتم الاتفاق على عمل منطقة عازلة بطول 12 كيلو مترا على الحدود بين الجانبين المصرى والغزاوى.
مشكلة معركتنا ضد الإرهاب التى لم ننتصر فيها أنها تصيب برذاذها الجميع إلا البيئة الحاضنة للإرهاب، فتكتفى بتحميل قطر وتركيا وحماس المسؤولية، وهؤلاء جميعا قد يكونون متورطين فى دعم الإرهاب فى مصر، والأولى متورطة بالتأكيد فى دعم الإرهابيين فى ليبيا وعبر بعضهم الحدود إلى مصر، إنما نحن مطالبون بمواجهة أسباب الإرهاب فى الداخل أو البيئة الحاضنة للإرهاب والقادرة على فرز عناصر إرهابية جديدة كل يوم.
إن معركة مصر ضد الإرهاب ليست فقط مع العصابات الإجرامية التى ترفع السلاح وتروع الأبرياء وتقتل رجال الجيش والشرطة، إنما مع البيئة الاجتماعية والسياسية المحيطة التى جعلت انتشاره واقعا حقيقيا، وهذه البيئة قد تكون مظالم سياسية أو مجتمعية أو علاقة ثأرية مع الدولة أو تضامنا قبليا وعائليا أو تضررا اقتصاديا فادحا أو بيوتا هدمت أو قريبا قتل دون أن يعوض أهله، أو أوضاعا إنسانية مأساوية يعيشها الكثيرون، وخاصة فى سيناء، كل هذه الجوانب لابد من فتحها ومناقشتها لا إخفائها بهتافات ترفع كل يوم ويدفع ثمنها خير رجال هذا البلد.