بقلم - عمرو الشوبكي
قد تكون مفارقة لا تخلو من دلالة أن يصادف إجراء انتخابات الرئاسة الروسية والمصرية فى نفس الأسبوع، فى ظل وجود بعض التشابه بين النظام السياسى فى كلا البلدين، رغم الفارق الكبير فى مستوى التقدم الصناعى والعسكرى بين البلدين.
فى روسيا تلعب الأجهزة الأمنية دوراً كبيراً فى إدارة المشهد السياسى والإعلامى وهو ما يعتبره كثيرون نفس الحال فى مصر، خاصة أن كلاً من بوتين والسيسى يأتيان من خلفية مخابراتية، وأن كثيراً من المؤسسات الخاصة فى كلا البلدين يدار بواسطة أجهزة أمنية وسيادية.
النظام السياسى- الروسى لا يصنف فى أدبيات العلوم السياسية كنظام ديمقراطى ولا نظام ديكتاتورى، إنما كنظام تعددية مقيدة أى يسمح فيه بهامش سياسى للمعارضة للتعبير عن الرأى دون أى قدرة على تغيير النظام الحاكم بالوسائل الديمقراطية والانتخابات.
ويجرى التمييز بين نظم التعددية المقيدة وفق قدرتها على الإنجاز والاحترافية والإدارة السياسية الفعالة وأيضا الفرص التى تعطيها للتحول الديمقراطى.
وإذا كان النظام الروسى لا يعطى مؤشرات حالية للتحول الديمقراطى مثلما هو الحال فى مصر، وبالتالى فإن تقييمه يكون على ضوء العوامل والاعتبارات الأولى (الإنجاز والإدارة)، وهنا سنجد أن إدارة الانتخابات الروسية كانت أكثر كفاءة ومصداقية بما لا يقارن بنظيرتها المصرية رغم أن جوهر النظامين واحد.
لقد حصل الرئيس بوتين فى الانتخابات الأخيرة على 76%، فى حين حصل منافسه، المنتمى للحزب الشيوعى، على 12%، ووزعت باقى الأصوات على مرشحين ستة من اليمين إلى اليسار، وبلغت نسبة المشاركة فى العملية الانتخابية 68%.
والملاحظ أن بوتين حصل فى انتخابات 2012 على 63% من أصوات الناخبين، فى حين حصل نفس منافسه (جينادى زيجانوف) على 18% من أصوات الناخبين.
والحقيقة أن الانتخابات الروسية محسومة نتيجتها سلفاً لصالح الرئيس مثل مصر، وهى لم تحل دون أن تشهد فى الأولى منافسات بين مرشحين حقيقيين يعبرون عن مدارس فكرية وسياسية موجودة داخل روسيا وليسوا «كومبارس» أو مكلفين بالترشح، حتى لو كانوا يعلمون مسبقا أن نتيجة الانتخابات الروسية محسومة لصالح بوتين.
ولقد تابعت فى اليومين الماضيين قناتى روسيا اليوم، الناطقة بالإنجليزية، وفرنسا 24، الناطقة بالفرنسية، ووجدت أن إدارة الانتخابات الروسية بهذه الطريقة أعطت لمؤيدى بوتين مبررات سياسية منطقية للدفاع عن العملية السياسية والانتخابية (وليس بالكلام الفارغ الأهبل)، فمثلا قدم أحد كبار الصحفيين الروس (يتحدث إنجليزى وفرنسى بطلاقة لافتة) مبررات عاقلة لأسباب ارتفاع نسبة التصويت لصالح بوتين، واعتبر أن ذلك بسبب دفاعة عن كرامة الشعب الروسى، وفرض على الغرب احترام روسيا وعدم تجاهلها، ولكنه أضاف أن ذلك لن يكفى بوتين فى الست سنوات القادمة، ولابد أن يجد حلولاً لمشكلات البلاد الاقتصادية والسياسية. ودلل آخر على أن حصول بوتين على 76% من أصوات الناخبين هو رسالة للدول الغربية بأن نظرية أنهم ليسوا ضد الشعب الروسى إنما ضد بوتين قد سقطت لأن الشعب معه.
كان هناك منطق سياسى يمكن الاتفاق والاختلاف عليه حكم مشهد الانتخابات الروسية على خلاف المشهد المصرى الذى لا يمكن لتيار واسع من عقلاء المؤيدين أن يبرر للداخل والخارج نتائج انتخابات يحصل فيها الرئيس على 98% مهما كانت شعبيته
نقلا عن المصري اليوم القاهرية