توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معادلات الوضع القائم

  مصر اليوم -

معادلات الوضع القائم

بقلم : عمرو الشوبكي

معادلات الوضع السياسى القائم فى مصر لا يمكن اختزالها فى نظام غير ديمقراطى أو أداء محدود الكفاءة معدوم الخيال أو أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، إنما هى معادلة متكاملة لم تهبط علينا من السماء إنما هى نتاج واقع محدد أفرزها وجعلها تمثل لدى كثيرين طوق نجاة من معادلات أخرى، بدَت أكثر سوءًا وأقل ثقةً.

والحقيقة أن معادلة الحكم الحالى تقوم على إلغاء كامل للحياة السياسية والمدنية، حتى الشكل الذى جرت مراعاته لفترة طويلة من عهد مبارك لم يعد موجودًا، على اعتبار أنه لم ينتج عن هذه الحياة إلا سلبيات، وحين أتيح لها فرصة قيادة زمام الأمور فى البلاد، عقب ثورة يناير، أنتجت فوضى الشارع والفعاليات الثورية، وأوصلت الإخوان للحكم.

فلو تخيلنا أن الحزب الوطنى نجح يوم 28 يناير 2011 فى حشد مليون شخص- ولا نقول ملايين- فى الشارع فى مظاهرة سلمية تحمل مطالب سياسية محددة أيا كانت، بدلا من حشد بلطجية موقعة الجمل، ولو كانت هناك قوى سياسية وحزبية معارضة قدمت بديلًا متكاملًا وخريطة طريق واضحة، عقب اندلاع ثورة يناير، فهل كان وزن القوى السياسية والمدنية سيكون بهذا الضعف فى معادلة ما بعد مبارك، ويفتح الباب أمام كل المعادلات غير الديمقراطية؟!

ضعف الأحزاب المدنية، وضعف المجتمع الذى أفرزها، وعجزها عن المبادرة فى نقابة أو جمعية أهلية أو اتحاد ملاك عمارة، اتضحت عقب ثورة يناير، ولم تستطع أى من القوى السياسية تقديم بديل حقيقى لغروب سلطة مبارك، فظهر وهيمن مشروع الإخوان القائم على تراتبية السمع والطاعة، والانضباط التنظيمى بسلطة الدين، والبيعة للمرشد، والعمل من أجل الجماعة والحلقة الضيقة لا الوطن والشعب.

إن تعثر الأحزاب السياسية المدنية، ونجاح الجماعة الدينية العقائدية جعلا معادلة السياسة فى مصر مختلة (هناك طبعا أسباب كثيرة لهذا الخلل، لا مجال للخوض فيها الآن، منها طبيعة نظام مبارك نفسه)، وجعلا قدرة هذه الأحزاب والتيارات المدنية على مواجهة نظام الإخوان شبه مستحيلة.

والحقيقة أن التخلص من حكم الجماعة تطلب تدخل مؤسسة أخرى منضبطة، تعرف بدورها تراتبية صارمة، ونظاما منضبطا فى تنفيذ الأوامر، وهى الجيش، وفى نفس الوقت لديها رصيد شعبى فى وجدان المصريين.

معادلة الحكم الحالى قامت أيضا على فكرة الانضباط والأوامر، حتى لو كان ذلك طبيعيا بالنسبة لأى جيش، لكن انتقاله إلى نمط فى الحكم والإدارة يعنى- ببساطة- تعثر ما هو سياسى ومدنى.

معادلة الوضع الحالى جاءت بعد أن لاحت فرصة أمام المجتمع المصرى، عقب ثورة يناير، أن يحكم نفسه بنفسه، وأصبحت هناك قناعة لدى كثيرين أن المجتمع إذا تُرك لحاله فسيَخرج إما إخوان أو حازمون فى مواجهة أحزاب مدنية ضعيفة، فطلب الشعب «مساعدة صديق»، وطالب بتدخل الجيش، فكانت 3 يوليو وترتيباتها.

لقد انتهى الحال بهذه الترتيبات بأن أقصت الجميع، واكتفت بوجود دائرة ضيقة للحكم، تقوم على رفض السياسة وعدم الثقة فى أى مبادرة شعبية أهلية أو نقابية أو سياسية أو ثقافية، باعتبار الشعب قاصرا يحتاج لسلطة وصاية.

وحين يكون هناك عجز فى قدرة القوى المنوط بها الوصول للسلطة (بصرف النظر عن الأسباب، لأنها لن تغير فى الواقع شيئا)، أى الأحزاب السياسية، على بناء مؤسسات أو تقديم بدائل، فلابد أن تظهر سلطة أخرى تسحب البساط من تحت أقدام من فشلوا، وتُعمّق هذا الفشل.

لقد شاهد الكثيرون أداء العديد من رموز القوى المدنية عقب تنحى مبارك، سواء فى علاقتهم ببعضهم، أو مع المجلس العسكرى بصورة جعلت كثيرا من القادة العسكريين يقولون: هل لهؤلاء سنسلم سلطة البلاد؟!

حين تعجز عن بناء مؤسسات مدنية (حتى لو كانت السلطة مسؤولة عن ذلك)، وحين تحول الديمقراطية إلى باب للفوضى والثرثرة والحوار لساعات فى كلام فارغ، فإنك ستجد من سيقول لك «اركن على جنب»، وسندير نحن البلاد بغير الطريق الديمقراطى، وعبر دائرة شديدة الضيق.

معادلة الوضع الحالى الأمنية العسكرية هى أقوى معادلة فى مصر الآن، فلا توجد أحزاب سياسية قوية أو مؤسسات مدنية نقابية أو أهلية مؤثرة، ولا إخوان نفعوا، أو ينفعون.

إن المعادلة الحالية كانت مرشحة أن تستمر لعقود طويلة، بقدر من الشراكة مع القوى السياسية والمدنية، ومع تواصل حقيقى مع الشعب، عبر أدوات سياسية مدنية غير أمنية، ووضع المجتمع كرقم، ضمن أرقام أخرى فى معادلة الحكم والسياسة فى مصر، ولكنها لم تفعل.

ومع ذلك، فرغم كل أصوات التطبيل التى تحاصر الناس من كل جانب، ورغم القبضة الأمنية التى لم ترَها مصر عبر كل نظمها الجمهورية، فهذه الطبعة من معادلة الحكم مستحيل أن تستمر.

يقينًا، بدائل مصر كثيرة، وأهمها تيقن الجميع فى داخل النظام (وليس بالضرورة دائرة الحكم الضيقة) أنه مستحيل أن تستمر الأوضاع السياسية والاقتصادية على هذا المنوال، فى ظل إقصاء غير مسبوق للشعب والمجتمع والمدنية والسياسة (حتى لو كان قطاع من هذا الشعب سعيدا بهذا الإقصاء).

ستبقى الميزة الوحيدة فى معادلة القوى الحالية، رغم كل التضييق الذى تمارسه على المجتمع، أنه مازالت هناك فرصة لكى تصلح نفسها من داخلها، بأن تحدث الخطوة الأولى، أى تنتقل من مجموعة حكم ضيقة إلى نظام فيه أجنحة وتيارات، ينفتح عاجلا أم آجلا على المجتمع والقوى السياسية، مهما يكن ضعفهما.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلات الوضع القائم معادلات الوضع القائم



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon